قلة المشتركين في مزاد البنك المركزي اليمني لبيع العملات.. أسباب وتساؤلات
قلة المشتركين في مزاد البنك المركزي اليمني لبيع العملات.. أسباب وتساؤلاتقلة المشتركين في مزاد البنك المركزي اليمني لبيع العملات.. أسباب وتساؤلات

قلة المشتركين في مزاد البنك المركزي اليمني لبيع العملات.. أسباب وتساؤلات

لجأ البنك المركزي اليمني، من مقره الرئيسي في العاصمة المؤقتة عدن، مؤخراً، إلى استخدام إحدى أدوات السياسة النقدية "السوق المفتوحة" وفق آلية جديدة، من أجل تخفيض التضخم الحالي وسحب السيولة النقدية في العملة المحلية من السوق، في الوقت الذي أثيرت تساؤلات بشأن قلة المشتركين في المزاد خلال يومه الأول، والنتائج المرجوة من ذلك.

ويسعى البنك اليمني من المزاد أيضاً إلى ضخ عملات أجنبية لامتصاص الطلب المتزايد، مستخدماً احتياطياته وأرصدته من العملات الصعبة محلياً و خارجياً، والحد من تدهور قيمة الريال اليمني، ووقف عمليات المضاربة غير المشروعة في السوق.

وكان البنك المركزي اليمني أعلن، الثلاثاء، عن فتح مزاد إلكتروني لبيع 15 مليون دولار للبنوك التجارية والإسلامية العاملة في اليمن، لتغطية احتياجات السوق المحلية من العملة الصعبة.

وذكر بيان البنك المركزي اليمني أن عدد المشاركين بالمزاد 5 بنوك وبلغ عدد العطاءات المقدمة ثمانية ومثلها العطاءات المقبولة، فيما بلغ إجمالي مبلغ العطاءات المقدمة ثمانية ملايين و 750 ألف دولار كما بلغ إجمالي مبلغ العطاءات المقبولة ثمانية ملايين و 750 ألف دولار.

وحدد البنك سعر المزاد بـ 1411 ريالا للدولار الواحد، فيما يبلغ سعر الدولار في السوق السوداء في عدن 1460 ريالا يمنيا للشراء و 1490 ريالا للبيع.

وأعاد خبراء يمنيون في الاقتصاد، قلة المشتركين في مزاد البنك المركزي خلال يومه الأول، لأسباب عديدة، أهمها وجود أطراف عديدة تجابه إجراءات البنك المركزي وتسعى إلى إفشالها، فيما أرجع آخرون السبب إلى فقدان الثقة بالبنك المركزي وإجراءاته، مفضلين الانتظار لما سيرونه من نتائج اليوم الأول ومصداقية البنك في تنفيذ تعهداته.

بينما يرى آخرون أن قلة المشتركين يؤكد عدم وجود طلب حقيقي للعملات في السوق المحلية، موضحين أن ارتفاع أسعار الصرف هي نتيجة للمضاربات بين الصرافين.



مجابهة البنك وإفشاله

وفي هذا الشأن، أكد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة عدن الدكتور محمد باناجة، "وجود أطراف عديدة تواجه البنك وتسعى بكل قوتها وأدواتها إلى إفشال كافة إجراءاته وقراراته للحد من تدهور العملة، فالاقتصاد أداة من أدوات الحرب"، على حد تعبيره.

وحول تقييمه لنتائج المزاد، وأسباب عدم إعطاء البنك المركزي سعراً تأشيرياً محدداً، وعدم قدرة المزاد على الانعكاس إيجاباً على أسعار الصرف السائدة بالسوق، أوضح باناجة، لـ"إرم نيوز"، أنه "حتى لو اعتمد البنك سعراً تأشيرياً في مجابهة كل الإصلاحات التي يقوم بها البنك ستستمر، فلا يمكن الحكم على الأمر من أول مزاد".

وأضاف: "بتقديري أرى أن 8 عطاءات مقدمة هي عدد لا بأس به لأسباب كثيرة، منها أن الإعلان عن بدء بيع العملة عبر المزاد لم يأخذ الوقت الكافي له للوصول لأكبر عدد ممكن من البنوك، كما أن عملية البيع عبر مزاد العملة بحد ذاتها حديثة عهد بسوق الصرف، وتتم العملية عبر المنصة الإلكترونية Refinitiv، وقلما نجد في الأوساط المصرفية مَن يتعاطى إلكترونياً بمزادات العملة".

وأشار الدكتور محمد باناجة إلى أسباب عديدة كانت سببا في استثمار حوالي 60 % من المبلغ المتاح للمنافسة، بالقول: "يكفي أن مزاد الأربعاء أتاح لتوجيه حوالي أكثر من 12 مليار ريال إلى القنوات المصرفية، بعد أن جفت من تدفق النقود منها وإليها".

وبشأن إمكانية البنك المركزي من التحكم بالعرض من النقد الأجنبي وإعادة التوازن في السوق بين التضخم الكبير من العملة المحلية والمعروض من العملة الأجنبية، يرى باناجة أن "السوق المفتوحة بالآلية الجديدة التي لجأ إليها البنك المركزي حالياً، هي إحدى الأدوات النقدية لسحب السيولة بالريال اليمني من السوق، وفي نفس الوقت ضخ نقد أجنبي لتغذية الأصول الخارجية للبنوك التجارية، ما يعني زيادة المكون الأجنبي في العرض النقدي".

وكان البنك المركزي اليمني بدأ، وللمرة الأولى، منذ نقل مركزه الرئيسي من صنعاء إلى عدن في 2016 ، يضع متوسطاً لأسعار الصرف السائدة بالسوق على موقعه الإلكتروني يوم الإثنين الماضي، وهي أسعار صرف مرتفعة جداً تفاوتت خلال ثلاثة أيام من 379 ريالاً يمنياً إلى 385 ريالاً يمنياً لكل ريال سعودي، الأمر الذي يراه بعض التجار ورجال الأعمال بأنه يضر بمراكزهم المالية، بالإضافة لإبداء مخاوفهم من عدم وجود احتياطيات نقدية كافية لدى البنك المركزي اليمني.

وختم الدكتور باناجة حديثه قائلاً: "الانتظار قليلاً أفضل من الاستعجال بالحكم، فهناك أكثر من هدف سيتحقق من خلال تطبيق مزاد العملة عبر المنصات الإلكترونية، وباعتقادي فالبنك المركزي لن يقدم على هذه الخطوة إلا وهو واثق من احتياطياته النقدية محلياً وخارجياً، وأتمنى أن نعطي مساحة زمنية لاستخدام مزاد العملة ثم نجري تقويما له لنرى فوائده".



طلب وهمي وفقاعة سعرية

ويرى الباحث الاقتصادي اليمني وحيد الفودعي أن "نتائج أول أيام مزاد البنك المركزي لبيع العملات الأجنبية تؤكد عدم وجود طلب حقيقي في السوق، فكل ما يوجد بالسوق هو طلب وهمي وبيع وشراء وهمي ومضاربات".

وأضاف الفودعي لـ"إرم نيوز": "للأسف البنك المركزي سمح للأطراف الأخرى بأن تلعب بأسعار الصرف والسوق المحلية بسبب عدم تبنيه سعرا تأشيريا ملزما".

وتابع الفودعي: " الحل النهائي يكمن في تحديد سعر تأشيري ملزم، ينساب بشكل تدريجي هبوطاً للسعر التوازني، مع السماح بمبلغ معين (10 ريال) زيادة أو نقصانا عن السعر التأشيري، وتلتزم فيه كافة البنوك وشركات ومنشآت الصرافة، مع فرض رقابة صارمة وعقوبات تصل لحد التأميم، لأن سعر الصرف لا يعالج بإجراء واحد، فيستلزم الأمر مصفوفة مزمنة من الحلول والمعالجات المالية والنقدية والأمنية والقضائية تفعل بالتوازي وفق الأولويات، لكن غير ذلك يعد فقاعة سعرية لا أكثر".

ويرى الفودعي أن "هناك تحسناً كبيراً في إيرادات الدولة خلال التسعة أشهر الماضية مقارنة بالعام الماضي، كما انخفض بشكل كبير الاعتماد على الإصدار النقدي والاقتراض من قبل البنك المركزي هذا العام، فضلاً عن أن البنك يمتلك حالياً نحو مليار ونصف المليار دولار من الاحتياطيات المالية بحسب مصادري الخاصة، ومع ذلك فمن يمتلك الميدان والفرس أودى بسعر الصرف إلى 1500 ريال".



تحدٍ وبداية غير موفقة

وأشار الباحث الاقتصادي والمختص في الشؤون المالية والمصرفية أيمن العاقل إلى "أسباب وعوامل عديدة تعوق أمام نجاح إجراءات البنك المركزي الأخيرة، ومنها مجابهة أطراف أخرى تسعى لإفشال خطوات البنك، لكن وبصراحة كانت بداية البنك في تنفيذ هذه الخطوات ومنها المزاد غير موفقة وغير مشجعة".

وأضاف العاقل: "هناك أطراف عديدة تسعى بقوة لإفشال البنك المركزي وخطواته، وللأسف أقولها إن من تلك الأطراف موجودة داخل البنك المركزي نفسه، فهناك تحد كبير بين البنك المركزي والصرافين الذين يتربصون به لإفشال المزاد، كونه سيسحب عنهم طلبات التجار والمستوردين".

وأوضح العاقل أن "ما طرحه البنك المركزي في أول أيام المزاد مبلغ قليل جدا، فمبلغ 15 مليون دولار صغير ولا يغطي طلبات تاجر واحد، ولكن ننتظر للمزاد الثاني الذي نتوقع أن يفتح مطلع الأسبوع القادم، ومع ذلك سنرى الصرافين الذين ستزيد حدتهم في التحدي حيث سيسعون لرفع سعر الصرف إلى نحو 450 ريالاً يمنياً لكل ريال سعودي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com