خبراء: تراجع الجنيه المصري ضرورة ملحّة لطفرة اقتصادية متوقعة

خبراء: تراجع الجنيه المصري ضرورة ملحّة لطفرة اقتصادية متوقعة

يرى خبراء اقتصاديون مصريون أن الخطوة الجديدة التي قطعها الجنيه المصري نحو التحرير الكامل مقابل الدولار الأمريكي، كانت "متوقعة وليست جديدة على السوق"، خصوصًا مع شروع الحكومة المصرية في إنهاء قرض صندوق النقد الدولي.

وأوضحوا، لـ"إرم نيوز"، أن "مصر ليست الدولة الوحيدة التي تراجعت عملتها مقابل الدولار خلال الشهور الماضية، فالتحديات التي فرضتها جائحة كورونا وما تلتها من أزمة الحرب الروسية الأوكرانية أجبرت بعض الدول على تخفيض عملتها بهدف الحفاظ على الاستثمارات الأجنبية وتفادي أي تأثيرات سلبية على اقتصادها".

كما أن التراجع لم يتوقف عند عملات الاقتصاديات الناشئة، مثل باكستان والسودان وتونس والجزائر ومصر، بل طال الأمر أقوى العملات كاليورو والجنيه الإسترليني، ولأول مرة يحققان انخفاضا أمام الدولار، بحسب الخبراء.

وأصدر البنك المركزي المصري بيانًا، صباح أمس الخميس، برفع معدلات الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، خلال اجتماع استثنائي، ليصبح سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة 13.25% و14.25% على التوالي.

ودلل البنك على ذلك الإجراء قائلًا، إنه "تم اتخاذ إجراءات إصلاحية لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو مستدام وشامل، وتحقيقًا لذلك سيعكس سعر الصرف قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى، بواسطة العرض والطلب، في إطار سعر صرف مرن".

وفور صدور القرار أخذ الجنيه في التراجع أمام الدولار ليستقر اليوم الجمعة عند نحو 23 جنيهًا مقابل كل دولار في البنوك المحلية.

إجراءات ضرورية

وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية بالقاهرة هاني جنينة، إن "قرار البنك المركزي المصري بالتحول إلى سعر صرف مرن كان ضروريًا؛ لأن الأزمات التي طرأت على السوق العالمي كان لها انعكاسات قوية على الاقتصاد المصري، والتعامل معها وفق الآليات المتاحة حاليًا قد يجنبها الاصطدام بما هو أشد".

وأوضح أنه "في حال لم تتخذ الحكومة هذه الإجراءات، كانت البلاد ستتعرض لاستنزاف جميع عملاتها الصعبة، إضافة إلى أن نقص الدولار لدى البنوك كان سيفاقم معدلات التضخم، والقطاع الصناعي كان سيصبح أكثر المتضررين"، وفقا لقوله.

وأضاف أن "الحرب بين موسكو وكييف أثرت بشكل سلبي أيضًا على مصادر النقد الأجنبي لمصر، وتحديدًا في قطاعي السياحة والصادرات، وأدت لخروج نحو 25 مليار دولار كأموال ساخنة في أقل من شهر، لذلك فالإجراءات التي اتخذتها الحكومة في هذا الصدد حتى الآن جيدة، وتوقع أن يكون مردودها إيجابي على الاقتصاد الكلي للبلاد".

انتعاشة مرتقبة للقطاع الصناعي

ورأى الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال المصري مجدي المنزلاوي، أن "قرار تحرير سعر الصرف يدعم وفرته في البنوك، ويعجل بانتهاء جميع القرارات الاستثنائية التي اتخذها البنك المركزي لتقييد عملية الاستيراد، وأبرزها قرار الاعتمادات المستندية والتي بدورها خلقت تحديات أمام العديد من القطاعات الاقتصادية".

وفي حديثه لـ"إرم نيوز"، أكد الخبير الاقتصادي أن "انخفاض الجنيه أمام العملات الأجنبية، ربما يؤدي إلى دخول استثمارات أجنبية جديدة لإقامة مشروعات صناعية في السوق المصري، وهذا أمر متوقع لكن مرهون بترويج الحكومة للفرص الاستثمارية المتاحة".

وأفاد المنزلاوي بأن "هذا التوجه يساعد البلاد على توطين الصناعات المستوردة التي تستنزف الدولار، ويعزز نمو الصادرات، ويُولد الآلاف من فرص العمل، وكل هذا سيسهم في تحريك النمو الاقتصادي للقاهرة".

وفي مطلع مارس الماضي، أوقف البنك المركزي المصري التعامل بمستندات التحصيل في عمليات الاستيراد والعمل بنظام الاعتماد المستندي بدلاً منها باستثناء 15 سلعة من السلع الأساسية، ما خلق أزمة لدى المستوردين لعدم قدرتهم على توفير العملة الأجنبية.

وأكد البنك المركزي في بيانه الصادر، أمس، أنه سيعمل على إلغاء الاعتمادات المستندية لتمويل الاستيراد في شهر ديسمبر المقبل؛ للتيسير على التجار والصناع.

القضاء على السوق السوداء

ومن جهته، قال المحلل الاقتصادي مدحت نافع، إن "الأهم أمام الحكومة في الوقت الراهن هو السيطرة على معدل التضخم من خلال دعم المصانع بمزيد من الدولار، لاستيراد مستلزمات الإنتاج بشكل سريع، وتوقع أن تحقق مصر ذلك بعد استقبال التدفقات النقدية للقروض والاستثمارات الجديدة".

وأعلنت القاهرة في 27 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء للحصول على تمويلات تصل قيمتها إلى نحو 9 مليارات دولار، بينها 3 مليارات دولار بشكل مباشر من الصندوق، إضافة إلى مليار دولار من صندوق الاستدانة التابع لصندوق النقد، و5 مليارات دولار من دول شريكة في التنمية ومؤسسات تمويلية مختلفة.

وقال الخبير الاقتصادي، أيمن العشري، لـ "إرم نيوز"، إن "انخفاض الجنيه مع زيادة أسعار الفائدة وطرح شهادات ادخارية بعوائد مرتفعة كان ضروريًا لمصلحة الاقتصاد المصري، متوقعًا أن يقضي هذا الإجراء على السوق السوداء لسعر العملة وعودة الدولار مرة أخرى إلى البنوك؛ وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على حركة الاستيراد".

وردًا على سؤال "إرم نيوز" حول الصعود المفاجئ للدولار، قال المحلل الاقتصادي المصري، الفاروق عبدالله، إن "الزيادة التي يشهدها الدولار الأمريكي أمام الجنيه حاليًا ناتجة عن حالة التذبذب في الشراء والبيع، لكنه توقع أن يستقر الجنيه خلال الأسبوع المقبل بين معدل الـ  20 و 22 جنيه كحد أقصى".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com