فواتير "العسكرة" الباهظة تعطل مشاريع خدمية في إيران وتعزز قدرات الحرس الثوري
فواتير "العسكرة" الباهظة تعطل مشاريع خدمية في إيران وتعزز قدرات الحرس الثوريفواتير "العسكرة" الباهظة تعطل مشاريع خدمية في إيران وتعزز قدرات الحرس الثوري

فواتير "العسكرة" الباهظة تعطل مشاريع خدمية في إيران وتعزز قدرات الحرس الثوري

يركز النظام الإيراني على تعزيز القدرات العسكرية لقوات الحرس الثوري التي تُمثل الذراع الطولى للنظام داخل إيران وخارجها، بيد أن هذا التركيز جاء على حساب توقف وتعطيل مشروعات خدمية كبرى للمواطنين.

وكشفت تقارير إيرانية خلال الأسابيع الماضية عن توقف العديد من المشروعات الخدمية، أبرزها مشروعات في قطاع العقارات والمساكن، وهو القطاع الأكثر حيوية وأهمية في حياة المواطنين.

وفي ظل عجز الحكومة الإيرانية عن استكمال العديد من المشروعات السكنية، اعترف الرئيس، حسن روحاني بعدم قدرة حكومته على إدارة هذه المشروعات غير المكتملة، أو حتى إيجاد مصادر دخل لاستمرار العمل في هذه المشروعات.

وأقر روحاني خلال اجتماع للحكومة الإيرانية الأسبوع الماضي بوجود "فشل واضح في قطاع السكن، وأن هناك خططا ومشروعات متراكمة منذ الولاية الأولى للحكومة لم يتم تنفيذها".

ورغم نداءات الحكومة الإيرانية بضرورة توفير مصادر دخل لاستكمال المشروعات الخدمية، إلا أن النظام الإيراني بقيادة المرشد الأعلى، علي خامنئي يعمل على توفير مصادر الدخل الإيرانية لمشروعات أخرى؛ وأهمها تعزيز القدرات العسكرية للحرس الثوري.

الحرس والنووي أولا

وفي هذا الإطار أكد الكاتب والمحلل الإيراني، فرامز دافر أن "خامنئي يعتمد على عدد من الإستراتيجيات في إدارة البلاد، لعل أهمها وأخطرها هو حرصه الشديد على تعزيز القدرات العسكرية للحرس الثوري وتطوير المشروعات النووية".

وأكد دافر في تقرير نشره موقع "إيران واير" المعارض في وقت سابق أن "هذه الإستراتيجية لخامنئي لم تجلب لإيران سوى الضغوط الاقتصادية والمعيشية على مواطنيها، حيث بات المواطن الإيراني هو من يدفع فاتورة مغامرات خامنئي في تسليح الحرس الثوري والبرنامج النووي على حساب أوضاعه المادية والمعيشية".

وأشار المحلل الإيراني إلى أن "خامنئي يسعى بشكل مستمر إلى زيادة القدرة العسكرية للجمهورية الإسلامية، بينما تسبب هذا في إرهاق خزينة الدولة الإيرانية بتكاليف باهظة، بالتزامن مع عودة جميع العقوبات الدولية على طهران".

الإيرانيون وثمن مشروعات خامنئي

ورأى دافر أن "هذه الإستراتيجيات تتمثل في تحميل خامنئي ضغوطا وتكاليف غير ضرورية على حياة المواطنين في إيران، إذ إن خامنئي سعى طيلة مدة قيادته للنظام لأكثر من 31 عاما إلى الحصول على قوة عسكرية للحرس وتقنيات نووية".

وفي مثال آخر لتضرر الأوضاع الخدمية للإيرانيين بجانب الأزمة السكنية، ما يؤكده مسؤولون محليون بوجود عجز في توفير المعدات الطبية والإمكانات الصحية لمواجهة فيروس كورونا، وذلك في ظل إصابة ووفاة العديد من المواطنين، وحتى من الطواقم الطبية نتيجة افتقار وسائل الحماية في المستشفيات.

وكان وزير الصحة الإيراني سعيد نمكي، قد كشف في أيار/مايو الماضي عن تأخر سلطات النظام في مد وزارته بمبلغ مليار يورو لمكافحة تفشي فيروس كورونا، رغم موافقة المرشد خامنئي على منح الحكومة الإيرانية هذا المبلغ من صندوق سيادي للبلاد لمكافحة كورونا.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية تصريحات لوزير الصحة نمكي قال فيها: "في ظل هذه الضائقة المالية ومقارنة مع مليارات الدولارات التي أعدتها الدول الأخرى، يبقى السؤال: ماذا عن المليار يورو؟"

وتأتي تصريحات وزير الصحة الإيراني بضرورة الإسراع في صرف المالبغ المعنية بجهود مكافحة كورونا في ظل مناشدات وتحذيرات من وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية من نقص المواد والمستلزمات الطبية على وتيرة جهود مواجهة الفيروس الآخذ في التفشي بجميع مناطق البلاد.

الحرس واستغلال الأزمة الاقتصادية

أما عن موقف الحرس الثوري من الأزمة الاقتصادية في إيران، فيلفت مراقبون إلى أن عجز حكومة طهران عن إدارة المشروعات الخدمية الكبرى للمواطنين دفعت الحرس بدعم من خامنئي للدخول في الاستحواذ على هذه المشروعات، وذلك بالاعتماد على إمكاناته المادية عكس الحكومة.

وتأكيدا على هذا الرأي، ما كشفه النائب الإيراني وعضو لجنة العمران في البرلمان، إقبال شاكري عن دخول قوات الحرس الثوري وخاصة شركات معسكر "خاتم الأنبياء" في إنجاز مشروعات عمرانية كبرى في إيران، وذلك لما تمتلكه هذه الشركات من إمكانيات وقدرات مالية.

وأضاف شاكري في تصريحات نقلتها وكالة "ايلنا" المحلية عقب جلسة للبرلمان الإيراني بحضور قائد معسكر خاتم الأنبياء، سعيد محمد أمس الأحد "إننا نأمل أن يتمكن معسكر خاتم الأنبياء من إنهاء المشروعات العمرانية غير المكتملة، وذلك بالاعتماد على قدراته وإمكانياته".

أما عن هوية المشروعات العمرانية التي ستكون تحت إدارة الحرس الثوري، فأعلن المتحدث باسم لجنة العمران في البرلمان الإيراني، سيد البرز حسيني أن وزارة النقل مكلفة بالاستعانة بقدرات شركات معسكر "خاتم الأنبياء" لتشييد 6 ملايين وحدة سكنية في الفترة من عام 2020 حتى 2026 وفق ما نقلت عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية.

ورغم أن هذه الجلسة للبرلمان الإيراني كانت مخصصة للإعلان بشكل رسمي عن مشاركة شركات الحرس الثوري في المشروعات العمرانية، إلا أن تقارير إخبارية إيرانية سبقت هذه الجلسة لتكشف عن توغل الحرس في مشروعات أكبر.

وفي هذا السياق، أفادت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "ايسنا" في تقرير نشرته الأسبوع الماضي بدخول شركات معسكر خاتم الأنبياء في مشروع خط سكك حديدي ضخم يربط طريق زاهدان-تشابهار؛ وهو المشروع الذي أعلنته طهران في وقت سابق، ولكن لم يكتمل نتيجة الأزمات الاقتصادية.

حكومة موازية

ومع تصاعد الأزمات الاقتصادية في ظل فشل الحكومة في إدارة المشروعات القومية بالتزامن مع فيروس كورونا، كشف محللون أن النظام الإيراني بقيادة المرشد، يستغل تردي الأوضاع الاقتصادية لطهران؛ وذلك لكي يخرج خامنئي بحكومة موازية بدعم مباشر من الحرس الثوري.

وكان الكاتب والمحلل ميتش بروثيرو، قد أشار في تقرير نشره موقع "اينسايدر" إلى أن "خامنئي يسعى في المرحلة الراهنة لتشكيل حكومة موازية بدعم مباشر من قوات وشركات الحرس الثوري، ليس بهدف معالجة الأوضاع بقدر إعادة السيطرة الكاملة على زمام الأمور".

غضب الشارع الإيراني

أما عن رد فعل الشارع الإيراني في ظل تردي الأوضاع المعيشية، فقد حذر الرئيس حسن روحاني من اندلاع احتجاجات شعبية جديدة، وذلك ردا من الإيرانيين على استمرار حالة الفقر والبطالة وسط التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا.

وتؤكد تقارير اقتصادية أن مصادر الدخل الإيرانية قد شهدت تراجعا حادا منذ أزمة العقوبات الدولية المفروضة على طهران، إذ إن العقوبات أسهمت في حظر تصدير النفط الإيراني؛ وهو المصدر الذي تعتمد عليه طهران بشكل أساسي للمشروعات القومية وحتى تنظيم الموازنة العامة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com