الثروة "المهدورة".. كيف يمكن إنقاذ شركة الفوسفات التونسية من الفساد؟
الثروة "المهدورة".. كيف يمكن إنقاذ شركة الفوسفات التونسية من الفساد؟الثروة "المهدورة".. كيف يمكن إنقاذ شركة الفوسفات التونسية من الفساد؟

الثروة "المهدورة".. كيف يمكن إنقاذ شركة الفوسفات التونسية من الفساد؟

أثار فتح ملف الفساد في شركة الفوسفات التونسية، ردود فعل متباينة، بين من يعتبر أن الخطوة ضرورية لإنعاش الاقتصاد الذي يواجه صعوبات شتى، وبين من يرى أن المسار طويل ويتطلب اعتماد مقاربة تشاركية.

وشهد إنتاج الفوسفات في تونس على امتداد السنوات العشر الأخيرة، تراجعا لافتا وتذبذبا أثر على التوازنات المالية للشركة التي تُعدّ من أكبر ممولي الموازنة العامة للدولة.

ويعتبر رئيس مرصد الحركات الاجتماعية، الصادق البحري، أن عودة إنتاج الفوسفات إلى نسقه الطبيعي لا يمكن أن يتحقق بمقاربة أحادية تعتمد على محاربة الفساد، والتصدي لتعطيل الإنتاج والتلاعب بنقله.

وقال في تصريحات لـ"إرم نيوز" إن "الحكومات المتعاقبة في تونس، تفادت فتح ملف الفوسفات بجدية، وراكمت الكثير من المشاكل الاجتماعية التي يتعين النظر فيها وفق مقاربة تتبناها الدولة، وتأخذ في نظرها البعد الاجتماعي".

وأكد البحري عدم صحة الروايات التي يتم تقديمها بشأن توظيف سكان مناطق إنتاج الفوسفات، لتعطيل الإنتاج من قبل أصحاب مصالح ولوبيات نافذة، مضيفا أن الاحتجاجات التي تعيشها مناطق الإنتاج في معظمها مشروعة، وتتعلق أساسا بظلم الدولة لهم، من خلال استخراج ثروة مهمة من مناطقهم السكنية دون أن تصرف القليل منها على تحسين وضعهم المعيشي.

من جانبه، يرى المحلل السياسي الصغير القيزاني، أن تحقيق إصلاحات كبيرة تضمن عودة تونس إلى ريادة العالم في إنتاج الفوسفات، يتطلب وجود حكومة تولي الملف الأهمية القصوى، للعمل عليه بدقة مع المنظمات الاجتماعية.



وأضاف القيزاني في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هدف العودة إلى ريادة إنتاج الفوسفات، يتطلب وجود مقاربات تشاركية، وخطة مرنة تضمن حسن التعامل مع أصحاب النفوذ والمصالح الذين سيعارضون كل إصلاح.

واعتبر القيزاني أن حل الملفات الاجتماعية في مناطق الإنتاج من شأنها تسجيل أرقام مأمولة في إنتاج الثروة، مشددا على وجوب مقاربة ملف الفوسفات بواقعية، ذلك أن أسعار هذه المادة متذبذبة في العالم ويختلف الوضع عمّا كان عليه منذ 10 سنوات.

وكشف مسؤول في شركة فوسفات قفصة، فضل عدم الكشف عن هويته، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن معدل إنتاج الفوسفات في الأيام الأخيرة في محافظة قفصة، اقترب من عتبة 15 ألف طن يوميا، مضيفا أن التخطيط جار لبلوغ إنتاج 20 ألف طن يوميا، وبذلك يعود الإنتاج إلى ما كان عليه قبل 11 عاما.

وقال المسؤول إن "الفساد في نقل الفوسفات في السنوات الأخيرة، كان أحد الأسباب في تعطيل الإنتاج وتراجعه، ذلك أن عددا من المهندسين يعمدون إلى تحريض السكان لقطع السكة الحديدية، كي يتمكنوا من نقل الفوسفات بشاحناتهم مقابل أجور باهظة، لا تستطيع الشركة تحمل أعبائها في بعض الأحيان".

وأضاف المسؤول أن شخصيات سياسية ونقابية تحرض المواطنين على تعطيل الإنتاج بداعي المطالبة بالتوزيع العادل للثروة، كلما استشعرت خطر المحاسبة، مبينا، أن الرئيس التونسي قيس سعيّد ليست له أي حسابات سوى خدمة الشعب، ما يعني أن الفرصة مواتية لاجتثات الفساد من قطاع إنتاج الفوسفات.



طاقة مهدورة

كشفت معطيات جديدة لوزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار، أن إنتاج تونس من الفوسفات تراجع بين عامي 2011 و 2020، من 8.2 مليون طن إلى 3.1 مليون طن، وسط تقديرات بأن يكون إجمالي إنتاج الفوسفات لهذا العام في حدود 3.3 مليون طن.

واحتلت تونس منذ 10 سنوات المركز الثاني عالميا في إنتاج الفوسفات بعد المغرب، ويتميز الفوسفات التونسي المستخرج بجودته، والذي يمكن تحويله إلى عدد كبير من أنواع الأسمدة التي يتم استغلالها في الزراعة، حسب تقارير محليّة.

كما تراجعت مساهمة إنتاج الفوسفات في الناتج العام من 12.6 % إلى 6.7 % في السنوات العشر الماضية، وخسارة طاقة كان يمكن لها أن تعزّز الصادرات التونسية بما لا يقل عن 10 %، حسب تقديرات الخبراء.



خطوة مهمة

ويرى الناشط السياسي عبد المجيد السعيدي، أن فتح الرئيس التونسي ملف الفوسفات، وبدء تفكيك الفساد في عملية الإنتاج والنقل، تعد خطوات مهمة لتجاوز تعطيل عجلة الإنتاج، بهدف بلوغ الأرقام التي حققتها تونس سابقا.

واعتبر السعيدي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن استعادة نسق إنتاج الفوسفات في تونس، من شأنه أن يحقق انتعاشا اقتصاديا مهما للبلاد، في ظرف تواجه فيه العديد من الصعوبات المالية والاقتصادية.

كما يرى أن اجتثاث الفساد من قطاع الفوسفات، يعود بالنفع على سكان مناطق المناجم، ذلك أن إعادة هيكلة الإنتاج وحسن حوكمته، ستوفر أماكن عمل، وتعيد قطار التنمية إلى الجهة التي يشعر سكانها بالظلم، نتيجة استمرار تهميشهم رغم إنتاج منطقتهم هذه الثروة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com