الموازنة السعودية.. أزمة اقتصادية وتحذيرات من "مرحلة التحول"
الموازنة السعودية.. أزمة اقتصادية وتحذيرات من "مرحلة التحول"الموازنة السعودية.. أزمة اقتصادية وتحذيرات من "مرحلة التحول"

الموازنة السعودية.. أزمة اقتصادية وتحذيرات من "مرحلة التحول"

الرياض- كشفت الموازنة العامة السعودية لعام 2016، عن أزمة اقتصادية تشهدها المملكة، فرضت عليها اللجوء إلى إجراءات تقشفية، وتنذر بمرحلة جديدة تتنازل فيها الرياض عن انفرادها باتخاذ القرار الاقتصادي والسياسي والقبول بشراكة فاعلين اقتصاديين آخرين.

وأعلنت الرياض، أمس الإثنين، عن موازنتها المالية للعام الجديد، قُدرت إنفاقاتها بـ840 مليار ريال سعودي، لكنها تضمنت عجزاً يبلغ 326.197 بليون ريال سعودي، نتيجة المصروفات المقدرة بـ 840 بليوناً، والتي لم تغطها الإيرادات البالغة 513.803 بليون ريال، وفقاً لبيان صادر عن وزارة المالية.

ويقول مراقبون، إن "الكلفة الاجتماعية والسياسية التي ستترتب على فرض إجراءات تقشفية مثل رفع الدعم عن المحروقات والخدمات الأساسية، تعني تنازل المملكة عن دور الراعي لكل أشكال الصرف والإعانة والإعاشة، وبالتالي تقبل التنازل عن مبدأ الانفراد باتخاذ القرار الاقتصادي والسياسي والقبول بشراكة فاعلين اقتصاديين آخرين، وفي مقدمتهم المجتمع بمكوناته وأطيافه المختلفة، وهو ما يعني بدء مرحلة جديدة فيما يُعرف بعلاقات الإنتاج، تقوم على قاعدة الضريبة مقابل التمثيل".

وقرر مجلس الوزراء السعودي رفع أسعار المشتقات والمنتجات النفطية بنسب يتجاوز بعضها 50%، كما أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أوامر "بعدم جواز السحب من الاحتياطي العام للدولة إلا بمرسوم ملكي وفي حالات الضرورة القصوى المتعلقة بالمصلحة العليا للبلاد".

وبحسب المراقبين، فإن "مجرد الإشارة إلى إمكانية اللجوء إلى الاحتياطي العام للدولة، هو مؤشر على عمق الأزمة الاقتصادية التي تشهدها المملكة، التي كانت قد لجأت إلى سحب أكثر من 80 مليار دولار من الاحتياطات الخارجية منذ آب/ أغسطس الماضي".

ومن بين الإجراءات المتوقعة أيضاً لمعالجة العجز المالي، مواصلة الحكومة إصدار سندات التنمية الحكومية. وكانت الحكومة أصدرت خلال عام 2015، سندات بمبلغ 98 مليار ريال استثمرت فيها المؤسسات المالية المحلية.

وأشارت مصادر صحافية محلية وأجنبية، إلى إجراءات تقشفية أخرى، منها "رفع الدعم عن الكهرباء والماء وبعض السلع الأساسية الأخرى، إضافة إلى دراسة إمكانية فرض ضرائب على الدخل والتحويلات الخارجية بالنسبة للأجانب، وزيادة بعض الرسوم على تجديد الإقامات ورخص القيادة والخدمات البيروقراطية الرسمية الأخرى".

القطاع العسكري المستفيد الأول

وبقي القطاع الأمني والعسكري في السعودية مستحوذاً على النسبة الأعلى في موازنة العام الجديد، إذ تم تخصيص 25% من إجمالي الانفاقات لهذا القطاع، والتي تبلغ نحو 213 مليار ريال.

وبحسب بيان الموازنة، فإن هذا القطاع يشمل وزارات الداخلية والدفاع والحرس الوطني، إضافة إلى رئاستي الاستخبارات العامة والحرس الملكي.

وكانت السعودية قد رفعت إنفاقها العسكري في العام الماضي، لتصبح ثالث أعلى إنفاق في العالم بعد الصين وروسيا، بحسب تقرير لمعهد استوكهولم العالمي لأبحاث السلام.

وفي العام ذاته، تجاوزت المملكة الهند في استيراد السلاح والعتاد العسكري لتصبح المستورد الأول عالمياً، بصفقات تسليح بلغت قيمتها 6.4 مليار دولار أميركي.

ويأتي هذا العجز في الموازنة السعودية، مع استمرار انخفاض أسعار النفط، حيث انخفضت عائدات السعودية من المنتجات البترولية، بنسبة قياسية بلغت 23% مقارنة بالعام الماضي، وهي النسبة التي تضع الحكومة السعودية أمام تحد كبير، إذ عليها أن تعوض ما يقارب 326 مليار ريال عبر العمل على إعادة هيكلة البنية الاقتصادية ومصادر الإنتاج في البلاد، وإعادة النظر في سياسات الاقتصاد الريعي واقتصاد الرعاية.

لكن خبراء يشيرون إلى "استعداد السعودية لانخفاض أسعار النفط، حيث عملت على زيادة الإيرادات غير النفطية في 2015".

وكشف بيان وزارة المالية السعودية عن "تحقيق زيادة في الموارد غير النفطية بلغت 163.5 مليار ريال خلال 2015 مقارنة بالإيرادات غير النفطية للعام 2014 والتي بلغت 36.7 مليار ريال".

لكن زيادة الموارد غير النفطية، لم تُمكّن الاقتصاد السعودي من عبور أزمة عام 2015 دون تسجيل هذا العجز الحاد في الموازنة، ما أجبر الرياض على اللجوء إلى إجراءات تقشفية وإصلاحات اقتصادية بنيوية، يُعاد من خلالها ترتيب الأولوليات، ويُطلب من المستهلك تحمل جزء من مشقة "الزمن غير النفطي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com