الأردن.. سكة المشاريع المتعثرة
الأردن.. سكة المشاريع المتعثرةالأردن.. سكة المشاريع المتعثرة

الأردن.. سكة المشاريع المتعثرة

تثير المشاريع المتعثرة في الأردن، على مدى أكثر من 15 عاما، الجدل حول أسباب هذا التعثر الذي طال أغلب استثمارات "الألفية الثانية".

فمن مشروع "الباص السريع" مرورا بـ"أبراج الدوار السادس" في عمّان، وحتى فكرة "المفاعل النووي" ومشروع "القرية الملكية"، أفكار واعدة انتظر الأردنيون رؤيتها على أرض الواقع، ولكن مع مرور الأيام وصل الأمر بالبعض إلى أن يصف تلك المشاريع بـ"بيع الوهم".

وفي ما يلي حقائق عن أبرز المشاريع المتعثرة أو التي طال انتظارها بالنسبة للمواطنين:

أبراج السادس



تقع أنظار القادم إلى عمّان من طريق المطار (جنوبا) أول ما يدخل العاصمة، على صرحين جاثمين في إحدى ضواحيها الراقية، يسميان "أبراج السادس" أو "أبراج بوابة عمان".

بدأ العمل في البرجين خلال العام 2005 على أن ينتهي بناؤهما في 2010 باستثمارات تقدر بـ 400 مليون دولار، حيث كان من المفترض أن يكونا أطول برجين في العاصمة عمان، لكن ما حدث لم يكن في الحسبان.

توقف العمل في بناء البرجين العام 2009، إثر خلافات بين المالك والمقاول كما تم تداوله.

وتفرع الغضب من تعثر المشروع إلى أمرين أساسيين، الأول: هو أنه بالأصل أقيم على حديقة عامة في حي أم أذينة الراقي، تمت إزالتها بجرافات الاستثمارات، فيما كان الثاني هو بقاؤه مشوها لمنظر عمّان ولهويتها العمرانية.

يقول السكان إن البرجين هما جسمان غريبان في منطقتهما، ناهيك عن خشيتهم الدائمة من خطر وقوع الرافعات العملاقة المعلقة عليهما، إلى جانب أن البنية التحتية من مياه وصرف صحي لا تحتمل الضغط الهائل الذي سيسببانه في حال تم تشغيل المشروع.

مشروع الباص السريع



المشروع الأكبر ولا يزال هو مشروع الباص السريع للنقل بين عمان والزرقاء وهما أكبر محافظتين بالنسبة لعدد السكان في الأردن.

المشروع الذي تقدر تكلفته الإجمالية بنحو 193 مليون دولار ما يعادل 136 مليون دينار أردني، بتمويل من الوكالة الفرنسية للتنمية، لا يزال ينتظر تشغيله الذي تأخر بسبب جائحة كورونا التي تفشت في المملكة في آذار/ مارس الماضي.

وكانت أمانة عمان قد أعلنت عن بدء تجريبي للباص السريع في 12 آذار/ مارس المقبل، بالتزامن مع احتفالات مرور 100 عام على تأسيس الدولة.

بُدئ العمل في المشروع رسميا في العام 2010، لكن بعد مرور عام قررت الحكومة وقف العمل به بناء على طلب من مجلس النواب بناء على لجنة تحقيق شكلها، من أجل مزيد من الدراسة.

كان ذلك إبان حكومة معروف البخيت، حيث رأى مجلس النواب حينها عدم الحاجة لمثل هذا المشروع في عمان ولتكلفته العالية في ظل العجز المالي الذي تعاني منها أمانة العاصمة والحكومة.



بقي مسار الباص السريع، من صويلح وحتى تقاطع الصحافة، وهي المرحلة الأولى التي توقف فيها، شاهدا على تعثر ثانٍ كبير بعد "أبراج السادس"، حيث تركت مساراته التي أخذت حيزا كبيرا من الشوارع الضيقة مكانا لممارسة رياضة المشي ولعب الأطفال.

وعاما بعد عام تنامى حنق المواطنين تجاه هذا التعثر الذي فاقم من أزمة السير، بدلا من تخفيفها كما كان يفترض به ذلك، كما تحول إلى "الشيء الفاشل" الذي يضرب به المثل، إضافة إلى تضرر آلاف التجار الذين جثم المشروع على أبواب محلاتهم لسنوات طويلة.

في عام 2017، قررت الحكومة استئناف العمل بالمشروع ومنذ ذلك الحين بدأت تظهر ملامح أوسع لمساراته، في حين يمني المواطن نفسه بأن ينتهي العمل به ويقطف ثمار صبره وتحمله.

المفاعل النووي



أنشئت في العام 2008، هيئة للطاقة الذرية، لتكون الجهة التنفيذية للبرنامج النووي الأردني للأغراض السلمية من توليد كهرباء وتحلية مياه البحر.

ترأس خالد طوقان الهيئة منذ ذلك الحين حتى اليوم، فيما أكد في تصريحات سابقة أنه تم إنفاق أكثر من 112 مليون دينار على مشاريع البرنامج منذ انطلاقه.

طوقان اتهم أيضاً إسرائيل في وقت سابق بأنها تسعى لإفشال المشروع النووي الأردني، وأنها ضغطت على كوريا الجنوبية وفرنسا لمنع إقامة المفاعل النووي.

كانت فكرة إنشاء المفاعل النووي في العقبة، وذكرت تقارير أن إسرائيل اعترضت فتم تحويل المنطقة إلى المفرق شرقي المملكة، وفق خبراء تحدثوا لـ"إرم نيوز".

وأشاروا نقلا عن هيئة الطاقة الذرية إلى أن روسيا عرضت إنشاء المفاعل بمقابل تمويل قدره 9 أو 10 مليارات دولار، حيث كان الخلاف مع الأردن على سعر الفائدة.

وتذرعت الهيئة، بحسب الخبراء، بأن روسيا مولت إقامة مفاعلات نووية في دول أخرى وعرضت أسعار فائدة أقل مما طلبته من الأردن.

وقالوا إن المفاعل النووي يحتاج كميات ضخمة من المياه سنويا تقدر بأكثر من 100 مليون م3 لتبريده، مشيرين إلى أن الأردن يعاني نقصا شديدا في المياه.

وخلال 12 عاما، تم تصميم وتنفيذ مفاعل نووي بحثي في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا، فيما لا يزال الأردنيون ينتظرون "المفاعل النووي" الذي قيل عنه الكثير.

القرية الملكية

تبخرت أحلام الكثيرين بامتلاك منزل فاخر في إحدى ضواحي عمان الجنوبية في مشروع سمي "القرية الملكية" بمنطقة مرج الحمام على الطريق السريع المؤدي للبحر الميت.

واليوم وبعد مرور 17 عاماً على المشروع، بقيت مئات الدونمات من الأراضي المسورة فارغة إلا من رعاة الأغنام الذين يذهبون إليها كل ربيع لإطعام مواشيهم من حشائشها.



وضع حجر الأساس لمشروع القرية الملكية العام 2005، وكانت التكلفة الإجمالية للمشروع تقدر بمليار دولار، بهدف بناء ألف شقة وفيلا راقية على مساحة أكثر من 500 ألف متر مربع، بتمويل خليجي.

مشاريع أكبر من قدرات الحكومات

عدّد الخبير الاقتصادي حسام عايش، أسبابا كثيرة لفشل أو تعثر هذه المشاريع في الأردن، بحسب ما صرح به لـ"إرم نيوز".

وقال عايش إن السبب الرئيسي لهذا التعثر هو في أنها أكبر من قدرات الحكومات على تنفيذها، بالإضافة إلى عدم حاجة الدولة وأنها ليست من أولوياتها.

وأضاف أن "السبب الثاني لهذا الفشل هو اعتماد هذه المشاريع على الديون من أجل التمويل، إلى جانب التفكير فيها على عجل".

وأشار إلى أن كثيراً من هذه المشاريع أقيمت بناء على دراسات غير مكتملة وعدم تخطيط جيد، ما تسبب بإحداث تغييرات كبيرة عليها وحاجتها لمزيد من التمويل.

من جهته، يرى الكاتب والمحلل عامر السبايلة أن أخطر ما في هذا التعثر هو تعدد المرجعيات، وغياب المتابعة والمساءلة.

وقال السبايلة في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن إنجاز أي مشروع يحتاج لرؤية واضحة ومتابعة مستمرة، مشيرا إلى أن كل هذه المشاريع المتعثرة لم تتم مساءلة أي أحد فيها.



وطرح مثالاً بشأن أبراج الدوار السادس التي بنيت على أنقاض حديقة عامة تسمى "عمرة"، متسائلا "كيف أخذت هذه الحديقة وعلى أي أسس تم اختيار هذه المنطقة لبناء الأبراج".

وتابع: "غياب الشفافية في العمل يجعل مشاريع كهذه تنتهي في حقبة معينة، لأن التخطيط لها تم بناء على نظام (الفزعة) بالإضافة إلى عدم استقرار الحكومات".

ويؤيده في ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي حسام عايش، حيث قال إن "مشروع عمان الجديدة الذي اتخذ تم الحديث عنه في عهد حكومة هاني الملقي، وتم التغاضي عنه في حكومة خلفه عمر الرزاز الذي كان وزيرا للتربية والتعليم في الحكومة الأولى".

وأضاف عايش أن "الحكومات تتغير أولوياتها بتغير المسؤولين فيها ومن ثم نبدأ مع كل حكومة من الصفر. لا توجد مراكمة، وهذا من أسباب عرقلة المشاريع".

وتابع: "هناك مشكلة أخرى في محاولة إنشاء مشاريع كهذه، وهي استعجال الحصول على هبات ومساعدات، تكون نتائجها كارثية، خصوصاً أن المشاريع الكبرى تحتاج إلى تمويلات كبيرة لأن كلفة المشاريع تتضخم مع مرور الوقت.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com