"تقييد الاستيراد".. أصوات تتعالى من تونس إلى مصر لتخفيف الضغط على الدولار‎‎
"تقييد الاستيراد".. أصوات تتعالى من تونس إلى مصر لتخفيف الضغط على الدولار‎‎"تقييد الاستيراد".. أصوات تتعالى من تونس إلى مصر لتخفيف الضغط على الدولار‎‎

"تقييد الاستيراد".. أصوات تتعالى من تونس إلى مصر لتخفيف الضغط على الدولار‎‎

تتطلع كل من مصر وتونس إلى اتخاذ إجراءات جديدة لتقييد عمليات استيراد السلع والمنتجات؛ في محاولة لتخفيف الطلب على الدولار وتحويل دفة المستهلكين لشراء البدائل المحلية.

جاء ذلك في وقت تسعى فيه الدولتان للحصول على قرض دولاري من صندوق النقد الدولي لسداد الديون المستحقة عليهما لمؤسسات دولية خلال الشهور المقبلة.

وطالت إجراءات التقييد التي طبقت مؤخرًا طيفا واسعا من السلع والمنتجات منها الشاي والسيارات، مرورا بالدقيق والحليب وزيت الطهي والقهوة والسكر والزبدة والملابس والأثاث، بحسب مجلة "إيكونوميست" البريطانية.

عمليات غير كافية

لكن مسؤولين في حكومتي البلدين المتشابهين في أزمة نقص الدولار ، يعتبرون أن عمليات تقييد الاستيراد الأخيرة غير كافية، إذ إن مزيدا من التشدد في هذا البند يحد من الطلب على العملة الصعبة بنسبة تتجاوز 60% خلال الشهور المقبلة، وبالتالي يعجل بالخروج من أزمة الدولار الخانقة.

لكن على الجانب الآخر، يقول خبراء اقتصاديون ومحللون إن مزيدا من التقييد سيربك جميع الأسواق، ويرفع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية جراء نقص المعروض من السلع وارتفاع سعرها، وهذا ربما يكون أكثر خطورة من محاولات تقليل الطلب على الدولار.

وأضاف الخبراء في حديثهم لـ "إرم نيوز" أن تعزيز مصادر النقد الأجنبي، وتوفير المنتجات المستوردة عن طريق التصنيع المحلي يأتي أولا، ثم بعد ذلك ترشيد الاستيراد، لأن ذلك يفاقم الأزمة ويؤدي إلى توقف جميع القطاعات الإنتاجية في البلاد.

وأوضح الخبير الاقتصادي التونسي عز الدين سعيد أن تقييد الاستيراد الذي يطبق في مصر وتونس غير مدروس، بدليل أن كلا الدولتين لم تفرقا بين استيراد السلع الضرورية والترفيهية وبين السلع التي يمكن تصنيعها محليًا والتي تستورد من الخارج.

وفيما يخص تونس، قال سعيد لـ "إرم نيوز" إن "أغلب شحنات المستوردين التونسيين لا تزال عالقة في الموانئ حاليًا لزعم البنوك عدم وجود سيولة دولارية لدفع ثمنها، وفي حال استمرار الأوضاع لفترات طويلة سيؤدي ذلك إلى نقص المعروض من السلع والمنتجات في الأسواق، وبالتالي ترتفع الأسعار المغذي الأول للتضخم".

وأكد أن الأصوات التي تتعالى بشكل مستمر في تونس من أجل مزيد من التشدد لا تدرك أن البلاد تشهد نقصًا حادًا في تأمين حوالي 200 نوع من الأدوية، بالإضافة إلى منتجات غذائية ومواد خام خاصة بالمصانع العاملة في البلاد.

ورهن نجاح الحكومة في تخفيف الضغط على الدولار بدلا من تقييد الاستيراد، إلى تعزيز مصادر النقد الأجنبي عن طريق السياحة وزيادة الصادرات وتحفيز الشركات المصنعة على زيادة نسبة المكون المحلي.

وتعمق العجز التجاري لتونس إلى حدود 13.7 مليار دينار (4.4 مليار دولار) خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2022، مقابل عجز بقيمة 8.7 مليار دينار (2.9 مليار دولار) خلال الفترة ذاتها من سنة 2021، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء.

وتسعى تونس إلى توفير حزمة دولارية جديدة عن طريق محادثات رسمية بدأتها الدولة مع الصندوق، في يوليو/ تموز الماضي، بينما يتطلب الاتفاق تخفيضات في كل من الدعم وفاتورة أجور القطاع العام، والتي ارتفعت من 11% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2010، إلى 18% عام 2020.

مردود القرار على الأسواق

في السياق ذاته، قال رجل الأعمال المصري رئيس جمعية مستثمري السادس من أكتوبر، محمد خميس شعبان، إن تقييد الاستيراد بدأ في مصر مع إصدار البنك المركزي قبل عدة شهور قرارا يلزم البنوك بالتعامل بالاعتمادات المستندية بدل مستندات التحصيل.

وحول مردود القرار على الأسواق، يوضح شعبان، أن هذا القرار أدى إلى توقف عدد كبير من المصانع لصعوبة استيراد مدخلات الإنتاج من الخارج، لكن الحكومة تداركت أن أزمة قادمة على وشك الانفجار فسرعان ما أوقفت العمل بالقرار، وأقرت بعض التيسيرات.

وأكد في حديثه لـ "إرم نيوز" أنه بالرغم من نجاح تقييد الاستيراد في خفض فاتورة الواردات المصرية بنسبة 8% بنهاية يونيو/ حزيران الماضي، إلا أنه رفع الأسعار إلى معدلات قياسية ليرتفع على إثرها التضخم السنوي للمواد الغذائية 23% الشهر الماضي.

ويتفق رجل الأعمال المصري، رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، سمير عارف، مع مساعي حكومة بلاده لخفض فاتورة الاستيراد التي تجاوز قيمتها 65 مليار دولار سنويًا، لكن بشرط أن تصنع السلع المفروض عليها قيود محليًا.

وأضاف لـ "إرم نيوز" أن التقيد بغرض توفير عملة دولارية سيكون مردودًا سيئًا على الاقتصاد الكلي للبلاد؛ لأن هذا الإجراء قد يغلق المصانع والتي بدورها ستستغني عن العمالة، فيرتفع مؤشر البطالة، في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى توفير مزيد من الفرص لخفض معدلات البطالة.

وتتفاوض القاهرة خلال الفترة الحالية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، لدعم موازنة الدولة التي تأثرت بالأزمات العالمية المتعاقبة، وفي مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية.

والقرض الجديد ليس الأول، إذ حصلت مصر على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار عام 2016، ثم قرض بقيمة 5 مليارات دولار أخرى عام 2020، ومن المفترض أن تسدد 13 مليار دولار للصندوق على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بحسب بنك "غولدمان ساكس" الأمريكي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com