كيف خسر الأوليغارشي الروسي أليكسي مورداشوف رُبع ثروته بعد غزو أوكرانيا؟
كيف خسر الأوليغارشي الروسي أليكسي مورداشوف رُبع ثروته بعد غزو أوكرانيا؟كيف خسر الأوليغارشي الروسي أليكسي مورداشوف رُبع ثروته بعد غزو أوكرانيا؟

كيف خسر الأوليغارشي الروسي أليكسي مورداشوف رُبع ثروته بعد غزو أوكرانيا؟

بالرغم من أن قطب صناعة الصلب الروسية، أحد أغنى الرجال في البلاد، أليكسي مورداشوف، كان نأى بنفسه عن السياسة، إلا أن غزو نظام الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا جعله منبوذًا وكبّده خسارات  قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إنها الأعلى بين أصحاب البلايين الروس.

وفي أواخر كانون الأول/ ديسمبر، نفّذ الأخوان نيكيتا وكيريل مورداشوف ما طلبه والدهما أليكسي وأعادا له الحصص التي كان منحهما إياها كجزء من خطة خلافته في إدارة أملاكه، فقد عاد واقتنع أنهما غير مستعدين كفاية  لهذا الحمل، وفقًا لشخص مقرب منه.

وبعد شهرين، عقب غزو روسيا لأوكرانيا، كان الأب مورداشوف يجاهد للتخلص من تلك الأسهم مرة أخرى، فهذه المرة، حوّل حصة تبلغ قيمتها مليار دولار تقريبًا إلى مارينا مورداشوفا، وهي أم لأربعة من أبنائه الآخرين، وفقًا للوثائق العامة، وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، جمد الاتحاد الأوروبي أصول مورداشوف الأوروبية.

وفرضت الحكومات الغربية وابلًا من العقوبات التي طالت كبار رجال الأعمال الروس بعقوبات تهدف إلى تجريدهم من ثرواتهم وعزلهم ماليًّا أملا في أن يضغطوا على الرئيس الروسي بوتين لإنهاء الحرب.

ومن بين طبقة الأوليغارشية الروسية العريضة كان مورداشوف، 56 سنة، مكشوفا على المخاطر بدرجة  أكثر من معظم أقرانه، فهو أحد أغنى الرجال في روسيا، وصافي ثروته أعلى من أيّ فرد على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي، وفقًا لمؤشر "بلومبيرغ" للمليارديرات.

وتتركز ثروة موراشوف في حصته البالغة 77٪ في شركة "سيفيرستال" Severstal PAO ، التي تندرج بين أكبر مصنعي الصلب في العالم، وتبيع منتجاتها في جميع أنحاء العالم، لا سيما في أوروبا، حيث يوجد بها عدد كبير من الموظفين والعمليات. ولكونها اعتمدت طويلا على التمويل العالمي لمواصلة عملها، وباتت الآن مهددة بالعقوبات، فقد تكبدت خسائر باهظة.

وعلى عكس القلة الحاكمة الأخرى من كبار الأثرياء الروس الذين إما تبنوا العقوبات على أنها وسام شرف وإما حاولوا الابتعاد عن حالة المنبوذ، فقد  قرر موردشوف محاولة إدارة هذه الفوضى، حيث تحرك لحماية مساهماته الغربية الكبيرة مع اتخاذ خطوات لتركيز أعماله في صناعة الصلب على أسواق جديدة في آسيا وأفريقيا.

وأخذ يسعى للحصول على إعفاءات قانونية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من شأنها أن تسمح لشركة "سيفيرستال" بتسديد مدفوعات الديون لحاملي السندات، وفقًا لإعلان قدمته الشركة في بورصة لندن - وهي خطوة لم تتمكن الشركة من القيام بها منذ فرض العقوبات.

وفي إعلانه عن العقوبات، قال الاتحاد الأوروبي إن مورداشوف "يستفيد من صلاته بصانعي القرار الروس"، وعاقبت المملكة المتحدة مورداشوف والعديد من الأوليغارشية الأخرى في الـ15 من مارس؛ ما أدى إلى مجموعة من العقوبات جمدت أصولهم وجعلت من الصعب على شركاتهم العمل في جميع أنحاء أوروبا. ولم يعاقبه مكتب الولايات المتحدة لمراقبة الأصول الأجنبية.



المسافة بين مورداشوف والكرملين

ويقول شخص مقرب من مورداشوف إنه دأب على تصوير نفسه بأنه "رجل أعمال غير سياسي أبقى الكرملين على مسافة ذراع"، فقد كرس الكثير من حياته المهنية لدفع روسيا نحو الغرب، وكان، وهو يجيد الحديث باللغة الإنجليزية والألمانية، الضغط من أجل انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية وترأس ذات مرة مجموعة تجارة الصلب العالمية ومقرها بروكسل، ودفع رسومًا دراسية لـ 200 من موظفيه للذهاب إلى كلية إدارة الأعمال في إنجلترا.

لكن العقوبات جاءت لتجمع مورداشوف ضمن مجموعة من المتنفذين مثل إيغور سيتشين، رئيس شركة "روسنفت" المنتجة للنفط الذي استهدفته الولايات المتحدة في عام 2014 بعد ضم بوتين لشبه جزيرة القرم، ويخضع الآن لعقوبات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة الجديدة.

وعندما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه، أصدر مورداشوف بيانًا قال فيه إنه لم يكن قريبًا من السياسة مطلقًا ولم ير كيف ستساعد معاقبته في حل النزاع في أوكرانيا.

ودون أن يذكر اسم الرئيس بوتين، وصف مورداشوف ما كان يحدث في أوكرانيا بأنه "مأساة لشقيقين" وقال إنه يأمل أن تنتهي "إراقة الدماء" قريبًا.



حجم خسارة مورداشوف

ويقول تقرير "بلومبيرغ" أن مورداشوف خسر منذ الـ18 من فبراير/شباط نحو ربع ثروته ،التي تقدر الآن بـ 22 مليار دولار.

وتميزت مسيرة مورداشوف المهنية بنجاحه في التغلب على فوضى ما بعد الشيوعية في روسيا، فيما توجه بقوة الى الأسواق الغربية وإدارة الأعمال.

ولد شمال موسكو ، حيث كان والداه يعملان في مصنع للصلب، حصل بعد الكلية على وظيفة في المصنع كخبير اقتصادي، وفي عام 1992 عندما كان يبلغ من العمر 27 عامًا، أصبح المدير المالي للشركة.

وقال لصحيفة "وول ستريت جورنال" في عام 2004 ، إن إحدى أولوياته كانت صد أباطرة الأعمال المقيمين في موسكو ممن كانوا يستهدفون المصنع خلال الاضطرابات.

وأنشأ مورداشوف وأقرانه شركة اشترت الصلب من المصنع وأعادوا بيعه، إذ تم  استخدام العائدات بشراء أسهم في شركة "سيفيرستال"، وفي عام 1996 أصبح رئيسها التنفيذي.

وبحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كان من بين الصناعيين الذين التقوا بانتظام بالرئيس بوتين.

ومع ذلك، قال إنه كان مختلفًا عن الأوليغارشية الآخرين لأنه لم يكن لديه سوى القليل من العلاقات السياسية.

وفي عام 2006، رأى مورداشوف فرصة لربط عالمي الأعمال الروسي والغربي بعد أن قدمت شركة "ميتال ستيل" الهندية عرضًا لشراء شركة "أرسيلور" التي تتخذ من لوكسمبورج مقراً لها.

والتقى بوتين وحصل على مباركته ليقدم عرضا معاكسا.. وفي النهاية، عرضت "ميتال" على مورداشوف صفقة أصغر اشترى فيها عام 2008 منشأة ArcelorMittal في ماريلاند مقابل 810 ملايين دولار .

وفي عام 2014 انسحب مورداشوف من الولايات المتحدة بعد أن ضمت موسكو شبه جزيرة القرم. وفي ذلك العام ، باع اثنين من أكبر مصانع الصلب الأمريكية مقابل 2.3 مليار دولار.

وبعد أربع سنوات، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إحدى شركاته لمساعدتها في توصيل التوربينات إلى شبه جزيرة القرم.

أما في أوروبا، فقد بنى تدريجيّا حصة في عملاق السفر الألماني TUI AG، ليصبح أكبر مسهم في الشركة.

وفي الـ28 من فبراير، أعلن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على مورداشوف وأوليغارشيين آخرين، وأشار  الاتحاد إلى دور مورداشوف كرئيس لمجموعة "سيفير غروب" وهي كيان يمتلك 5.4٪ من بنك روسيا، الذي يقول المسؤولون الغربيون إنه البنك الشخصي لكبار المسؤولين الروس.

وقال الاتحاد الأوروبي إن "سيفير غروب" لديها مصالح كبيرة في مجموعة إعلامية تسيطر على محطات تلفزيونية تدعم محاولات موسكو لزعزعة استقرار أوكرانيا.

لكن المتحدثة باسم مورداشوف قالت إن حصصه في بنك روسيا والمجموعة الإعلامية ضئيلة، وإنه لا يشارك في صنع القرار اليومي في أي من المنظمتين.

ويسجل التقرير أن سعر سهم شركة "سيفيرستال" انخفض بنحو الثلث منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وقالت السلطات الإيطالية إنها صادرت أحد يخوت مورداشوف "ليدي إم" الذي يبلغ ارتفاعه 213 قدمًا، بالإضافة إلى ممتلكات في جزيرة سردينيا الواقعة على البحر المتوسط.

لكن مورداشوف وهو يتكبد كل تلك الخسائر استطاع أن ينقذ يخته الآخر  العملاق "نورد" الذي يبلغ ارتفاعه 465 قدمًا، والمزود بمهبطي هليوكوبتر وسينما ومسبح، حيث أمضى اليخت رحلة استغرقت ثلاثة أسابيع من سيشيل في المحيط الهندي إلى فلاديفوستوك، وهي مدينة في أقصى شرق روسيا بالقرب من الحدود الصينية والكورية الشمالية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com