لماذا لم يتعطل تدفق النفط أو تتأثر الأسعار بالشكل المتوقع بعد مقتل سليماني؟
لماذا لم يتعطل تدفق النفط أو تتأثر الأسعار بالشكل المتوقع بعد مقتل سليماني؟لماذا لم يتعطل تدفق النفط أو تتأثر الأسعار بالشكل المتوقع بعد مقتل سليماني؟

لماذا لم يتعطل تدفق النفط أو تتأثر الأسعار بالشكل المتوقع بعد مقتل سليماني؟

شهدت أسواق النفط هدوءا بشكل مثير للدهشة، إثر عملية مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني،، فعلى الرغم من ارتفاع الأسعار بعد وقت قصير من العملية، إلا أن هذا الزخم التصاعدي سرعان ما تراجع.

فغالبا ما يكون النفط سلعة شديدة التقلب، إذ ارتفعت أسعار النفط الخام بنسبة 4 % تقريبا مع ظهور تقارير أولية أمس الثلاثاء، تفيد بأن إيران أطلقت صواريخ على قاعدتين للولايات المتحدة في العراق، ونظرا لأن الهجوم لم يكن موجها إلى المنشآت النفطية، أصبح من المستحيل تقييم ما إذا كان هذا الارتفاع رد فعل مؤقتا أم بداية ارتفاع دائم.

وحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، لم تتعطل تدفقات النفط حتى الآن، وليس هناك ما يشير إلى أن إيران ستسعى لتعطيل تجارة النفط من خلال إغلاق مضيق هرمز، وهو القناة التي يتعين على العديد من ناقلات النفط المرور عبرها عند مغادرتها الخليج العربي.

حيال ذلك، قال بيورنار تونهوجن، رئيس أبحاث سوق النفط في شركة "ريستاد إنرجي" للأبحاث، إن "تغير الأسعار في الأسواق يرجع إلى ضعف احتمال حدوث تطورات مؤثرة".

وبحلول مساء أمس الثلاثاء، وصلت أسعار النفط الخام وفقا لمؤشر وست تكساس انترميديت إلى 65.50 دولار، ارتفاعا من 61 دولارا في الأسبوع الماضي و62.70 دولار في وقت سابق من اليوم ذاته.

وتأتي المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران بعد بضع سنوات من الضغط الذي خفّض الأسعار، بسبب تصاعد حجم العرض، وذلك يرجع إلى حد كبير إلى نمو إنتاج شركة "شل" في الولايات المتحدة، إذ ارتفع إنتاج النفط الأمريكي بأكثر من الضعف خلال العقد الماضي ليصل إلى أكثر من 13 مليون برميل في اليوم، حتى أصبحت الولايات المتحدة الآن أكبر منتج في العالم، وخفضت كمية استيرادها للنفط بحوالي 4 ملايين برميل يوميا مقارنة بعام 2008، بسبب زيادة الإنتاج وزيادة استخدام المركبات الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود.

في السياق، قال جاري روس، الرئيس التنفيذي لشركة "بلاك غولد إنفستورز" التجارية، إن المخاوف بشأن القيود المتزايدة على استخدام الوقود الأحفوري بسبب دوره في تغير المناخ أثرت -أيضا- على الأسعار، مؤكدا أن الناس لم يعودوا يريدون الاستثمار في النفط، لقد اعتادت الأسواق على وجود فائض من النفط في السوق العالمية لدرجة أنها ليست قلقة بشأن التوترات في منطقة الخليج العربي كما كانت في السابق.

على صعيد متصل، قالت حليمة كروفت، رئيسة إستراتيجية السلع العالمية في بنك "آر بي سي كابيتال ماركتس" الاستثماري، "لم يعد النفط مقياسا صحيحا لتوترات الشرق الأوسط، فهو لا يعكس سوى التغييرات الهائلة".

وأفادت كروفت بأن "الأسواق تجاهلت الخطوات التي اتخذتها إيران للرد على إعادة فرض إدارة ترامب للعقوبات الاقتصادية، إذ قالت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إن إيران كانت وراء الألغام البحرية التي دمرت ناقلات النفط والهجوم الجوي على منشآت رئيسة أدت إلى خفض إنتاج النفط السعودي مؤقتا بأكثر من النصف"، مضيفة أنه "كان من الواضح أن هذه التحركات كانت تهدف إلى إظهار أن طهران تعتزم تصعيب تصدير الحلفاء الأمريكيين مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للنفط، طالما كانت إدارة ترامب تمنع الصادرات الإيرانية".

إغلاق مضيق هرمز

وأردفت أنه "لا أعرف كيف يمكن لشخص أن يتفاجأ بقدرات إيران التخريبية بعد الهجوم الصاروخي على المنشآت النفطية السعودية"، مشيرة إلى أنها "غير واثقة في قدرة شركة أرامكو السعودية على استعادة الإنتاج بسرعة في مواجهة الهجمات المستقبلية، كما فعلت مع الهجوم السابق".

ويقول المحللون أيضا إن ضربة الطائرة المسيرة على الجنرال سليماني في العراق قد تؤدي إلى تدهور البيئة السياسية المضطربة بالفعل في ذلك البلد. وبالفعل أثارت العملية تداعيات بما في ذلك دعوات من البرلمان العراقي والحكومة للولايات المتحدة لسحب قواتها، والتي أدت بدورها لتهديدات الرئيس ترامب بفرض العقوبات.

ويعد العراق ثاني أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وتظل حقوله النفطية دون تأثر إلى حد كبير، لكن المحللون يشيرون إلى أنه ستكون هناك عواقب وخيمة إذا امتدت الاضطرابات إلى تلك الحقول، فعلى سبيل المثال، فإن الخسارة المطولة لنصف صادرات العراق، التي تصل إلى ما يقرب من 4 % من الإمدادات العالمية، يمكن أن تدفع الأسعار نحو 90 دولارا للبرميل، إذ لا يمتلك العراق الأنظمة الاحتياطية التي سمحت للسعوديين بالتعافي من هجمات سبتمبر.

ويشك تونهوجن وغيره من الخبراء في أن إيران ستلجأ إلى محاولة إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله نحو 18 مليون برميل يوميا من النفط، إذ يمكن للإيرانيين الذين يحتلون جزءا كبيرا من الجانب الشرقي من المضيق، العبث بسهولة بحركة السفن هناك، لكن المحللين يشككون في أن إيران ستجرؤ على أكثر من الاستيلاء على سفينة أو استهدافها، كما فعلت في الأشهر الأخيرة.

وقال أنطوان هالف، كبير المحللين في شركة "كايروس" لأبحاث السوق، وكبير الباحثين في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، إن "أي فعل آخر يمكن أن يؤدي إلى استجابة قوية للغاية من الولايات المتحدة"، بينما قال ديفيد فايف، كبير الاقتصاديين في شركة "أرجوس" للأبحاث، إن "طهران ستكون حذرة من ردود الفعل التي قد تؤدي إلى رفع أسعار النفط بشكل كبير أو تهدد الإمدادات الصينية، والتي تعتبر إحدى داعميها الرئيسين، وتشتري الكثير من النفط الإيراني وتعتمد على الشرق الأوسط  للحصول على الوقود، مضيفا، "لا أعتقد أن احتمالية إغلاق مضيق هرمز قد زادت عما سبق".

بالطبع، يمكن للمستثمرين رفع سعر النفط بالمزايدة عليه إذا تم إغلاق المضيق أو اندلعت الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وإيران وتفجرت إلى صراع كبير، وذلك لأن منتجي النفط في العالم لديهم عازل صغير نسبيا يبلغ حوالي مليوني برميل في اليوم من الإنتاج المحتمل، الذي يمكنهم إضافته بسرعة إلى الإنتاج العالمي لتعويض الانخفاض المحتمل، وخاصة أن معظم هذا الفائض موجود في السعودية.

ويقول محللون إنه إذا تم تعليق ملايين البراميل من إنتاج النفط يوميا، فإن ذلك سيؤدي إلى استنفاد صهاريج التخزين بسرعة ورفع أسعار النفط، على الرغم من أن حكومة الولايات المتحدة يمكن أن تسعى إلى تهدئة الأسواق من خلال طرح الوقود من الاحتياطي الإستراتيجي للنفط.

ولم يعد الاقتصاد الأمريكي عرضة للتأثر بالزيادة في أسعار النفط كما كان في الماضي، ولكن من المرجح أن تتضرر بلدان أخرى بالأمر كثيرا مثل: الصين، والهند، ولا تزال الولايات المتحدة مستوردة كبيرة للنفط، ولكنها تصدر بقدر ما تستورد من النفط، ولذلك من شأن ارتفاع الأسعار أن يضر بالمستهلكين، وخاصة الأسر ذات الدخل المنخفض في مناطق مثل الشمال الشرقي التي لا تنتج النفط.

ومع ذلك من شأن ارتفاع الأسعار أن يساعد أجزاء الولايات المتحدة المنتجة للنفط، مثل ألاسكا وكولورادو ولويزيانا ونيو مكسيكو وداكوتا الشمالية وأوكلاهوما وتكساس وويومنغ، حيث من شأن الأسعار المرتفعة أن تزيد من الطلب على العمالة في تلك الولايات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com