"دارت".. معاملة مالية مغربية ازدهرت في عهد "كورونا"
"دارت".. معاملة مالية مغربية ازدهرت في عهد "كورونا""دارت".. معاملة مالية مغربية ازدهرت في عهد "كورونا"

"دارت".. معاملة مالية مغربية ازدهرت في عهد "كورونا"

مع بداية كل شهر، يلتقي، نور الدين، في المقهى المجاور لبيته في الحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء مع العديد من الأصدقاء والمعارف ليس لاحتساء كوب من الشاي وتجاذب أطراف الحديث؛ وإنما لمواصلة الإشراف على عملية "دارت".

و"دارت" أو "القرعة" كما يسميها البعض في المغرب، هي معاملة مالية خاصة تقوم على اتفاق مجموعة من الأشخاص على مساهمة كل واحد منهم بمبلغ مالي معين في كل شهر، ويأخذ أحدهم المبلغ الذي تم تجميعه، وهكذا تجري العملية إلى أن يستفيد جل المنخرطين فيها "قد يصل إلى العشرات"، مع إعطاء الأولوية لمن يمر بضائقة مالية أو من تواجهه مشكلة طارئة.

هذه المعاملة المالية ليست وليدة اليوم، لكن تزايد الإقبال على تنظيمها بشكل لافت في صفوف الطبقة المتوسطة والفقيرة خلال جائحة "كورونا"، وذلك بسبب التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الصعبة للوباء والتي ارخت بظلالها على فئة واسعة من المغاربة.

وفي غضون ذلك، بات البعض يفضل الابتعاد قدر المستطاع عن الاقتراض من البنوك أو وكالات القروض الصغرى والتي "تثقل كاهل المستفيد منها بالفوائد المرتفعة".

"دارت".. الحل البديل

يبدو مشهد، نور الدين، وهو جالس في حلقة دائرية وكأنه يترأس اجتماعا إداريا، فالجميع في تلك الحلقة ملتزم بشكل جدي بأداء واجب "دارت".

في هذه المجموعة المكونة من 11 شخصا يسهم فيها الجميع - وهم من أعمار ووظائف مختلفة - بمبلغ 1000 درهم في كل شهر وقد تم تحديد المستفيدين وفق ترتيب متفق عليه مسبقا.

وقال، نور الدين، في حديث مع "إرم نيوز"، إن "عملية دارت، تشكل حلا بديلا وفعالا لتدبير الأزمات المالية الطارئة"، مشيرًا إلى أن "المشاركين في مجموعته تربطهم صداقات ما يسهل تنظيمها وإنجاحها".

وأكد أن "سر نجاح العملية يكمن في الثقة والوفاء، وذلك لكي يستفيد الجميع من القدر المالي المخصص وهو 10 آلاف درهم"، مبينا أن هذا "المبلغ المحترم بإمكانه أن يلبي المتطلبات".

ظاهرة اجتماعية تعزز التكافل

اعتبر الأستاذ الباحث في علم الاجتماع بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، علي شعباني، أن "هذه الظاهرة الاجتماعية تدخل في إطار التكافل الاجتماعي".

وأضاف شعباني، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "هذه الممارسة المالية كانت في السابق منتشرة في صفوف السيدات وخصوصا ربات البيوت، لكن لأسباب عديدة باتت، دارت، منتشرة في أوساط الموظفين والمعلمين والتجار وغيرها من المهن".

ورأى الخبير الاجتماعي أن "دارت، انتعشت في المجتمع المغربي؛ لأنها تؤدي نفس مهمة القروض الصغرى التي توفرها البنوك وبامتياز أحسن، فهذه المعاملة المالية الشعبية تخلو من الفوائد وتحل بذلك المشاكل الطارئة بتكلفة أقل".

وزاد: "المواطن البسيط انتبه إلى هذه المسألة، ومن هنا بدأت، دارت تنتشر على نطاق واسع". لافتا إلى أن "بعض الأشخاص يقررون الخوض في هذه التجربة المالية للهروب من الفوائد الربوية، وهنا يكون الوازع الديني هو السبب".

وتشتكي البنوك المغربية من انتشار هذه المعاملة المالية في صفوف المجتمع؛ لأنها تحرمهم من أرباح كبيرة.

وسبق لوالي البنك المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري، أن وصف عملية "دارت" بأنها تعيق الإدماج المالي للمواطنين في المؤسسات المالية.

وحيال ذلك، قال، شعباني، إنه من "الطبيعي أن ينتقد الجواهري هذه الممارسة المالية؛ لأنها تضيع على البنوك ومؤسسات القروض الصغرى الزبائن".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com