محللون يشككون في قدرة مصر على تنفيذ برنامج طروحات القطاع العام بالبورصة
محللون يشككون في قدرة مصر على تنفيذ برنامج طروحات القطاع العام بالبورصةمحللون يشككون في قدرة مصر على تنفيذ برنامج طروحات القطاع العام بالبورصة

محللون يشككون في قدرة مصر على تنفيذ برنامج طروحات القطاع العام بالبورصة

شكك محللون اقتصاديون في قدرة الحكومة المصرية على تنفيذ برنامج طروحات القطاع العام بالبورصة في الإطار الزمني المعلن، إذ لم يُطرح منه سوى 4.5 % من شركة واحدة ليلًا بشكل فاجأ الجميع، رغم مرور 21 شهرًا على الإعلان عنه، ولم يتبق سوى تسعة أشهر وتنتهي المدة المحددة للبرنامج.

ويتهم المحللون الحكومة بالتذرع بأسباب واهية لتأجيل الطروحات، مثل: انتظار التوقيت المناسب للطرح وقدرة السوق على استيعابها، قائلين إن "الطروحات هي التي ستنشط السوق وإن على الحكومة ألا تنتظر أن يحدث العكس".

وقال وائل عنبة، رئيس مجلس إدارة "رويال" لتداول الأوراق المالية: "التأجيل المتتالي للطروحات يضعف موقف الحكومة بشكل كبير ويفقد الثقة في البرنامج، خاصة أن هناك طروحات لشركات خاصة تحدث بالسوق".

وتساءل قائلًا: "إزاي القطاع الخاص بينجح ويغطي الطروحات والحكومة بتتحجج كل مرة بظروف واهية؟، كل ذلك يفقد الثقة في الطروحات وجودتها وخوفهم من الطرح.. لابد من قرار جريء... لن ينجحوا في الالتزام بالمواعيد التي أعلنوا عنها."

وكشفت الحكومة المصرية، في مارس/ آذار 2018، عن عزمها طرح حصص من 23 شركة بالبورصة، في إطار برنامج لجمع 80 مليار جنيه (4.98 مليار دولار) عبر بيع حصص أقلية في فترة تتراوح بين 24 و30 شهرًا.

ورغم انقضاء ما يصل إلى نحو 21 شهرًا من تلك المدة، لم تطرح الحكومة سوى 4.5 % من أسهم "الشركة الشرقية للدخان" في وقت سابق من العام الجاري فقط، وتم الطرح ليلًا في خطوة مفاجئة.

لكن اثنتين من شركات القطاع الخاص دخلتا سوق الأسهم هذا العام، إذ طرحت شركة" فوري" لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية، أكبر شركة مدفوعات إلكترونية في مصر 36 % من أسهمها في البورصة، في أغسطس/ آب الماضي، ولاقت إقبالًا كثيفًا من المستثمرين.

كما طرحت "راميدا" للأدوية 49 % من أسهمها في بورصة مصر، ليبدأ التداول عليها خلال الأسبوع المقبل.

وقال حسين شكري، مؤسس ورئيس مجلس إدارة "اتش.سي" للأوراق المالية والاستثمار: "الطروحات الحكومية من شأنها جذب مستثمرين جدد لما تقدمه من أوراق مالية جديدة وتعمق السوق مما ينتج عنه زيادة حجم التداول". وتابع: "أسباب التأخير قد تكون لها علاقة بحالة السوق في الوقت الحالي؛ ما يدفع الحكومة لتحين ظروف أفضل للطرح."

أسباب غير واضحة

لكن منى مصطفى، محللة الاقتصاد المصري في "عربية أون لاين"، ترى أنه "ليس هناك أسباب واضحة لتأجيل الطروحات الحكومية كل فترة وعدم الالتزام بأي مواعيد يعلن عنها.. ما تفعله الحكومة سلبي جدا ويعكس حالة من القلق للمستثمر".

وقالت: "من الواضح أن التوجّه الحكومي ليس تنشيط البورصة من خلال الطروحات ولا تعميق السوق ولا توسيع قاعدة الملكية في الشركات وهيكلة الإدارة، بل محاولة التخلص من بعض الأصول بالخصخصة دون الرجوع عليهم في المستقبل بإهدار المال العام".

وقال عمرو الألفي، رئيس البحوث في "شعاع مصر" لتداول الأوراق المالية: "كل مرة بنقول إن ظروف السوق غير مناسبة لكن بنلاقي شركات القطاع الخاص بتطرح.. لو كل شوية نقول إن الوقت مش مناسب يبقى الوقت عمره ما هيجي".

وتابع: "مفروض في بنوك استثمار بتساعد الحكومة في الطرح وهي نفس بنوك الاستثمار اللي بتطرح شركات خاصة بالسوق.. ليه مش بتطرح شركات حكومية.. هل هو قرار حكومي؟".

وتعيش البورصة المصرية حالة من الوهن وشح السيولة، في ظل غياب المحفزات وقلة عدد الطروحات بالسوق.

وقال محلل الاقتصاد المصري، بأحد بنوك الاستثمار الكبرى في مصر، طالبًا عدم نشر اسمه: "من الصعب نجاح الحكومة في الالتزام بالمواعيد التي حددوها مسبقًا لو استمروا في السير بسرعة السلحفاة كما هم حاليًّا... لكن لو حدث تغيير في الإستراتيجية قد ينجحون وينتهون من البرنامج وتحدث حالة من النشاط في البورصة."

وقال إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة "مباشر كابيتال هولدنج" للاستثمارات المالية: "السوق يحتاج شركات جديدة ذات ثقل نسبي، نستطيع من خلالها زيادة وزن البورصة المصرية في مؤشر إم.إس.سي.آي لجذب استثمارات وسيولة جديدة".

وأضاف: "الطروحات أصبحت ضرورة ملحة وليست رفاهية، كل طرح جديد سيأتي بمستثمرين جدد، مصريين وأجانب، وسيجذب سيولة جديدة... من الصعب طرح كل هذا العدد من الشركات في هذا الوقت الذي أعلنوا عنه."

وكان للبورصة المصرية، خلال السنوات القليلة الماضية دور هام في جذب الشركات لطرح حصص منها بالسوق من خلال إدارة متخصصة لديها، لكن دور تلك الإدارة تراجع في العامين الماضيين بشكل كبير.

3 شركات حكومية

وقال هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال المصري، الثلاثاء الماضي، بمؤتمر اقتصادي في القاهرة، إن "هناك ثلاث شركات حكومية جاهزة لطرح حصص منها ببورصة مصر، على أن تحدد بنوك الاستثمار المكلفة بإدارة العملية توقيت الطرح".

وتابع: "سيتم طرح 22-25 % من أسهم مصر الجديدة للإسكان والتعمير في الربع الأول من 2020."

وليست تلك المرة الأولى، التي تحدد فيها الحكومة مواعيد لاستئناف برنامج طروحات قطاع الأعمال العام، فقد سبق ذلك العديد من التصريحات الحكومية بمواعيد لم تلتزم بها، ولم تطرح خلالها أي شركات بذريعة أن الوقت غير مناسب للطرح.

وقالت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث ببنك الاستثمار "فاروس": "للأسف هناك تأجيل مستمر للطروحات لأنهم منتظرون الوقت المناسب، نحتاج لخطة لتنشيط السوق من خلال الطروحات الحكومية، لا أن تكون الحكومة هي من ينتظر نشاط السوق لتقوم بالطروحات".

وأضافت: "نحتاج طروحات لشركات جديدة، وليس طرح حصص من شركات موجودة ومقيدة أصلًا بالسوق، نحتاج لطرح جديد كل ربع سنة على الأقل في قطاعات بكر وبها نسب نمو عالية."

اهتزاز ثقة المستثمرين

وغيرت الحكومة إستراتيجيتها في الطرح أكثر من مرة، فبعد أن أعلنت في البداية عن طرح حصص من شركات غير مطروحة سابقًا وغير مقيدة بالبورصة، عادت وأعلنت أن الطروحات المقبلة ستكون ثانوية لشركات مقيدة بالبورصة من خلال بيع حصص أكثر منها للمستثمرين في السوق.

وقال عمرو غلاب، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب: "تأخر الحكومة في برنامج الطروحات يمكن أن يؤدي لاهتزاز ثقة المستثمرين بالسوق (...) قد تأتى نتائج الطرح على غير المأمول نتيجة التأجيل المتكرر لأسباب متعلقة بالسوق العالمي تارة وأسباب أخرى متعلقة بأوضاع السوق المحلي تارة أخرى".

وأضاف: "لا بد أن تعلن لجنة الطروحات الحكومية جدولًا زمنيًّا واضحًا ومحددًا جديدًا لبرنامج الطروحات.. عند التعامل مع سوق المال فإن الشفافية والوضوح يجب أن يكونا سيد الموقف".

وكان أول إعلان عن طروحات حكومية، في يناير/ كانون الثاني 2016، من خلال بيان صحفي من الرئاسة المصرية بالحديث عن طرح حصص من الشركات العامة في البورصة.

أما آخر طرح لشركات حكومية في البورصة، فكان عام 2005، حينما جرى بيع أسهم المصرية للاتصالات و"أموك" و"سيدي كرير" للبتروكيماويات.

وعندما سئل وزير قطاع الأعمال، هشام توفيق، في المؤتمر الاقتصادي بالقاهرة، الثلاثاء الماضي، عن أسباب تأخر الطروحات الحكومية وعدم قدرة الحكومة على الطرح: "يعني إيه عدم قدرة قطاع الأعمال؟".

وردًّا على سؤال حول وجود جدول زمني واضح للطرح من عدمه، قال توفيق خلال المؤتمر:  "لأ. في جدول... عند انتهاء طرح أول 5 شركات ستكون هناك قائمة أخرى بها 8 شركات."

وتابع: "هناك جدول وبه مراحل للطرح وهناك بنوك استثمار وسوق... قصة طويلة عريضة... احنا مش متحكمين لوحدنا... احنا بنقدم مقترحات الطرح وكونها لا تطرح ده مش (اختصاص) قطاع أعمال عام".

ويرى إبراهيم النمر، من "نعيم" للوساطة في الأوراق المالية، أن التقدم في ملف الطروحات من قبل الحكومة ضعيف جدًّا.

وقال النمر: الحكومة تسير بنهج "البيضة الأول ولا الفرخة".

وتساءل قائلًا: "هل الحكومة تنتظر أن يحدث رواج بالسوق لتطرح الشركات ولا المفترض أن طرح الشركات الحكومية هو ما سُيحدث الرواج بالسوق، أرى أن التوقيت حجة لعدم التنفيذ، من يريد التنفيذ بينفذ في أي وقت".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com