مبتكرون عرب يرسمون ملامح مستقبل الطاقة الشمسية في بلادهم

مبتكرون عرب يرسمون ملامح مستقبل الطاقة الشمسية في بلادهم

مع ارتفاع أسعار مشتقات الوقود الأحفوري وتذبذب إمداداته، لم يقف المبتكرون العرب موقف المتابع، ليرفدوا الجهود العالمية بابتكارات وأبحاث تدعم مسيرة التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة.

ويبدو أن منطقتنا لم تكن بمنأى عن زيادة الوعي الشعبي تجاه القضايا البيئية وضرورة التصدي للاحترار العالمي.

وفي مجال الطاقة الشمسية، طور مبتكرون عرب تقنيات قد تلعب دورًا مهمًا في القطاع، ما ينم عن تزايد الاهتمام العربي بالعلوم عمومًا.

تنقية المياه في السعودية

وفي هذا الإطار، ابتكر فريق بحثي من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، في السعودية، جهازًا للطاقة الشمسية ينقي المياه أثناء إنتاج الكهرباء من أشعة الشمس.

ويتألف الجهاز من لوح شمسي قياسي يوضَع أفقيًا مع طبقات أسفله، وبعد جريان المياه الملوثة أو المالحة في الطبقات السفلية قادمةً من وعاء خارجي، تسخن مياه الطبقة العليا نتيجة الحرارة الضائعة الناتجة عن الألواح الشمسية؛ ما يؤدي إلى تبخرها عبر غشاء معين.

ويُجمع الماء النظيف الناتج عن التبخر في وعاء مخصص، ثم تسخن الحرارة الناجمة عن عملية التبخر الطبقة التالية من الماء وتستمر العملية على هذا النحو.

نوافذ شمسية ذكية

وطور فريق من مركز أبحاث الطاقة الشمسية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، في العام 2019، نوافذ شمسية ذكية شفافة تحول طاقة ضوء الشمس الساقط عليها إلى طاقة كهربائية، لتنافس الألواح الشمسية التقليدية المصنوعة من مواد معتمة.

وتستند التقنية الجديدة على جزيئات عضوية لالتقاط الضوء، يمكن طباعتها على الزجاج مثل الحبر، لتلتقط الصيغة العضوية الكهروضوئية، الأشعة تحت الحمراء، فتمنع دخول الحرارة إلى داخل المبنى، لكنها تسمح بمرور الضوء.

تنظيف الألواح الشمسية من سوريا

ابتكر طلبة جامعيون سوريون حلاً لمعضلة اتساخ ألواح الطاقة الشمسية وارتفاع حرارتها بتنظيفها وتبريدها آليًا لتوفير الجهد والوقت والمال والمحافظة على فعالية الألواح الشمسية في مواجهة مشكلات الغبار المستعصية وارتفاع درجات الحرارة في الصحاري العربية.

ومن أبرز المعوقات التي تواجه مشاريع إنشاء محطات الطاقة الشمسية في الصحاري العربية، وجود الغبار الصحراوي؛ ما يرفع تكلفة تنظيف الخلايا الشمسية، ويجعلها تفقد حوالي 50% من فعاليتها، نتيجة تراكم الغبار في حال عدم تنظيفها.

وفي حديث لـ"إرم نيوز"، قال خالد الجبر، المشارك في ابتكار التقنية، إن "تنظيف الألواح الشمسية أمر مهم جدًا للحفاظ على فعاليتها، والتخفيف من ارتفاع حرارتها، وابتكارنا يغني عن الاعتماد الكامل على العنصر البشري في تنظيف الألواح".

وأضاف: "تبرز أهمية إيجاد حل آلي للتنظيف، في الحقول الشمسية الضخمة وما تحتويه من آلاف الألواح، ما يوفر الوقت والجهد والتكلفة".

تبريد الألواح

وصمم الدكتور المهندس السوري نوار أحمد، كذلك حلولا مبتكرة للتصدي لمشكلات ارتفاع حرارة الألواح الشمسية، والحد من التكلفة العالية، والاستهلاك المتزايد لأنظمة مركزات الدوران الشمسية الفوتوفولطية.

وطور أحمد وفريقه البحثي تقنية قائمة على مرشح فيلم رقيق، يختلف عن تقنيات تخفيض درجة الحرارة التقليدية (المشتتات الحرارية). ونشر ورقة بحثية شرح فيها ابتكاره في مجلة اليابان للفيزياء التطبيقية.

وصمم المبتكر نوار أحمد كذلك عناصر بصرية ضامنة لتركيز أشعة الشمس بزوايا قبول تصل إلى 4.5 درجة، ليتحرك النظام كل نصف ساعة إلى نقطة وسطية، بحيث لا تتعدى زاوية خطأ التعقب، زاوية القبول للوحدة.

الإنارة بالألياف الضوئية دون كهرباء من المغرب

وابتكرت باحثة مغربية نظامًا لتجميع أشعة الشمس عبر تقنية الألياف البصرية بغرض إنارة الأماكن المعتمة دون الاعتماد على المصابيح الكهربائية.

وأطلقت المبتكرة ليلى صدقي على ابتكارها اسم "سولاردو" القائم على استخدام نظام جديد لجمع أشعة الشمس وترشيحها للتمكن من استخدام الألياف الضوئية البلاستيكية بدلًا من مثيلتها الزجاجية مرتفعة التكلفة.

وتستند التقنية على تثبيت لاقط مغطى بالمرايا يتبع حركة الشمس لالتقاط أشعتها ويركزها في نقطة موصولة بألياف بصرية تستخدم عادة في مجال الاتصالات.

وتنقل الألياف البصرية ضوء الشمس المُجمَّع إلى الشقق والأقبية لتنيرها دون الحاجة للكهرباء، وإن كانت دون نوافذ، لينتج الابتكار إنارة تختلف نسبتها تبعًا لقطر الجهاز المُستخدَم ونوعية الألياف.

مشاريع حكومية

العالم العربي من أكثر مناطق العالم مواءمة لمشاريع استثمار الطاقة الشمسية، في ظل اتساع رقعة الصحاري؛ وتؤكد أبحاث متخصصة على أن ما يصل إلى الأراضي العربية من طاقة شمسية، يبلغ 5 كيلو واط/ساعة، في المتر المربع الواحد، في اليوم.

اهتمام سعودي

وأصبح الاهتمام الرسمي بمشاريع الطاقة المتجددة في السعودية واضحًا. وفي هذا الإطار، أصدرت المملكة في العام 2019 خطة لإنارة جميع شوارع مدنها بالطاقة النظيفة.

وعملت السعودية على طرح 12 مشروعًا في قطاع الطاقة المتجددة، بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 4 مليارات دولار؛ منها إنشاء محطة الفيصلية للطاقة الشمسية في إمارة منطقة مكة بقدرة تصل إلى 2600 ميغاواط.

وتسعى السعودية إلى أن يصل إنتاجها من الطاقة النظيفة إلى 27 غيغاواط بحلول العام 2024؛ منها 20 غيغاواط طاقة شمسية و7 غيغاواط طاقة رياح.

وأطلقت المملكة كذلك، مشروع تأسيس مركز لقدرات الطاقة المتجددة تبلغ سعته 200 غيغاواط خلال العقد المقبل، يعتمد على التصنيع المحلي وتطوير المشاريع داخليًا وخارجيًا.

وأحرزت السعودية تقدمًا في أعمال تشييد مشروع سكاكا للطاقة الشمسية في منطقة الجوف، شمال غرب البلاد؛ أول مشروعاتها للطاقة المتجددة، بتكلفة تصل إلى نحو 300 مليون دولار.

القبة الشمسية لتحلية مياه البحر في نيوم

وأطلقت المملكة مشروعًا طموحًا في منطقة نيوم المستدامة شمال غرب البلاد، يعتمد للمرة الأولى على تقنية القبة الشمسية لإنتاج مياه عذبة بتحلية مياه البحر بطريقة صديقة للبيئة وبتكلفة منخفضة.

ومن المقرر أن يخفض المشروع تكلفة إنتاج المياه العذبة إلى 0.34 دولار للمتر المكعب، أي أقل بكثير من التكلفة المرتبطة بمحطات تحلية المياه باستخدام طرق التناضح العكسي المعمول بها حاليًا.

وتمتاز تقنية القبة الشمسية بأنها صديقة للبيئة وتحد من التأثير البيئي لعملية تحلية المياه من خلال إنتاج كميات أقل من المحلول الملحي، وهو ناتج ثانوي لاستخراج المياه قد يضر بالأنظمة البيئية الطبيعية المجاورة.

محطة الظفرة الإماراتية

وتعمل دولة الإمارات على بناء محطة الظفرة للطاقة الشمسية، بقدرة تصل إلى 2 غيغاواط من الكهرباء في منطقة الظفرة.

وتهدف المحطة إلى خفض الانبعاثات الكربونية للإمارة بأكثر من 2.4 مليون طن متري سنويا، أي ما يعادل إزالة نحو 470 ألف سيارة من الشوارع، وتوفير الكهرباء لأكثر من 160 ألف منزل في دولة الإمارات، فضلا عن تخفيض التكاليف ورفع القدرة الإنتاجية الإجمالية من الطاقة الشمسية في أبوظبي إلى حوالي 3.2 غيغاواط.

أكبر مجمع في العالم

وتعكف هيئة كهرباء ومياه دبي على إنشاء مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، في موقع واحد وفق نظام المنتج المستقل بإجمالي استثمار يبلغ 50 مليار درهم (13.6 مليار دولار) بهدف تخفيض أكثر من 6.5 مليون طن من انبعاثات الكربون سنويًا.

ويتضمن المشروع تشييد أطول برج شمسي في العالم، بارتفاع يصل إلى 260 مترًا، بقدرة إنتاجية ستبلغ 800 ميغاواط بحلول العام 2020، وستصل إلى 5 آلاف ميغاواط بحلول العام 2030..

وسبق أن أطلقت إمارة دبي استراتيجيتها للطاقة النظيفة، وتتلخص في الدخول إلى العام 2030، وهي قادرة على توفير 25% من الطاقة النظيفة من طاقة الشمس، و7% من الطاقة النووية، و7% من الفحم النظيف، و61% من الغاز، بالإضافة إلى تحويل 80% من نفاياتها إلى طاقة.

وتعمل هيئة كهرباء ومياه دبي، كذلك، على محطات طاقة شمسية عائمة في مياه الخليج العربي.

أضخم محطة في مصر

وتتابع مصر أعمال تشييد أضخم مشروع للطاقة الشمسية، وجذب المشروع أكثر من ملياري دولار من الاستثمارات. ويحمل المشروع اسم "شموس النوبة" في مجمع بنبان للطاقة الشمسية في محافظة أسوان.

ويصل إنتاج المحطات الثلاث إلى 186 ميغاواط، ويبلغ إجمالي المكونات المستخدمة في المشاريع نحو 600 ألف قطعة.

مدارس عُمان تنتج طاقة نظيفة

وأطلقت سلطنة عُمان مشروعا لتركيب ألواح طاقة شمسية مزدوجة ومتعقبة للشمس لتزويد المدارس بالطاقة الشمسية.

ويهدف المشروع إلى تحسين حياة أكثر من 1000 شخص من خلال الحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة بمعدل 73.5 طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون من كل مدرسة تُزوَّد بألواح شمسية.

وأطلقت السلطنة أيضًا، مشروع "مرآة" أحد أضخم مشاريع الطاقة الشمسية عالميًا، في محافظة ظفار جنوب البلاد؛ بهدف توليد نحو 1021 ميجاواط من الطاقة الحرارية، لتُستخدَم في توليد بخارٍ يفصل النفط الثقيل عن الخفيف؛ ما يسهل عملية استخراجه من حقل "أمل" النفطي.

وأمام التقدم الكبير للتقنيات الحديثة في مجال الطاقة الشمسية، والتوجه العالمي المتنامي لتحطيم الأرقام القياسية لاستثمار الطاقة الشمسية، يبدو أن الشباب العربي يسعى إلى تقليص الفجوة واللحاق بالركب، من خلال ابتكارات شهدتها دول عربية عدة، تسعى إلى رفد الجهود الرسمية في التحول القادم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com