سفن تنتظر في مدخل قناة بنما
سفن تنتظر في مدخل قناة بنماأ ف ب

التغير المناخي يهدد النقل البحري ويقف عائقًا أمام العولمة

بعثت طرق تجارية جديدة الأمل والتفاؤل لدى شركات الشحن التجاري العالمية، لكن ذلك لم يلبث طويلًا، فقد منيت تلك الشركات بانتكاسة جديدة بسبب تأثير التغير المناخي على بعض تلك الطرق، لا سيما قناة بنما، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

واستعرضت الصحيفة الأمريكية، في تقرير لها، تأثير موجة الجفاف التي ضربت بنما، وتسببت في انخفاض مستويات المياه في الممر المائي المهم، ما أعاق حركة المرور في قناة بنما، التي تتعامل مع نحو 5% من التجارة البحرية العالمية، بما في ذلك ما يقرب من نصف الحاويات التي يتم شحنها من موانئ شمال شرق آسيا إلى شرق الولايات المتحدة.

وقالت الصحيفة إنه نتيجة موسم الجفاف الطويل، وانخفاض معدلات هطول الأمطار عن المعتاد، انخفض منسوب المياه في بحيرة غاتون التي تحتوي على إمدادات المياه اللازمة لتشغيل أنظمة قفل أو إغلاق القناة، وهو ما أدى إلى حدوث اضطرابات في سلاسل الشحن والتوريد.

وتسعى الحكومة البنمية جاهدة إلى هندسة إصلاح وإنقاذ القناة، التي ترفد خزينة الدولة بإيرادات تزيد قيمتها على 3.3 مليار دولار، ما يجعلها مساهما رئيسيا في الاقتصاد الوطني، وفق الصحيفة.

وأكدت "واشنطن بوست" أن احتمال استمرار الجفاف يثير تساؤلًا بالغ الأهمية، هو: إلى أي مدى يمكن تصميم حلول طويلة الأمد في مواجهة التغيرات المناخية الحتمية؟

أخبار ذات صلة
بسبب التغير المناخي.. أشهر مدن العالم تخوض "معركة الجرذان"

وأوضحت أن هذه المشكلة لا تعاني منها بنما وحدها، حيث لوحظت تحديات مماثلة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك حالات الجفاف التي تؤثر على طرق الشحن النهرية في غابات الأمازون المطيرة، ونهر الراين في أوروبا، فضلًا عن حالات الجفاف التاريخية التي تؤثر على نهر المسيسيبي في الولايات المتحدة.

غير أن نقطة ضعف قناة بنما تكمن في اعتمادها الكبير على المياه العذبة لتشغيل أقفالها، وبالتالي فقدان الكثير من هذه المياه في البحر في نهاية المطاف، بحسب الصحيفة.

واستطردت بالقول: "أما التدابير القصيرة الأجل، مثل ضخ المياه من بحيرة "ألاخويلا"، فقد توفر حلولًا مؤقتة، لكنها غير كافية لمعالجة المشكلة الأساسية، ما دفع الحكومة إلى البحث عن حلول جذرية أكثر، بما في ذلك بناء السدود على الأنهار، واستمطار السحب لتأمين إمدادات المياه المستدامة للقناة".

وقالت إن هذه التحديات تمتد إلى ما هو أبعد من بنما، مع ما يترتب على ذلك من آثار على التجارة والاقتصاد العالميين، وإن ذلك يأتي بينما تسهم الشكوك المحيطة بمستقبل القناة في زيادة التوترات الجيوسياسية القائمة أصلًا، ما يؤدي إلى تفاقم المخاوف بشأن استقرار سلاسل التوريد العالمية.

ومن غير المؤكد أن تتمكن بنما من التوصل إلى حل للأزمة في ظل التحديات الأخرى ــ بما في ذلك القوانين الحمائية الجديدة التي تنتهجها الولايات المتحدة، وتوتراتها المتزايدة مع الصين، فضلًا عن هجمات ميليشيا الحوثي التي تعيق التجارة عبر قناة السويس، ما يجعل من الجفاف في بنما إضافة جديدة إلى حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن مستقبل العولمة، على حد قول الصحيفة.

أخبار ذات صلة
تعرف على المدن المهددة بالغرق بسبب التغير المناخي

ولفتت إلى بعض طرق الشحن التي فُتحت في القطب الشمالي بسبب ذوبان الجليد، إلا أن الاعتماد على طرق بديلة يمثل تحديات لوجستية واقتصادية.

وبينت "واشنطن بوست" أن تأثير التغير المناخي على التجارة العالمية هو ليس فقط مصدر قلق اقتصادي، بل له آثار إنسانية أيضًا، موضحة أن انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الجفاف، وتشريد ملايين البشر في مناطق بالعالم، مثل القرن الأفريقي، يبرزان بوضوح التكلفة البشرية والإنسانية للتدهور البيئي المرتبط بتغير المناخ، ما يجعل من معالجة الأسباب الجذرية لتغير المناخ أمرًا بالغ الأهمية، ليس فقط من ناحية الحد من تأثيره على التجارة العالمية، ولكن أيضًا لمعالجة التحديات الإنسانية الأوسع نطاقًا، وتخفيف أثره السلبي على العولمة.

واختتمت الصحيفة بالقول إن الجفاف الذي أصاب قناة بنما كان بمثابة تذكير صارخ بالعواقب البعيدة المدى التي يخلفها تغير المناخ على التجارة العالمية، ما يؤكد الحاجة الملحة إلى العمل الجماعي لمعالجة هذا التهديد الوجودي.

وبعيدًا عن الإصلاحات الهندسية، تنوه الصحيفة إلى أهمية تضافر الجهود للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وبالتالي حماية استقرار طرق التجارة العالمية، ومعالجة التحديات الإنسانية الأوسع التي يفرضها تغير المناخ.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com