السياسات الاقتصادية في السويد تعجز عن كبح ارتفاع الأسعار

السياسات الاقتصادية في السويد تعجز عن كبح ارتفاع الأسعار

يتصدر تسارع التضخم في السويد، المشهد الاقتصادي في البلاد، لا بل يشكل العبارة الأكثر تداولا في محركات البحث.

وسجل هذا التضخم الجامح حضورا بارزا على مؤشرات الترند والهاشتاغ الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، والتي كثيرا ما تحولت صفحاتها إلى ميدان تظاهر ضد السياسات الاقتصادية في السويد.

وكان معدل التضخم يرواح الشهر الماضي عند حدود الـ 9% وفقا لمقياس CPIF، وآنذاك كانت التنبؤات تشير إلى وصوله لنحو 9.4% في الوقت الحالي، لكنه وصل فعلا إلى حدود الـ9.7%، وهو أعلى رقم يصل إليه منذ عام 1991.

وتأثر معدل التضخم هذا بارتفاع أسعار المواد الغذائية ومنتجات الحبوب والمشروبات غير الكحولية، فيما تأثر أيضا بارتفاع أسعار الوقود والكهرباء بنسبة 9.5% عن سبتمبر الماضي.

القوة الشرائية تنهار

وشكلت هذه الارتفاعات في الأسعار صدمة كبيرة للمواطنين، وعبئا اقتصاديا قَصَمَ ظهر قوتهم الشرائية، وجعلهم يعتمدون على الاقتراض والتقسيط فيما يعادل 75% من مشترياتهم، بحسب دراسة أعدّها بنك SBAB.

ووفقا للدراسة التي أجراها المصرف السويدي، فإن محدودي الدخل من السويديين لديهم مشكلة كبيرة في تأمين موادهم الاستهلاكية اليومية، مشيرا إلى أن ثلث المدخرين في البنوك لديهم مبلغ أقل من 50 آلف كرونة سويدية في حساباتهم البنكية.

وقال ديميتريس أناست (28 عاما) سويدي يعيش في جوتنبرغ "ارتفعت معظم الأسعار إلى حد لم يعد يطاق، أصبحنا نعد ميزانية قبل الذهاب إلى المتجر وشراء حاجياتنا". 

وأضاف أناست الذي يؤيد حزب الليبراليين المسيحي الديمقراطي الحاكم "القلق يسود الشارع نتيجة صعوبة تأمين شؤون الأسر المالية، وأقرأ كل يوم دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر ضد السياسات الاقتصادية، لكنها لا تجد الصدى المطلوب بحجة أن الحكومة جديدة، ولم تتحرك بعد".

وزادت حدة الأزمة الاقتصادية على المواطنين بحسب أناست نتيجة تجاه عدد من شركات السكن إلى تحميل المستأجرين تكاليف إضافية، إذ زادت بعضها تكاليف الكهرباء بنسبة 60%، إضافة لمطالبات من مالكي العقارات بزيادة مبلغ الإيجار نحو 20%.

وختم الشاب حديثه "نعلم أنها تداعيات الحرب، لكن على الحكومة إيجاد الحلول، وتفادي الحلول والقرارات الخاطئة، مثل: قرار إطفاء الأنوار في بعض شوارع المدن، هذا الإجراء بالتأكد سيؤدي لزيادة الجرائم".

المهاجرون يدّخرون

لا يمكن أن يمر الحديث عن الأزمة الاقتصادية والتضخم دون أن يتطرق لملف اللاجئين والمهاجرين الذين يُنظر إليهم من قبل شرائح واسعة من المجتمع على أنهم عبء اقتصادي مضاف يثقل كاهل البلاد.

فبحسب الدراسة التي أعدها المصرف السويدي SBAB تختلف فيمة الادخار بين المواطنين الأصليين والمهاجرين، ووفقا لصحيفة "أكسبريسن" السويدية يميل المهاجرون للادخار في منازلهم وليس في المصارف، إلا أن الحكومة ترصد قوة الادخار لديهم من خلال التحويلات المالية الخارجية إلى خارج أوروبا. 

كما كان لتراجع قيمة العملة المحلية السويدية والتي فقدت أكثر من 12% من قيمتها دور كبير في تفاقم المشكلة، وزاد من معاناة المصرف المركزي في ضبط السياسة النقدية للبلاد.

وقال بطرس درويش (31 عاما) وهو سويدي من أصول عربية "قبل الحرب الأوكرانية كان الدولار الأمريكي يعادل 9.8 كرونة، أما اليوم فيعادل الدولار تقريبا 11.20 كرونة، كما ارتفعت نسب الفوائد على القروض بمختلف أنواعها، أما الضربة القاصمة فكانت ارتفاع أسعار الوقود".

وأضاف درويش الذي يعمل تاجرا "كنت أسدد مبلغا يقارب الـ 300 يورو شهريا لقاء فاتورة الكهرباء في محلي التجاري، أما الشهر الماضي فسددت مبلغا يقارب الـ 1300 يورو، رغم أن معدل الاستهلاك لم يتغير".

توجيهات حكومية بالتقشّف

بحسب درويش، أوعزت الحكومة للمواطنين بأن أسعار الكهرباء ستشهد ارتفاعا غير مسبوق من بداية نوفمبر، حتى آذار المقبل، ونصحت المواطنين بالحد قدر الإمكان من استخدام الكهرباء في الفترة المقبلة.

وأردف الشاب "هذا الواقع غير مقبول وليس باستطاعتنا تحمّله، جميع السلع الغذائية ارتفعت بمقدار 25%، وما زالت ترتفع من يوم لآخر، وأجور العقارات ارتفعت نحو 100%، وإذا بقيت وتيرة الارتفاع تسير هكذا، سنشهد أياما عصيبة أكثر من هذه".

وتشير تقارير ودراسات إلى أن الأسعار في طريقها للمزيد من الارتفاع، وستنخفض معها القدرة الشرائية للمواطنين السويديين بصورة كبيرة تجعل مِن تأمين مستلزماتهم الأساسية أمرا صعبا، وهذا الواقع سيضع البلد في حالة من العجز والركود.

وألغت السويد الأسبوع الماضي بطولة العالم للتزلج على الثلج (Freestyle) والتي كان من المقرر إقامتها في مدينة فالون السويدية، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم والوضع السياسي الحالي في العالم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com