غلاء الأدوية البيطرية يهدد الثروة الحيوانية شمال سوريا

تعد الثروة الحيوانية مصدر رزق لأغلبية سكان شمال شرق سوريا، لكن تراجع الاهتمام بها مؤخرًا، حيث يعتزم مربو المواشي بيعها بسبب مصاريفها وغلاء الأعلاف والأدوية العلاجية غير المتوفرة، وخاصةً في عامي الجفاف الأخيرين.

وقال محمد علي الملا، إنه كان يملك 160 رأسًا من الماشية بين أغنامٍ وماعز قبل عشرة أعوام، لكنه يكتفي الآن بعشرة رؤوس لصعوبة توفير تكاليفها "كيلو الشعير صار بالحسرة.. متنا" يردد بلهجته المحلية، مستنكرًا ضنك وسوء الأوضاع.

وتابع في حديثه لـ"إرم نيوز": "الحيوانات كالبشر أرواح تمرض وتتعب ولها تكاليف علاجية وأدوية والكشف الطبي والأدوية غالية وغير متوفرة، وإن وجدت تُباع بالدولار مع عدم وجود رقابة ومتابعة بيطرية من الجهات المختصة".

وبدوره، يشكو سعيد عليكو سوء الحال الذي وصلت إليه مواشيه، ويقول إن "الحالة صعبة سواء من الناحية الصحية أو الغذائية، فقلة الغذاء والجفاف أثرت سلبًا على صحة الأغنام التي لم تعد تقوى حتى على الولادة لهزالتها وضعف بنيتها الجسدية والمواليد أسوأ حالًا من أمهاتها".

وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "عددًا كبيرًا من مواشيه ماتت بسبب سوء أحوالها وتخلص من قسم منها من خلال بيعها".

وعن اللقاحات التي تقدمها الجهات المعنية في مؤسسات "الإدارة الذاتية"، أكد عليكو أنها "تقتصر على أدوية بسيطة تتعلق بأمراض الجدري والحمى القلاعية والأمراض التي تصيب الدجاج كالنيو كاسل المعروف محليًا بأبو عريف".

وتابع أن "ارتفاع أسعار الأدوية كارثة إنسانية بحق المواشي بالعموم، إذ وصلت أسعار إبر التسمم إلى 5 دولارات والحرارة إلى 4 دولارات، وأقل لقاح من الممكن أن نعطيه لها بـ 1000 ليرة سورية (نحو نصف دولار)، على الرأس الواحد، إن وجِد.

وأضاف: "لقاح الدمية والجدري والبستريلا من أهم اللقاحات التي بدأ يتغاضى عنها المربون لندرة وجودها، وفقًا لقوله“.

وأوضح عليكو أن "الأطباء البيطريين رفعوا تسعيرة الكشف لعشرة آلاف ليرة سورية (نحو 3 دولارات) ليشخص الحالة المرضية دون أن يعطيها إبرة واحدة، فالحيوانات جميعها لم تسلم من الأمراض وكذلك الأبقار التي تصنف أمراضها بأنها من أخطر الأمراض لما تسببه من قلق نفسي لمالكها لكونها مرتفعة الأسعار".

في حين أكد الطبيب البيطري عبدالرحمن الحسن لـ"إرم نيوز"، أن "تربية المواشي تواجه اليوم صعوبات تتمثل بالضرائب المفروضة على مستودعات الأدوية البيطرية ومكاتب الخدمات الطبية البيطرية والتي ارتفعت بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة".

وقال الحسن، إن "الخدمات البيطرية مهددة بتراجع مبيعاتها والتوقف عن العمل ما سيؤثر على الثروة الحيوانية نتيجة غلاء الأدوية البيطرية".

ويشهد قطاع الثروة الحيوانية في مناطق شمال شرقي سوريا، تدنيًا كبيرًا من حيث العدد والنوعية لما مرّ به من ظروفٍ مناخية واقتصادية قاسية.