رياح الشمال القوية تولد الكهرباء بدلا من النفط للمرة الأولى في السعودية
رياح الشمال القوية تولد الكهرباء بدلا من النفط للمرة الأولى في السعوديةرياح الشمال القوية تولد الكهرباء بدلا من النفط للمرة الأولى في السعودية

رياح الشمال القوية تولد الكهرباء بدلا من النفط للمرة الأولى في السعودية

استقبلت المنازل السعودية، خلال الأيام القليلة الماضية، أول ميغاواط ساعي من التيار الكهربائي الذي ولدته الرياح شمال البلاد، في تحول تاريخي لبلد يعتمد منذ عقود طويلة على نفط المنطقة الشرقية الغزير في توليد الطاقة.

بدأت السعودية في السنوات القليلة الماضية، بإطلاق عدة مشاريع للطاقة المتجددة، مثل: الرياح، والشمس، في مسعى للتخفيف من الاعتماد على النفط في توليد الكهرباء بالتالي زيادة قدراته التصديرية وخفض الانبعاثات الضارة للبيئة الناتجة عن الاحتراق.

أجرى المشرفون على مشروع "دومة الجندل" لطاقة الرياح، أواخر الشهر الماضي، تشغيلا تجريبيا لأول توربينة طاقة رياح في المشروع الأول من نوعه بالمملكة، قبل أن تتم بنجاح عملية ربط لمحطة دومة الجندل، بشبكة الكهرباء الرئيسة في المملكة، حيث بدأت عملية التشغيل لتنتج المحطة أول ميجاواط ساعي من طاقة الكهرباء الخالية من الكربون.

وعند اكتمال تشغيل جميع توربينات المشروع البالغ عددها 99 توربينا، فإن 70 ألف منزل في السعودية ستأخذ احتياجاتها من الكهرباء من محطة الرياح تلك، بينما يجري العمل في مشاريع أخرى للطاقة المتجددة بهدف الوصول إلى توفير 50 في المئة من الكهرباء في المملكة من مصادر متجددة بحلول 2030.

وبدأ العمل بالمشروع عام 2019 بعد دراسات مستفيضة أجراها تحالف الشركات المنفذة للمشروع الذي يستهدف توليد 400 ميجا واط، وانتهت بأن الرياح القوية في شمال المملكة الواسعة، قادرة على تحريك توربينات التوليد، وأبلغ عاملون في المشروع، "إرم نيوز" أن ربط جميع توربينات المحطة بشبكة الكهرباء سينتهي في غضون أيام، بحيث تصل طاقة إنتاج الكهرباء للمستهدف.

إستراتيجية حكومية



لا تقتصر خطط ومشاريع السعودية، على مشروعها الجديد في دومة الجندل، حيث بات الشمال مركزا لأكبر مشاريعها السياحية والاستثمارية، وفي مقدمتها مدينة نيوم القريبة التي يتم العمل فيها على مشروع عملاق لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو مصدر طاقة متجدد ويحظى باهتمام عالمي كونه لا يخلف أي انبعاثات غازية ضارة للبيئة مثل الوقود التقليدي.

وتبلغ سرعة الرياح في منطقة نيوم نحو 10.3 متر في الثانية، وهذه سرعة مشجعة لاستغلالها لتحريك توربينات الهواء، بينما ينتج كل متر مربع من الأرض في المنطقة ذاتها نحو 20 ميغا جول طاقة شمسية، وهو رقم مشجع أيضا للمستثمرين.

تقول شركة "مصدر" الإماراتية للطاقة، التي تتولى مع ائتلاف شركات طاقة عالمية مهمة تطوير محطة دومة الجندل لطاقة الرياح، إن توليد الطاقة من المشروع يمنع انبعاث نحو مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا.

ومن شأن مشاريع الطاقة المتجددة التي تعمل على تنفيذها الرياض، أن تسهم في خفض كبير لانبعاثات الكربون الضارة بالمناخ مع تصاعد السياسة الدولية نحو مواجهة تغييرات المناخ التي باتت تهدد الكوكب مع ظهورها على شكل حرائق غابات شاسعة وفيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة في غير موسمها تشهدها بضع دول، وبينما وضعت الصين، هدفها بتحقيق صافي انبعاثات صفرية لعام 2060، فإن الرياض تتوقع أن مشاريعها للطاقة المتجددة، ستضع المملكة في خانة الدول الملتزمة بسياسة المناخ في وقت ستتعرض فيه الدول التي تخلف انبعاثات كبيرة من حرق الوقود التقليدي لضغوط عالمية كما هو متوقع.

وعند اكتمال مشاريع "نيوم" و"آمالا" و"البحر الأحمر"، السياحية الكبيرة، وجميعها تقام في شمال البلاد، فإن الطاقة المتجددة ستكون حاضرة بقوة لتأمين الكهرباء لمنازل ومنشآت تلك المدن الحديثة، وتعد محطة "سكاكا" للطاقة الشمسية، أحد تلك المشاريع، وتستهدف عند اكتمالها توليد 300 ميغاوات من الكهرباء عبر الاستفادة من شمس منطقة الجوف القوية في شمال المملكة بالقرب من حدودها مع الأردن.

كما تقام مشاريع طاقة متجددة أخرى في مناطق أخرى غالبيتها في شمال المملكة، وهي المدينة المنورة وسدير والقريات والشعيبة، وجدة ورابغ، ورفحاء، ويبلغ إجمالي طاقة هذه المشروعات، إضافة إلى مشروعي سكاكا ودومة الجندل، 3670 ميغاواط، ومن المقرر أن توفر الطاقة الكهربائية لأكثر من 600 ألف وحدة سكنية، وستخفض أكثر من 7 ملايين طن من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.

طاقة متجددة منخفضة التكاليف



كما تميزت السعودية بكونها البلد المنتج الكبير للنفط بتكاليف استخراج هي الأقل على مستوى العالم، فإنها تسعى لأن تكون البلد المنتج للكهرباء من طاقتي الرياح والشمس بتكاليف منخفضة على مستوى العالم أيضا.

وقال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في نيسان/ أبريل الماضي، إن بعض مشاريع الطاقة الجديدة التي ستقيمها بلاده، ستحقق أرقاما قياسية عالمية، حيث تم تسجيل أقل تكلفة لشراء الكهرباء المنتَجة من الطاقة الشمسية في العالم، مشيرا إلى أن تكلفة شراء الكهرباء من مشروع الشعيبة 1.04 سنت أمريكي لكل كيلو واط/ ساعة.

تستهدف السعودية في مشروع التنمية العملاق الذي تعمل عليه منذ العام 2016، "رؤية 2030" الوصول لمزيج الطاقة الأمثل، بحيث تصبح حصة الغاز ومصادر الطاقة المتجددة في هذا المزيج نحو 50 في المائة لكلٍ منهما بحلول 2030، وذلك بإزاحة ما يقارب مليون برميل بترول مكافئ من الوقود السائل يوميا، تُستهلك كوقود في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه وقطاعات أخرى.

ويقول خبراء الطاقة السعوديون، إن مشاريع الطاقة المتجددة في بلادهم، ستعزز من دور الرياض في سوق النفط العالمي من خلال زيادة حصتها التصديرية بعد إضافة ما كانت تحرقه يوميا من الوقود السائل لتوليد الكهرباء وتحلية المياه، إذ يظل للنفط العالمي في السنوات المقبلة طلب مستمر، وإن كان بمعدل نمو منخفض مقارنة بالسنوات السابقة.

وعند اكتمال مشاريع الطاقة المتجددة في السعودية، فسيكون لمحطة دومة الجندل لتوليد الكهرباء من الرياح، المكانة التاريخية نفسها لبئر الدمام رقم 7، وهي أول بئر نفطية تم اكتشافها بالمملكة في مارس 1938، ومولت الرياض من مبيعات البئر وباقي حقول النفط، مشاريع التنمية والتعليم والصحة والبنى التحتية طوال العقود الماضية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com