هل تسببت الضغوط الأمريكية في تراجع الاستثمارات الصينية في إسرائيل؟
هل تسببت الضغوط الأمريكية في تراجع الاستثمارات الصينية في إسرائيل؟هل تسببت الضغوط الأمريكية في تراجع الاستثمارات الصينية في إسرائيل؟

هل تسببت الضغوط الأمريكية في تراجع الاستثمارات الصينية في إسرائيل؟

تشهد الاستثمارات الصينية في إسرائيل تراجعا مستمرا؛ بفعل الضغوط الأمريكية التي تُمارَس على الدولة العبرية، وفق تقرير نشرته صحيفة "zman" الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء.

وقالت الصحيفة، إن معطيات عُرضت خلال كلمة ألقاها العميد احتياط بالجيش الإسرائيلي، أساف أوريون، خلال تدشين "مركز السياسات الإسرائيلية الصينية"، أمس الإثنين، بمشاركة السفير الصيني في تل أبيب، أظهرت نزعة التراجع المُشار إليها.

ويتبع هذا المركز الجديد، معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، والأخير يتبع بدوره جامعة تل أبيب، ويعد أحد مراكز دعم صناعة القرار في الدولة العبرية.

وأشار أوريون، الذي تولى في الماضي قيادة لواء التخطيط الإستراتيجي، التابع لشعبة التخطيط بهيئة الأركان العامة، خلال كلمته، إلى نهاية ذروة العلاقات بين البلدين، وبدء موجة تراجع واضحة في الاستثمارات الصينية في إسرائيل، بعد أن بلغت ذروتها، العام 2018.

ووصف ذلك بقوله: "إن شهر العسل بين إسرائيل والصين قد انتهى".

ضغوط واشنطن

وقال أوريون، إن الاستثمارات الصينية في إسرائيل وكذلك الصادرات الإسرائيلية للصين بلغت ذروتهان العام 2018، ومنذ ذلك الحين، بدأت المؤشرات في التراجع. موضحا أن التراجع جاء بفعل الضغوط التي مارستها الإدارة الأمريكية السابقة، وكذلك الحالية، ومطالبتهما بفرض رقابة صارمة على الصادرات الإسرائيلية للصين".

وأشار إلى أن الولايات المتحدة "لاحظت منذ العام 2017، قيام الصين بضخ استثمارات طائلة في البنية التحتية في أنحاء قارة أفريقيا، وكذلك امتلاكها موطئ قدم في دول أوروبا والشرق الأوسط، وباشرت شركات صينية إرساء البنى التحتية لمشروعات مثل: مترو الأنفاق في تل أبيب، وكذلك ميناء خليج حيفا".

ولم تستطع الولايات المتحدة منع هذه المشروعات، بيد أنها مارست ضغوطا أدت إلى تعطيل مشروعات أخرى؛ ما دفع تل أبيب إلى تشكيل لجنة استشارية، في العام 2019، من أجل إعادة دراسة الأبعاد الأمنية وتداعيات الاستثمارات الأجنبية على الأمن القومي.

ونقلت الصحيفة، اليوم الثلاثاء، عن رجل أعمال إسرائيلي كبير، لم تكشف عن هويته، أن المطالب الأمريكية والضغوط التي مارستها واشنطن، بشكل غير مباشر، على الصادرات الإسرائيلية في مجال البرمجيات والخدمات، أسفرت عن نتائج، مضيفا أن الشركات التي يملكها "قلصت أنشطتها مع الصين بشكل كبير".

شكوك متبادلة

ونبهت الصحيفة إلى أن استطلاعا للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث في حزيران/ يونيو 2022، كشف أن قرابة نصف الإسرائيليين (48%) لديهم رؤى إيجابية تجاه الصين، مقارنة برؤيتهم لدول الغرب، وأن (57%) يؤيدون تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين، حتى ولو كان الأمر سيفاقم وضع حقوق الإنسان في الصين.

ووفق ما نقلته الصحيفة عن العميد احتياط أساف أوريون، فقد أشار استطلاع سابق للرأي إلى أن 60% من الإسرائيليين لديهم رؤى إيجابية تجاه الصين، ما يعني، مقارنة باستطلاع "مركز بيو للأبحاث"، أن العلاقة شهدت تراجعا نسبيا.

وبينت أن المعطيات التي أشار إليها أوريون "طُرحت بينما يجلس سفير الصين بين الحضور"، وأن ما يُنشر في إعلام إسرائيل يذهب إلى بكين، حيث يُدرَس بشكل جيد، مدللة على ذلك بالتغطيات الإعلامية الواسعة في الإعلام الصيني لنتائج الزيارة التي أجراها الرئيس الأمريكي جو بايدن أخيرا إلى إسرائيل.

وأشارت الصحيفة إلى حالة من الشكوك المتبادلة، تلف العلاقات الصينية الإسرائيلية حاليا، رغم عدم طرح هذا الملف خلال تدشين المركز الجديد، أمس الإثنين، لكن هذه الحالة أصبحت ظاهرة للعيان.

تفاؤل صيني

وعلى العكس، ذكر السفير الصيني في إسرائيل زاي رون، عبر كلمته التي ألقاها أمام المشاركين في تدشين المركز: "أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يشهد نموًا". وقال:"منذ بناء العلاقات بين إسرائيل والصين قبل 30 عامًا، بلغ حجم التبادل التجاري أكثر من 15 مليون دولار في البداية، ليصل إلى 22.8 مليار دولار في عام 2021".

وأضاف: "أن بلاده أصبحت شريكا تجاريا كبير للغاية لمنطقة الشرق الأوسط، وثاني أكبر شريك تجاري على مستوى العالم"، مضيفًا: "قبل تفشي جائحة كورونا، كانت خطوط الطيران مفتوحة بين إسرائيل وبين خمسة مناطق صينية".

وأشار إلى أن عدد السياح الصينيين الذين زاروا إسرائيل، في العام 2019، بلغ 156 ألف سائح في عام واحد، وهو الرقم الأكبر في تاريخ العلاقات بين البلدين.

ونبهت الصحيفة إلى حرص السفير الصيني على عدم الخوض في تفاصيل أخرى "سلبية"، مضيفة أن معهد الصادرات الإسرائيلي كان قد ذكر في تقرير، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين تخطى، في العام 2020، حاجز 15 مليار دولار.

وتابعت: "لو أضيفت التجارة بين إسرائيل وهونغ كونغ، لبلغ حجم التبادل التجاري في المجمل 18 مليار دولار"، لافتة إلى أن "ثمة فارق بين الرواية الصينية وبين الراوية الإسرائيلية بشأن حجم التبادل التجاري، يبلغ قرابة 4.8 مليار دولار".

وبينما بلغ عدد الشركات الإسرائيلية التي تُصدر سلع ومنتجات للصين، حتى العام 2016، قرابة 480 شركة، تراجع هذا العدد خلال السنوات الست الأخيرة، بواقع 15%.

وبحسب الصحيفة، سجلت الصادرات الإسرائيلية إلى الصين تراجعا في الفترة بين 2019 إلى 2020، وأوضحت أن العام 2018 كان عام ذروة العلاقات التجارية بين البلدين.

خطأ في التقديرات

ونقلت الصحيفة عن وزير الاستخبارات، إليعازر شتيرين، والذي شهد افتتاح المركز الجديد، أنه يتطلع أن تكون التقديرات التي ساقها أوريون خاطئة، وأن تشهد علاقات التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعا كبيرا دون تراجع.

وذكر شتيرين: "نأمل أن يكون أساف قد أخطأ في تقديراته بشأن نزعة التراجع، لا يوجد شك أنه كباحث لا يمكنه تجاهل ظواهر تؤسَس على معطيات، لكننا ننظر إلى ذلك من باب التحدي، ونريد أن نُغير الأوضاع ونعيدها إلى مكانها الذي كانت عليه".

وأرجع شتيرين هذا التراجع إلى جائحة كورونا، وقال: "إن الكثير من الدول دخلت في مواجهة مع كورونا، التي غيّرت الكثير من الأوضاع، ولا سيما في مجال خطوط الإمداد، كما وقعت أضرار اقتصادية كبيرة، إننا في مرحلة الخروج من تلك الأزمة".

وبدأت الحكومة الإسرائيلية مراجعة ملف العلاقات مع الصين، مطلع هذا العام؛ إذ أصبح على جدول أعمال المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن السياسي "الكابينيت" في كانون الثاني/ يناير 2022، عقب ضغوط أمريكية مكثفة، وتقرر إبلاغ واشنطن بجميع الصفقات الحيوية مع بكين بشكل مسبق.

مأزق إستراتيجي

وقال مراقبون إسرائيليون، في وقت سابق: "إن إسرائيل تقف حاليا أمام مأزق إستراتيجي بالنسبة لاستمرار علاقاتها مع الصين؛ في ظل الصراع الدائر بين الأخيرة وبين الولايات المتحدة الأمريكية".

وأصبحت الصين في السنوات الأخيرة ثالث أكبر الشركاء التجاريين لإسرائيل، وزاد حجم الاستثمارات الصينية في إسرائيل من 50 مليون دولار، العام 1992، إلى قرابة 11 مليار دولار سنويا في الوقت الراهن، تشمل: الاستثمار في مجالات البحوث والتطوير، ومشاريع البنية التحتية والتكنولوجيا، وفق تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، مطلع العام الجاري.

وحذرت واشنطن تل أبيب مرارا وتكرارا من زيادة الوجود الصيني، وإطلاع بكين المتزايد على التكنولوجيا الإسرائيلية، واستثمارها في مجال البنى التحتية.

وطالبت الولايات المتحدة إسرائيل في أكثر من مناسبة بوقف الانخراط الصيني في مشاريع البنى التحتية القومية، وأن تعلن موقفها، وإذا ما كانت تقف إلى جوارها أم إلى جوار الصين في الحرب الاقتصادية الدائرة بين القوتين العظميين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com