"جنون الفول" يدفع المصريين لتقليل استهلاكه والبحث عن بدائل لوجبتهم المحببة
أدت الزيادة التدريجية التي طرأت على أسعار الفول المصري (البلدي)، وكذلك المستورد، منذ بداية الشهر الجاري وحتى الآن، إلى بحث شريحة من المصريين وبعض المطاعم عن بدائل لامتصاص تلك الزيادة لحين عودة الأسعار إلى طبيعتها.
ولأن طبق الفول أساسي على مائدة الفطور في أغلب المحافظات المصرية، اضطر"خيري" إلى تقليل الكمية التي يشتريها إلى النصف بعد صعود سعر الفول البلدي رفيع الحبة إلى 27 جنيهًا للكيلوغرام.
خيري، الذي يسكن بمنطقة "القباري" في محافظة الإسكندرية، كان يشتري ما يقرب من 5.5 كيلوغرام فول بنحو 85 جنيهًا بداية العام، بواقع 15 جنيهًا للكيلوغرام الواحد، وهذه الكمية تكفي أسرته قرابة الشهر لتحضير أشهى المأكولات بالنسبة لهم، وهي الفول (المدمس، والنابت).
ويتراوح سعر الفول "السائب البلدي" في أسواق التجزئة بين 22 و25 جنيهًا للكيلوغرام، بينما يبدأ المعبأ من 24 وحتى 29 جنيهًا كحد أقصى، والتفاوت في الأسعار يرجع إلى النقاوة ونوع الحبة (عريض أو رفيع) والشركة المعبئة، في حين يسجل الفول المستورد 16 جنيهًا للكيلوغرام حاليًا، وفق متعاملين تحدثوا لـ "إرم نيوز".
وتنتج مصر نحو 40% من احتياجاتها للفول البلدي البالغة 480 ألف طن سنويًا، أي ما يعادل 190 ألف طن سنويًا، بينما يقدر استهلاك الفرد في مصر سنويًا بحوالي 60 كيلوغراما في العام، وفق معطيات رسمية.
واتفق عدد من الخبراء المعنيين بالقطاع في حديثهم لـ "إرم نيوز"، على أن أسباب ارتفاع سعر الفول تعود إلى "سماح الحكومة لشركات الحاصلات الزراعية بتصدير الفائض لديها، بجانب عوامل أخرى منها التغيرات المناخية في الدول المصدرة للسوق المصري".
تصدير الفائض
في حديثه لـ "إرم نيوز"، قال عضو شعبة الحاصلات الزراعية في غرفة القاهرة التجارية، عزت عزيز، إن "أسعار الفول البلدي شهدت استقرارًا لفترات طويلة عند 16 جنيهًا للكيلوغرام، لكن عمليات التصدير التي نفذتها شركات الحاصلات الزراعية مؤخرًا أدت إلى نقص المعروض في الأسواق، وبناء عليه ارتفع السعر عند المعدلات الحالية".
وأشار إلى أن وزارة التموين والتجارة الداخلية "سمحت لمجموعة من الشركات بتصدير نحو 10 آلاف طن من الفول شهريًا، وذلك في محاولة لتحريك السوق عبر تصدير الفائض".
واعتبر عزيز أن "التوسع في شراء الفول المستورد خلال الفترة المقبلة سيؤدي إلى تحقيق توازن في الأسعار بشكل كبير، وقد يعود الفول البلدي إلى سعره الطبيعي".
وتمتلك مصر مخزونًا من سلعة الفول يكفيها لمدة 10 شهور، بحسب رئيس قطاع التجارة الداخلية في وزارة التموين، المهندس عبدالمنعم خليل.
توقعات بالتراجع
من جهته، توقع نائب رئيس شعبة الحاصلات الزراعية في غرفة القاهرة التجارية، عبور العطار، أن تتراجع الأسعار إلى معدلاتها الطبيعية عند 17 و18 جنيهًا للكيلوغرام، لكن ذلك مرهون بطرح أكبر كمية من الفول في السوق.
ولفت العطار إلى أن "الأحداث التي طرأت على السوق العالمي، وبالتحديد الحرب الروسية الأوكرانية، أثرت على وفرة الفول المستورد الذي يستخدمه أغلب المطاعم وعربات الفول"، مؤكدًا أن "انحسار تلك التداعيات يبشر بانفراجة كبيرة في سوق البقوليات بشكل عام".
من جانبه، قال سكرتير شعبة العطارة في غرفة القاهرة التجارية، محمد الشيخ، إن "تذبذب أسعار الفول صعودًا يتحكم فيه أكثر من عامل، مثل التغيرات المناخية التي ضربت الدول التي تستورد مصر منها الفول المدمس، وهي الصين وأستراليا وإنجلترا، وهذا أثر في إنتاجية المحاصيل فيها، وبالتالي انعكس على حجم الاستيراد".
تقليل التكلفة
أجبرت الزيادة الكبيرة في سعر الفول "خميس"، وهو صاحب مطعم "فول وطعمية" بمنطقة "الهرم" في محافظة الجيزة، على خلط الفول بمكونات أخرى حتى يتفادى زيادة سعر الطبق لزبائنه من العمال والموظفين، وفق قوله.
وتمثل المكونات التي يضيفها "خميس" إلى كمية الفول في مرحلة التسوية 25% فقط من الخبز، وكسر الأرز الذي يباع الكيلو منه بحوالي 10 جنيهات.
لكنه أكد قائلًا: "في حال طرأت أي زيادات سعرية جديدة على الفول، سيضطر إلى رفع سعر الطبق الذي يباع حاليًا بين 12و15 جنيهًا"، علمًا أن ( الدولار يساوي 24.52 جنيهًا) ويختلف سعر الطبق بحسب المنطقة الجغرافية التي يتواجد فيها المطعم.