تقلبات اقتصادية ترفع أسعار العقارات في تونس

تشهد أسعار العقارات في تونس ارتفاعا لافتا ومنسقا متصاعدا، وسط مخاوف من تعرض قطاع العقارات لتقلبات اقتصادية كبيرة، ومن تأثيرات ذلك على القدرة الشرائية للتونسيين، الذين باتت نسبة كبيرة منهم عاجزة عن اقتناء منازل وشققا تأويهم.

وفي عام 2023، شهد سوق العقارات زيادة بنسبة 9% في متوسط ​​سعر المتر المربع للشقق، ووفقا لتقديرات رسمية فإنّ هذا المنحى التصاعدي للأسعار مستمرّ خلال السنة 2024.

وبحسب دراسة حول اتجاهات السوق العقاري التونسي لعام 2023، تم تقديم نتائجها مؤخرا في العاصمة تونس، تبين أن عام 2023 شهد ديناميكية في سوق متوتر إلى حدٍّ ما، مع ملاحظة اتجاهات متميزة على جانبي الطلب والعرض.

حيث سجل الطلب على العقارات تطورا متقلبا، وانتقل من الاستقرار النسبي الذي لوحظ خلال النصف الأول من السنة إلى نمو متسارع ملحوظ خاصة في شهر أغسطس / آب الماضي، قبل أن يبدأ في الانخفاض منذ سبتمبر/ أيلول.

وأظهرت الدراسة أن الشقق التي تتراوح مساحتها بين 100 و130 مترا مربعا، كانت الأكثر طلبا بنسبة 30% من الطلب، و26% من العرض، كما جذبت الشقق التي تتراوح مساحتها بين 130 و170 مترا مربعا، اهتمامًا كبيرًا خلال العام الماضي.

أما بالنسبة للأسعار، فقد تطورت بشكل متفاوت، إذ بلغت أعلى مستوياتها في شهر يوليو/ تموز، مع ارتفاع كبير بنسبة 14% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق.

وتمثّل الشقق في الأحياء السكنية الفاخرة شمال تونس العاصمة الأعلى سعرا، حيث يصل سعر المتر المربع الواحد إلى 4850 دينارا (حوالي 1650 دولار) في منطقة حدائق قرطاج، بينما يبلغ سعر المتر المربع الواحد في المنزه وحي النصر 3300 دينار (حوالي 1100 دولار).

وبالتوازي مع ارتفاع أسعار الشقق، لا يستبعد مراقبون أن يصل سوق الإيجار إلى ذروته خلال موسم الصيف، إذ وصل الطلب إلى ذروته في أغسطس/ آب الماضي، بينما شهد العرض نموًا كبيرًا اعتبارًا من سبتمبر/ أيلول فصاعدًا، وهو اتجاه تصاعدي استمر حتى نهاية العام.

وارتفع متوسط ​​سعر إيجار الشقق بنسبة 11% خلال عام 2023، وفي إقليم تونس الكبرى، تقع الشقق المعدّة للإيجار الأعلى سعرا في منطقة "ضفاف البحيرة" شمال العاصمة تونس، ثم المرسى وحدائق قرطاج وعين زغون، وكلها شمال العاصمة تونس، تليها منطقة المروج جنوب العاصمة.

ويرجح الفاعلون في القطاع العقاري في تونس، أن يستمرّ ارتفاع أسعار العقارات على الأرجح، لكنهم أوضحوا أن السوق لا تزال تعتمد على عدة عوامل خارجية، مثل التضخم وارتفاع أسعار مواد البناء.

وكان نائب رئيس الغرفة الوطنية للباعثين العقاريين جلال مزيو، قد أكد في وقت سابق أن أسعار العقارات في تونس تشهد ارتفاعًا متواصلاً لعدّة أسباب، أهمها ارتفاع أسعار مواد البناء، ونقص الأراضي الصالحة للبناء، إلى جانب ارتفاع نسبة فائدة القروض الموجهة لاقتناء المساكن.

وأضاف مزيو، في مداخلة له على إذاعة "موزاييك" المحلية في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أن الدولة مطالبة بوضع سياسة واضحة بالشراكة مع جميع الأطراف لمساعدة المواطن على شراء مسكن.

ويشتكي التونسيون من ارتفاع أسعار العقارات التي يعتبرون أنها غير متجانسة مع القدرة الشرائية للمواطنين، ولا تتلاءم مع مستوى العيش.