العراق.. ما أبعاد امتناع المزارعين عن بيع القمح للحكومة؟
العراق.. ما أبعاد امتناع المزارعين عن بيع القمح للحكومة؟العراق.. ما أبعاد امتناع المزارعين عن بيع القمح للحكومة؟

العراق.. ما أبعاد امتناع المزارعين عن بيع القمح للحكومة؟

يرى خبراء اقتصاديون ومعنيون بزراعة القمح في العراق أن رهن المزارعين المحليين تسليم محصول القمح للصوامع الحكومية بدفع مستحقاتهم فورا، قد يدفع البلاد إلى استيراد كميات غير محدودة، ويؤدي إلى نشوء سوق سوداء لهذه السلعة الأساسية والحيوية.

جاء ذلك في وقت يتطلع فيه العراق إلى استيراد كميات من القمح لا تتجاوز 3 ملايين طن، لتعويض النقص الكبير في الإنتاج المحلّي جراء الجفاف ونقص هطول الأمطار، وفق تصريحات الناطق باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد، في مطلع نيسان/ أبريل الجاري.

وقدرت وزارة الزراعة العراقية حجم الاستهلاك السنوي للعراق من القمح سنويا بين 4.5 و5 مليون طن.

ويقول الخبير الاقتصادي العراقي وضاح الطه، إن "حالة السجال القائمة بين مزارعي القمح والحكومة العراقية سيكون لها مردود سلبي على المخزون الإستراتيجي، بسبب صعوبة التحديد الدقيق لحاجات البلاد".

وحول آلية الخروج من تلك الأزمة، اعتبر الطه في حديثه لـ"إرم نيوز" أنه "على الحكومة العراقية أن تستجيب لمطالب المزارعين بدفع مستحقاتهم فور تسليم المحصول، أو على الأقل خلال مهلة قريبة تحددها".

وأشار إلى أن "استخدام لغة التخويف والتهديد بفسخ التعاقدات مع المزارعين الممتنعين عن التوريد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، بدعم من التخلي عن زراعة القمح كلياً، ما يُحبط جهود الدولة التي حققت اكتفاء ذاتيا منه لمدة 3 سنوات متتالية لتتحول إلى دولة مستوردة".

وطالب الناطق باسم وزارة الزراعة العراقية حميد النايف، في بيان قبل يومين، مديري الزراعة بضرورة حث المزارعين على تسليم المحصول إلى الصوامع الحكومية، وفي حال امتناع بعضهم عن التسليم سيتم فسخ العقد المبرم مع المزارع، حسب الضوابط القانونية.

وجاء هذا البيان بعد إعلان المزارعين امتناعهم عن تسليم القمح للصوامع، بسبب تدني الأسعار، إضافة إلى تأخير دفع المستحقات، وفق رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق حسن التميمي.

وقال الناطق باسم مزارعي محافظة المثنى (جنوب العراق) حامد أبو ركيعة، في تصريحات لوسائل إعلام عراقية، إن "أكثر من ثلاثة آلاف مزارع قرروا العزوف عن تسويق محصول القمح للموسم الحالي إلى الحكومة المركزية ما لم يتم رفع سعر التسويق، الذي اعتبرها قليلة من وجهة نظره".

وحددت وزارة الزراعة العراقية سعر شراء القمح من المزارعين خلال الموسم الحالي، بنحو 750 ألف دينار، أي ما يعادل 520 دولارا.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، إن "التعامل مع ملف القمح يحتاج إلى مزيد من الحكمة في ظل اضطراب الأسواق العالمية جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وبحث مطالب المزارعين يجنب البلاد استنزاف عملتها الصعبة في استيراد منتج متوافر محليا".

وأوضح المشهداني، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "دولة العراق تواجه تحديات كبيرة كغيرها من الدول، تتمثل في ارتفاع أسعار الغذاء، وبالتالي ليس أمامها سوى دعم الزراعة المحلية حتى تلبي حاجاتها خلال المواسم المقبلة".

ورأى أنه "في حال عدم حل المشكلة بشكل سريع، وإقناع المزارعين بتوريد المحصول إلى الصوامع، ستذهب تلك الكميات إلى السوق السوداء وسيكون معدل الخسائر أكبر من المشكلة نفسها.

ووفق معطيات رسمية، حقق العراق اكتفاء ذاتيا من القمح في عام 2021 و2020 و2019، إذ تراوح الإنتاج خلال السنوات الثلاث بين 4.5 مليون طن و4.7 مليون طن.

وتشتري الحكومة محصول القمح من الفلاحين لتقوم بتوزيعه لاحقا على المواطنين على شكل طحين، ضمن برنامج البطاقة التموينية المتبع منذ تسعينيات القرن الماضي.

على صعيد متصل، قال المزارع في محافظة ديالي (شمال العراق) حسين المالكي، إن "أغلب المزارعين يعتبرون الاستثمار في القطاع الزراعي غير مجز بسبب الضغوط الحكومية التي أدت إلى تراكم الأعباء على العاملين فيه".

وأشار المالكي في تصريحه لـ"إرم نيوز"، إلى أنه "لم يحصل على مستحقات توريد القمح عام 2020 إلا في نهاية عام 2021، وذلك بزعم عدم وجود سيولة مالية لدى الحكومة".

وحول توقعات الحكومة بتراجع إنتاجية القمح المحلي لهذا الموسم، أضاف أن "ارتفاع تكاليف الزراعة (منها الأسمدة والعمالة والطاقة)، مع بقاء أسعار المحاصيل رخيصة، ضاعف خسائر الفلاحة في العراق وأدى إلى خروج عدد كبير من القطاع في الموسم الحالي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com