تشكل أزمة الإسكان في أوروبا مصدرًا للقلق الكبير، وتفاقمت بسبب سلسلة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية.
وقالت صحيفة لوموند الفرنسية، إنه رغم المخاوف من انهيار عقاري كبير بعد ارتفاع أسعار الفائدة في عام 2022، دخل سوق العقارات الأوروبي في مرحلة شبه ركود، تتميز بتباطؤ المبيعات ونقص البناء الجديد، وبالتالي وصلت الأسعار الآن إلى مستويات عالية تاريخيًّا.
وأضافت الصحيفة أنه وفي عام 2023، شهدت أسعار المنازل ركودًا أو حتى تراجعًا في العديد من الدول الأوروبية، رغم أن بعضها، مثل: إسبانيا، وإيطاليا، سجَّل زيادات طفيفة.
موضحة أن هذا الوضع الاقتصادي المتوتر، كان مقترنًا بزيادة أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي، وكان سببًا في جعل ملكية المساكن أكثر صعوبة بالنسبة للأجيال الشابة.
كما أسهم تأثير السياحة المفرطة في الأزمة، مع زيادة التحسين في المدن الأوروبية الكبرى، مثل: أثينا وفلورنسا، إلى ارتفاع الإيجارات؛ ما أجبر السكان المحليين ولا سيما الطبقات العاملة والمتوسطة، على مغادرة مراكز المدن لصالح السيّاح والإيجارات قصيرة الأجل.
وبحسب الصحيفة فإنه وفي بلدان مثل اليونان وإيطاليا، أدى ازدهار الإيجارات قصيرة الأجل، مثل "إير بي إن بي"، إلى تفاقم النقص في المساكن السكنية، حيث تواجه الجهود التي تبذلها الحكومة لتشجيع أصحاب العقارات على تجديد وتأجير المساكن السكنية، صعوبات، في حين تواجه تدابير مراقبة الإيجارات مقاومة سياسية.
وأشارت "لوموند " إلى أنه في ألمانيا والسويد، اسهمت أيضًا أنظمة البناء المعقدة في تفاقم الأزمة؛ ما أدى إلى نقص المساكن والمنافسة الشرسة على الإيجارات بأسعار معقولة.
لافتة إلى أن السياسات الرامية إلى تبسيط قواعد البناء وتشجيع بناء المساكن الجديدة تواجه تحديات سياسية وأخرى تتعلق بالميزانية.
وفي هولندا، كان صعود الشعبوية يعود إلى الصعوبات التي تواجهها الطبقات المتوسطة في العثور على سكن بأسعار معقولة، مع استغلال الأحزاب السياسية لهذه المشاكل، وعلى الرغم من وعود الحكومة السابقة ببناء المزيد من المساكن بأسعار معقولة، فإن الوضع لا يزال متوترًا مع عواقب غير مؤكدة على خطط السياسة المستقبلية.
وختمت الصحيفة بالقول، إن أزمة الإسكان في أوروبا هي نتيجة لمجموعة معقدة من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ ما يتطلب حلولًا مبتكرة ومنسقة لضمان الوصول العادل إلى السكن للجميع.