اعتصام سابق في ألمانيا
اعتصام سابق في ألمانياأ ف ب

الإضرابات تشل ألمانيا وتضعف "عملاق الاقتصاد" الأوروبي

قال تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن الإضرابات العمالية التي تضرب ألمانيا، بسبب آثار التضخم وتباطؤ النمو تعد علامة على قتامة التوقعات الاقتصادية لأكبر اقتصاد في أوروبا.

وأضافت الصحيفة، أنه وبينما تعد الإضرابات التي تستمر عادة لعدة أشهر أمرا شائعا في بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا وبلجيكا وفرنسا، إلا أن الاحتجاجات العمالية في ألمانيا تعتبر "هواية وطنية"، حيث تفتخر ألمانيا منذ فترة طويلة بأن الإضرابات فيها تعتبر نوعا من "المساومة الجماعية غير التخريبية" من أجل تحسين أجور العمال.

أخبار ذات صلة
ألمانيا تتهم روسيا بشن "حرب معلومات" بعد نشر تسجيل عسكري

وأفادت الصحيفة بأن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري  2024، شهدت أكبر عدد من الإضرابات في ألمانيا منذ 25 عامًا.

وأدى  إضراب العمال الألمان إلى توقف حركة السكك الحديدية والمطارات في البلاد، كما توقف الأطباء عن عملهم أيضا في  المستشفيات وحتى قطاع البنوك شهد إضراب موظفيه عن العمل لعدة أيام.

ألمانيا دولة الإضراب ؟

ويشير تقرير "نيويورك تايمز" إلى أن سلسلة الإضرابات التي تشهدها ألمانيا تعتبر فصلا جديدا من فصول حكاية ألمانيا باعتبارها "معجزة القرن العشرين الاقتصادية"، لكنها قد تهدد بتحول ألمانيا إلى "عِبرة" القرن الحادي والعشرين.

"ألمانيا، التي ظلت لفترة طويلة القوة الاقتصادية لأوروبا، أصبحت الآن الدولة الأبطأ نمواً بين الدول العشرين التي تستخدم اليورو"، وفقا للصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن البلاد دخلت  في حالة ركود في عام 2023، ومن المتوقع أن تشهد ركودًا في عام 2024.

وتقول الصحيفة إن الإضرابات تعزى بشكل كبير إلى العاملين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط.

كما تواجه ألمانيا نقصا حادا في العمالة مدفوعا بشيخوخة السكان، حيث تشير تقديرات المسؤولين الألمان إلى أن البلاد ستعاني نقصا في أعداد القوة العاملة بنحو سبعة ملايين عامل في البلاد بحلول عام 2035.

ورأت الصحيفة أنه وبينما تعتبر الإضرابات في ألمانيا لحظة فريدة من الفرص بالنسبة للعمال، إلا أنها تتزامن أيضا مع حالة من الضعف الكبير بالنسبة للاقتصاد الوطني.

ونقلت ما ذكره روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني، الأسبوع الماضي من أن " ألمانيا تخرج من الأزمة بشكل أبطأ مما كان متوقعا"، منتقدا ما تشهده البلاد من "إضرابات كبيرة جدا لا نستطيع حقا تحملها".

ما الذي تغير على اقتصاد ألمانيا؟

يشير تقرير نيويورك تايمز إلى أنه وعلى مدى عقود من الزمن، ظل الاقتصاد الألماني يسير ضمن مسارات ربحية كبيرة مدعوما بالصادرات إلى الصين والغاز الرخيص من روسيا، لكن الحرب الروسية على أوكرانيا دفعت أوروبا إلى فطام نفسها عن الغاز الروسي الذي يغذي الصناعة الألمانية.

كما وتعمل استراتيجية "صنع في الصين" المتعمقة التي تنتهجها بكين على تحويل السوق الآسيوية الضخمة التي كانت ذات يوم مصدرا للنمو لألمانيا إلى منافس صناعي.

ويشدد التقرير على أن ألمانيا كانت أكثر الدول تأثرا بشكل سلبي بهذه المعطيات من أي مكان آخر في أوروبا، وذلك بسبب صناعاتها التحويلية الضخمة على وجه الخصوص والتي تشكل خمس ناتجها الاقتصادي الإجمالي، وهو ما يعادل ضعف نظيريه في كل من فرنسا أو بريطانيا.

وأفادت الصحيفة بأن الإضرابات في ألمانيا لا تتعلق فقط بالأجور بل أيضا بمطالب العمال  بتحسين ظروف العمل ومنحهم القدرة على التخطيط لنوبات العمل والإجازات مقدمًا وبوقت كاف، وتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة وساعات عمل أقل.

ولا يتفق المحللون على الأسباب التي تجعل الألمان يرغبون في العمل بشكل أقل، لكن كثيرين يقولون إن المشكلة الرئيسة تكمن في النظام الضريبي في البلاد، والذي يفرض ضرائب على الدخل بشكل أكبر بكثير من الضرائب على الثروات الخاصة؛ مما يؤثر بشكل غير متناسب على العمال من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط.

تكلفة اقتصادية باهظة

وتشدد الصحيفة على أنه وبينما يستعرض العمال المضربون قوتهم في البلاد، فإن تكاليف هذه الإضرابات العمالية التي يتحملها الاقتصاد الكلي تنذر بمزيد من الارتفاع مع توقف الحركة الحيوية في جميع أنحاء ألمانيا.

ووفقا لمجموعة صناعية فقد أدى الإضراب الذي استمر يوما واحدا في مطاري برلين وهامبورغ الأسبوع الماضي إلى توقف حوالي 570 رحلة جوية وأثر على 90 ألف مسافر.

وقدر معهد كيل للاقتصاد العالمي أن إضرابات سائقي القطارات في ألمانيا تكلف الاقتصاد الألماني نحو 100 مليون يورو يوميا.

وفي هذا الصدد يحذر كليمنس فيوست، رئيس معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية من أنه وبينما يمكن تعويض بعض  هذه التكاليف الاقتصادية إلا أن الضرر الأكثر خطورة جراء الإضرابات هو " المزاج الاقتصادي" وخصوصا في الوقت الذي تشعر فيه ألمانيا بحالة من الاستقطاب السياسي والاقتصادي بسبب الحرب في أوكرانيا وعودة اليمين المتطرف؛ وهو ما "يؤدي إلى زيادة الشعور بالأزمة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com