ما الذي يمكن للولايات المتحدة تعلمه من سياسة الصين الصناعية؟
ما الذي يمكن للولايات المتحدة تعلمه من سياسة الصين الصناعية؟ما الذي يمكن للولايات المتحدة تعلمه من سياسة الصين الصناعية؟

ما الذي يمكن للولايات المتحدة تعلمه من سياسة الصين الصناعية؟

في خضم احتدام المنافسة الأمريكية الصينية، وتركيز إدارة الرئيس جو بايدن على التصدي للتقدم الصيني الاقتصادي، يمكن للولايات المتحدة وغيرها من الدول التي تسعى للتنافس على المستوى العالمي أن تتعلم الكثير من أخطاء ونجاحات التجربة الصينية في ما يتعلق بالسياسة الصناعية.

منذ فترة طويلة، كانت "السياسة الصناعية"، التي تهدف لتشجيع نمو صناعات معينة بمساعدة الحكومة، بمثابة كلمة بذيئة في الولايات المتحدة، ولكنها الآن أصبحت واحدة من الأمور القليلة التي يتفق عليها العديد من الديمقراطيين والجمهوريين، فهناك مشاريع منفصلة تمر من خلال الكونغرس بدعم من الحزبين، من شأنها أن ترفع ميزانية الإنفاق الفيدرالي على البحث والتطوير والتعليم العلمي والمنح الخاصة بمصانع أشباه الموصلات بما يصل إلى 250 مليار دولار.

ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، لا يعتبر سبب هذا الاتفاق بين الحزبين الأمريكيين سراً، فهو يتمحور حول المخاوف المتزايدة بشأن المنافسة الصينية، وهو نفس السبب الذي يدفع بمشروع قانون منفصل بقيمة تريليون دولار تقريبا لدعم البنية التحتية.

وفي حين أنه ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة تحتاج لمزيد من الإنفاق العام على البنية التحتية والبحث والتطوير وتدريب الجيل القادم من المبرمجين والمهندسين الأمريكيين، فضلا عن دعم الصناعات الاستراتيجية بالحوافز الضريبية أو غيرها من الوسائل، فإن الولايات المتحدة يجب أن تتجنب الوقوع في فخ محاولة اختيار الشركات الفائزة مباشرة ودمج دعم الدولة بالنزعة الحمائية.

أدى الدمج في الصين، في كثير من الأحيان، لنتائج عكسية، شملت تغذي الشركات التي بلغت أقصى طاقتها الإنتاجية والشركات المنخفضة الجودة على الإعانات الحكومية، بدلاً من الشركات الرائدة بالفعل في مجال التكنولوجيا.



وبحسب محللين، فإن البنية التحتية الأمريكية نفسها في حالة مزرية، وإصلاح جميع الطرق والجسور في أمريكا، ناهيك عن الاستثمار الجديد في شبكات الإنترنت أو إمدادات طاقة أكثر مرونة، سيكلف حوالي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لمذكرة تشرين الأول/ أكتوبر 2020 من صندوق النقد الدولي.

وتعتبر زيادة الإنفاق العام على البحث والتطوير والتعليم العلمي، من خلال دعم الكليات العامة على سبيل المثال، أكثر أهمية، ويعود ذلك جزئيا إلى أن القطاع الخاص كان المسؤول عن معظم تمويل البحث والتطوير في الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة.

في عام 2017، شكل البحث والتطوير في القطاع الخاص حوالي 1.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 0.7٪ فقط من القطاع العام، ومن شأن مزيج شيخوخة القوة العاملة وتباطؤ نموها في الولايات المتحدة وتزايد التوترات مع الصين، أن يؤدي إلى زيادة تكاليف تشغيل الشركات الأمريكية وخفض إيراداتها.

ولذلك من الضروري، إذا أرادت الولايات المتحدة الحفاظ على ريادتها، أن تبدأ الحكومة في إنفاق المزيد على العلوم نفسها، فضلاً عن بذل ما في وسعها للسيطرة على تكاليف الشركة من خلال دعم تعليم العلوم وهجرة المهارات.

وفي العادة، تصبح الأمور غامضة عندما يتعلق الأمر بدعم الصناعات مثل أشباه الموصلات بشكل مباشر، حيث تظهر تجارب الصين وأماكن مثل كوريا الجنوبية أن الأموال الحكومية يمكن أن تساعد، ولكن من الضروري أيضا عدم عزل الشركات عن المنافسة، وفقاً للصحيفة.

وتقدم تجربة الصين مع السيارات الكهربائية العديد من الدروس المفيدة، حيث ركزت بكين في البداية على المحاولة المباشرة لبناء شركات وطنية رائدة من خلال منح مشتري السيارات الكهربائية المحلية خصومات كبيرة ممولة من دافعي الضرائب، بالإضافة إلى إجبار جميع شركات السيارات الصينية على الاستثمار في إنتاج السيارات الكهربائية وشراء البطاريات المحلية.

إلا أن ذلك أدى إلى سباق نحو القاع بدلاً من القمة، حيث أنفقت الحكومات المحلية بكثافة لدعم هذه الشركات، وتراجعت أرباح العديد من الشركات ما دفعها إلى التركيز على الطرازات المنخفضة التكلفة والأرخص بدلاً من العمل على تطوير التكنولوجيا.



كما واجهت صناعة الروبوتات في الصين، التي تعتبر أحد الأهداف الرئيسية الأخرى لسياسة بكين الصناعية، مشاكل مماثلة.

ففي عام 2018، غيرت بكين مسارها، إدراكا منها أن استراتيجيتها لم تكن ناجحة، وقامت بإلغاء متطلبات المشروع المشترك التي أجبرت صانعي السيارات الأجنبية على تقاسم الأرباح مع الشركات المحلية، وفي عام 2019 تم ضم بعض سيارات تسلا في برنامج الخصومات الضريبية لمشتري المنتجات المحلية، وبعد ذلك بعامين، تم إنشاء مصنع شنغهاي الضخم التابع لشركة تسلا وتشغيله، والآن تقوم الشركة بتصدير المركبات الكهربائية من الصين إلى أوروبا.

وتأمل بكين أن يقوم العديد من موردي تسلا بإنشاء مقرات في الصين في نهاية المطاف، وأن تتسرب بعض هذه المعرفة الهندسية والتقنية إلى الشركات المحلية، مثلما حدث مع شركة أبل، التي ساعدت في النهاية على ظهور شركات التكنولوجيا الصينية مثل شاومي وهواوي.

وعلى الرغم من أن النجاح ليس مضمونا، فإن مزيج أفضل المواهب والمنافسة الحقيقية من رواد السوق مثل تسلا، والتمويل الحكومي الذي لا يزال وافرا، ترفع من احتمالية النجاح بنسبة ملحوظة.

ويحمل تاريخ الصين في تطوير السياسة الصناعية دروسا للعديد من الدول بما في ذلك الولايات المتحدة، في ما يخص تصميم الحوافز الخاصة لتعزيز صناعات مثل صناعة الرقائق والمركبات الكهربائية، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.



ففي حين يمكن أن تساعد زيادة الإنفاق في حل مشكلة ما، فإن العنصر الأهم هو تطوير مجموعات من أفضل المواهب بمشاركة نشطة من رواد السوق والتكنولوجيا.

فلا ينبغي أن تذهب المنح لمصانع أشباه الموصلات لمجرد أنها شركات أمريكية، بل يجب أن يتم تشجيع الشركات الكبرى مثل شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة وسامسونغ، التي تستثمر بالفعل في الإنتاج الأمريكي الجديد، على تقديم المشاركة في المنافسة أيضا.

فمن شأن زيادة المهندسين والعلماء الكبار الذين ينتجون رقائق في الولايات المتحدة أن يساعد الجميع، بما في ذلك شركات أمريكية مثل Intel، على المدى الطويل، كما سيساعد أيضا في ترسيخ هيمنة الولايات المتحدة على المنبع في معدات أشباه الموصلات.

وأخيرا، تشير تجربة الصين إلى أن أنجح السياسات الصناعية هي التي تمنح الشركات الأدوات التي تحتاجها للنجاح والنمو بدلاً من مجرد ضخ الأموال فيها، بما في ذلك توفير قوة عاملة ماهرة وبنية تحتية مادية من الدرجة الأولى، وبيئة ضريبية جذابة لمتابعة قادة التكنولوجيا العالميين مثل أبل.

أيا كان قرار واشنطن بشأن دعم صناعات معينة بشكل مباشر، من الضروري أن تعمل على توفير هذه الأساسيات، لأنها يمكن أن تحدث فرقا كبيرا على المدى الطويل، وفقاً للصحيفة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com