اليمن: "لم يعد أحد يأكل اللحم"
اليمن: "لم يعد أحد يأكل اللحم"اليمن: "لم يعد أحد يأكل اللحم"

اليمن: "لم يعد أحد يأكل اللحم"

لم تعد محال بيع اللحوم البيضاء والحمراء في العاصمة اليمنية صنعاء، تشهد ذلك الازدحام الذي كانت تعتاده خلال شهر رمضان من كل عام، فقد تضاءل عدد الزبائن، الأمر الذي استدعى صاحب محل يبيعها في حي "هائل" بالمدينة للقول ساخرا: "لم يعد أحد يأكل اللحم".

يقول "الجزار" إن "رمضان بالنسبة لبائعي اللحوم موسم جيد بسبب إقبال الناس على شرائها بمختلف أنواعها، لكن الناس ما عادت تشتري مثل السابق، وبالكاد يشترون الأساسيات من الطعام".

ويلفت إلى أن "سبب ارتفاع أسعار اللحوم يعود الى ارتفاع أسعار المواشي، فالماشية التي كنا نشتريها بخمسمئة ألف ريال العام الماضي، نشتريها العام الجاري بنحو مليون ريال".

ويتجاوز سعر الكيلو الواحد من اللحم البقري "العجل" ستة آلاف ريال أو ما يعادل عشرة دولارات، بينما أسعار اللحم البقري "الثور" تتفاوت من 4500 ريال إلى 5500 ريال، فيما أسعار لحوم الأغنام تتفاوت من أربعة آلاف ريال إلى ستة آلاف ريال للكيلو الواحد.

وبحسب عبدالله الفقية، وهو سائق سيارة أجرة في صنعاء وباحث في مركز دراسات أهلي سابقا، فإن "السواد الأعظم من اليمنيين باتوا يعتمدون في وجباتهم الرئيسية على الزبادي باعتباره غذاء الفقراء، لأسعارها الرخيصة مقارنة بالوجبات الأخرى التي تعجز الأسر عن شرائها".

ويقول الفقيه لـ"إرم نيوز"، إن "اللحوم والدواجن والأسماك بالنسبة للكثير من الأسر الفقيرة ترف يعجزون عن الوصول إليه باستثناء الأعياد أو المناسبات الاجتماعية والدينية، لكن في الأيام العادية، اللحم بالنسبة لنا أمر صعب إن لم يكن مستحيلا".

وأضاف وهو يشير إلى محال لبيع الملابس وأخرى لبيع الهواتف بحي الحصبة في صنعاء: "كانت هذه ملحمة وإلى جوارها أخرى كان يطلق عليها ملحمة الحاج ناصر من أقدم الملاحم في الحصبة، لكن بعد ارتفاع أسعار المواشي وأسعار اللحوم اضطروا الى إغلاقها".

وأردف الفقيه أنه "إذا تفحصت وجوه الزبائن الذين يترددون على الجزارين في صنعاء، ستجدهم إما تجارا أو قيادات حوثية في الصف الأوسط لأنهم الوحيدون من يمتلكون المال".

أما بالنسبة لأم مصطفى، وهي بائعة ملابس تقليدية متجولة في صنعاء، فإن أيام رمضان تتشابه مع بقية أيام السنة، كما تقول.

وتعتاد هذه السيدة على التجول في الكثير من أزقة صنعاء القديمة وتطرق عشرات المنازل يوميا، وتكون شاهدا حيا على الوضع المعيشي خلف الأبواب المؤصدة.

وتشير لـ"إرم نيوز"، إلى أن "بعض الأسر لا تجد ما تتناوله في رمضان وغيره، وأن أسرا كثيرة أغلقت عليها أبوابها وتنتظر فرج الرحمن".

وتروي كذلك، قصتها مع ربة منزل في صنعاء القديمة كانت قد اشترت منها بالأجل قبل أشهر.

وتضيف أنها "عندما زارتها صدمها مقدار الفقر الذي باتت تعيشه مع أطفالها، فزوجها توفي في حادث مروري، حيث كان يعمل في مصنع بصنعاء، ومع استمرار متطلبات العيش بدأت في بيع الأثاث لتوفر لأطفالها الطعام".

وتتابع أم مصطفى: "أكثر ما أحزنني، أن طفلة رب المنزل ذات الأربع سنوات، كانت تفتش بين بضاعتي لعلها تجد قطعة خبز، كنت اعتقد أنها تبحث عن فستان لترتديه".

في مكان آخر، وفي الفترة الممتدة من الواحدة ظهرا وحتى الخامسة والنصف مساءً، يعج حي البليلي بصنعاء بالمرتادين لتواجد عشرات المحال والمطاعم المخصصة لبيع الأسماك، ورغم وجود زبائن في تلك المحال فإنهم مقارنة بالأعوام السابقة أعداد قليلة.

فوفقا للمطري صاحب مطعم، فإن "هذا العام والعام الماضي يمثلان أكثر الأعوام ركودا منذ سبعة وعشرين عاماً، فعدد الزبائن قليل جداً. كنا نتوقع أن يكون الإقبال في شهر رمضان جيدا لكنه يشهد ركودا ما يسبب لنا خسائر كبيرة، فالناس لم تعد تشتري الأسماك إلا قليلا".

وقال علي الفتاحي، وهو عامل في صنعاء بينما أسرته تقطن في إحدى قرى محافظة ذمار شمالي اليمن، إن "المطاعم التي تقدم الأسماك أو الدجاج أو اللحوم لا يرتادها الناس بسبب أسعارها بينما يكون الإقبال كبيرا على المطاعم الشعبية التي تقدم وجبات السلتة أو العصيد".

وأضاف لـ"إرم نيوز": "أنا وكل أصدقائي من الشقاة أي العمال بالأجر اليومي، نبتعد عن أكل اللحوم لأسعارها المرتفعة التي قد يكون ثمن وجبة واحدة منها مقابل أجر يوم أو يومين من العمل، لذا نتناول في رمضان السلتة أو العصيد وفي السحور الفول أو الفاصوليا".

يفضل الفتاحي أن يقتصد في ميزانية الطعام في شهر رمضان حتى يعود لأسرته قبل عيد الفطر المبارك ومعه مبلغ جيد من المال يستطيع من خلاله شراء ثياب جديدة لأطفاله الأربعة وتوفير مصاريف المنزل الذي يقطنه مع زوجته وأطفاله وثلاث من شقيقاته ووالدته.

بيما أكد زميله في العمل: "بتنا لا نعرف اللحم إلا في العزائم أو عيد الأضحى، فقد ارتفعت أسعارها بشكل كبير، ومن يشتريها هم فقط أصحاب الدخل الممتاز والحوثيون".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com