إيطاليا تراهن على ليبيا والجزائر وأذربيجان لتعزيز أمنها من الغاز

تسعى إيطاليا، التي تحصل على 40 % من غازها من روسيا، للحصول على كميات إضافية من ثلاث دول هي ليبيا، والجزائر، وأذربيجان، لتحل محل الغاز الروسي تدريجيًا.

وتهدف استراتيجية أمن الغاز الخاصة بوزير التحول البيئي الإيطالي روبرتو شينجولاني، إلى إبرام أولى الصفقات مع هذه الدول الثلاث خلال العام الجاري، للحصول على كمية إضافية حجمها 10 مليارات متر مكعب فى غضون أسابيع.

وتنطوي الاستراتيجية على أهداف أكثر طموحًا، بأن تصل الكميات من خلال هذه الدول إلى 20 مليار متر مكعب عندما تصبح هذه التدفقات الجديدة بكامل طاقتها عام 2024.

كما تستهدف هذه الاستراتيجية إيجاد بدائل للغاز الروسي وتنويع مزيج إمداداتها بعد غزو موسكو لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير الماضي، إلى جانب زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال من أسواق مثل قطر والولايات المتحدة وموزامبيق.

وفي الإطار قال شينجولاني في تصريحات على هامش مؤتمر له عبر الإنترنت الأربعاء الماضي، إن "مرافئ الغاز الطبيعي المسال الثلاثة الحالية في إيطاليا يمكن استخدامها بالكامل لتوريد ما بين 4 إلى 5 مليارات متر مكعب، بينما يمكن لوحدتين عائمتين للتخزين وإعادة التحويل إلى غاز أن تجلبا نحو 10 مليارات متر مكعب من الإمدادات الإضافية في المدى المتوسط".

واستوردت إيطاليا نحو 29 مليار متر مكعب من الغاز الروسي العام الماضي.

وتستخدم إيطاليا الغاز لتوليد نحو 40 % من الكهرباء، وتستورد أكثر من 90 % من احتياجات الغاز من روسيا، بحسب "رويترز".

ويؤكد هذه التوجهات رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد دبيبة، في تصريحات له نهاية شباط/ فبراير الماضي، على هامش القمة السادسة للدول المصدرة للغاز في الدوحة، مفادها أن بلاده يمكن أن تصبح مصدرا رئيسيا للغاز بعد اكتشاف حقول جديدة.

وتعد أوروبا أكبر سوق استهلاكي للغاز الطبيعي، إذ بلغ حجم استهلاكه فى عام 2020 نحو 394 مليار متر مكعب، كما وصلت مستوى 400 مليار متر مكعب في السنة الماضية 2021، بحسب منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

وحول إمكانية تنفيذ إيطاليا تطلعاتها، قال محللون في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن الدول الثلاث التي تسعى إيطاليا إلى الحصول على كميات إضافية منها، ربما لا تستطيع تلبية احتياجاتها خلال العام الجاري، نظرًا لعقود التوريد الملزمة بها مع دول أخرى.

ورأى المحلل الأمريكي المتخصص في الشأن الأفريقي جيمس هول، إن "الجزائر وأنجولا وغينيا الاستوائية وليبيا، ستستفيد من الحظر المفروض على النفط الروسي، بزيادة الكميات الموردة إلى دول أوروبا، لكن لن تستيطع تعويضها بشكل كامل".

وأفاد هول أن "تحقيق تلك التطلعات يعتمد على الاكتشافات النفطية والبترولية الجديدة في كل من الدول الثلاث، وهذا الأمر يتطلب ضخ استثمارات ضخمة لن تقدر عليه هذه الدول، ولا يمكن لتلك الدول أن تتحول إلى روسيا جديدة فى تصدير الغاز بين عشية وضحاها".

وأوضح لـ"إرم نيوز"، أن الاستغناء عن روسيا سيضاعف أسعار الغاز وبالتالي ترتفع جميع المنتجات التي تعتمد عليه في عملية التصنيع، ويعقبه تراجع النشاط الاقتصادي بشكل عام لإيطاليا".

وتمتلك ليبيا 53 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز المؤكدة والتي تضع البلاد في المرتبة 21 ضمن قائمة أكثر الدول احتياطيًا من الغاز، لكنها احتلت المرتبة 40 عندما من حيث الإنتاج، وفق إحصائيات عام 2021.

ووفق تقرير أوبك السنوي، صدَّرت ليبيا نحو 9.1 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي عام 2019، مقارنة مع 4.51 مليار متر مكعب في العام السابق له.

ومن جهته، يأمل الاتحاد الأوروبي أن يؤدي خط أنابيب الغاز "عبر أدرياتيك (تاب)" إلى زيادة واردات الغاز من أذربيجان إلى أوروبا، ويُتوقع أن تصل الطاقة التصديرية لـ"تاب" إلى 10 مليارات متر مكعب سنويا، بحسب بيان للاتحاد.

وقال المحلل الاقتصادي الليبي، محسن الدريجة لـ"إرم نيوز"، إن ليبيا منهكة خلال الفترة الحالية بسبب الحروب، وليس لديها أي جاهزية لمضاعفة الكميات الموردة لعملائها".

وفسر الدريجة، تصريحات الوزير الإيطالي، قائلا: "هذه حرب نفسية تمارس ضد روسيا، ولا يمكن للدول الأوروبية أن تستغني عن الغاز الروسي بشكل كلي، كما يتم الترويج حاليًا".

وتابع: "ليبيا لديها مصدر واحد للنقود الأجنبية، وهو تصدير النفط والغاز، وبالتالي فإن زيادة التصدير إلى دول أوروبا ينعكس إيجابيًا على التدفقات الأجنبية فى البلاد، إذا كانت مؤهلة على المدى المتوسط أو البعيد".