تسجّل تونس أرقامًا يقول متخصصون في الاقتصاد إنها "مبشّرة" مع تقلّص عجز الميزان التجاري الغذائي، بفضل ارتفاع الصادرات وتراجع بعض الواردات الغذائية؛ ما يُنعش الآمال بتحقيق التعافي الاقتصادي.
وشهد الميزان التجاري الغذائي التونسي تقلّصا غير مسبوق بلغ نسبة 89,4 % وفق بيانات المرصد الوطني للزراعة، وهو منظمة حكومية.
وأرجع المرصد هذا التراجع في نسبة العجز إلى ارتفاع قيمة صادرات زيت الزيتون إلى 52,4 %، مقابل تراجع واردات الحبوب بـ 11,2 %، والزيوت النباتية بقيمة 40 %، رغم ارتفاع واردات السكر والحليب بنسبة تقارب 50 %.
ويقيس الميزان التجاري الغذائي، وهو أداة اقتصادية، الفرق بين قيمة الصادرات والواردات من المنتجات الغذائية خلال فترة معينة، وهو يمثل بشكل أساسي الميزان التجاري الخاص بالمنتجات الغذائية.
وإذا قامت دولة ما بتصدير أغذية أكثر مما تستورد، فسيكون لديها فائض في تجارة المواد الغذائية. وعلى العكس من ذلك، إذا استوردت منتجات غذائية أكثر مما تصدر، فسوف تعاني من عجز تجاري غذائي.
ويستخدم هذا الميزان التجاري للأغذية بشكل أساسي لتقييم قدرة بلد ما على إنتاج ما يكفي من الغذاء لسكان، والمشاركة في التجارة الدولية في المنتجات الغذائية.
وللميزان التجاري أيضًا عواقب على العجز التجاري، وهو مؤشر مهم لتقييم أداء الاقتصاد والصناعة والعُملة وتحديد الإجراءات التصحيحية.
ويَعتبر الخبير الاقتصادي التونسي آرام بلحاج أن هذه المؤشرات تظل دورية وترتبط بسياقات دولية معينة، وأساسا بالانخفاض الكبير في بعض الواردات الغذائية.
ووفقا للخبير الاقتصادي تظل هذه النتائج جيدة للاقتصاد التونسي بقدر ما تتيح تخفيف الضغط على احتياطيات العملات الأجنبية، لكنه اعتبر أنه من المبالغة الحديث عن إنعاش حقيقي للاقتصاد، ولا تزال هناك العديد من التحديات التي يجب معالجتها، و"القرارات الثورية" التي يجب اتخاذها لتحقيق الانتعاش الحقيقي.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الدولة محكوم عليها بالاستدانة من الخارج، لكن المهم هو توجيه هذه الديون نحو المشاريع الاستثمارية والإنتاجية، وليس لتغطية الرواتب وسداد خدمة الدين، بحسب تقديره.
واعتبر بلحاج أنّ مشاركة تونس في منتدى دافوس الاقتصادي مؤخرا "تمثل فرصة لتعبئة أموال الاستثمار لصالح تونس"، وأن "المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ضرورية لتوضيح الوضع وتصحيحه وإيجاد أرضية مشتركة جديدة.
وشهدت تونس مؤشرات اقتصادية يصفها المتابعون بـ "الجيدة" خلال سنة 2023، ولا سيما فيما يتعلق بالسيطرة على معدل التضخم، رغم تأثير موجة الجفاف والتحديات المرتبطة بالسياق الجيوسياسي الدولي والضغوط على الموازنة العامة للدولة.
كما تمكنت تونس من الوفاء بجميع التزاماتها الخارجية وتلك المرتبطة باستيراد المواد الأساسية، بالإضافة إلى ضمان توازن المالية العامّة.
وأوضحت وزيرة المالية سهام بوغديري، خلال مؤتمر صحفي، أن السنة الحالية ستكون سنة انتعاش الاقتصاد التونسي، داعية إلى تكثيف الجهود لمحاربة الاقتصاد غير الرسمي.
ووفقًا لتقرير جديد للبنك الدولي حول "آفاق الاقتصاد العالمي"، من المتوقع أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في تونس إلى 1.2% لعام 2023 بأكمله، مقابل 1.1% لتوقعات يونيو/ حزيران 2023.
وتشير توقعات البنك الدولي أيضًا إلى نمو بنسبة 3% في عامي 2024 و2025، فيما يتوقع مكتب الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابع للأمم المتحدة أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي في تونس من 1.5% في 2023، إلى 1.8% في 2024.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، اعتبر تقرير للبنك الدولي أنّ الاقتصاد التونسي يتباطأ على الرغم من انتعاش القطاع السياحي.
وأوضح أنّ الاقتصاد التونسي يرزح تحت عوامل سلبية عدّة من أبرزها "الجفاف المستمرّ، وتحديات التمويل الخارجي، وتواصل تراكم الديون المحلية لأهم المؤسسات العامّة، والعقبات التشريعية".