أزمة سلع وهبوط قيمة العملة.. موزانة 2018 تضع الاقتصاد السوداني في "ورطة"
أزمة سلع وهبوط قيمة العملة.. موزانة 2018 تضع الاقتصاد السوداني في "ورطة"أزمة سلع وهبوط قيمة العملة.. موزانة 2018 تضع الاقتصاد السوداني في "ورطة"

أزمة سلع وهبوط قيمة العملة.. موزانة 2018 تضع الاقتصاد السوداني في "ورطة"

 أفرزت موازنة 2018 في السودان أزمات متعددة، طالت الجوانب المعيشية للمواطن في ظل ارتفاع كبير في أسعار السلع الاستهلاكية، وتذبذب أسعار الصرف، مع بوادر شح في بعض السلع.

وتضمنت الموازنة السودانية التي أجازها البرلمان في الـ 31 من ديسمبر الماضي، زيادة الدولار الرسمي والجمركي إلى 18 جنيهًا مقابل 6.9 جنيه في الموازنة السابقة.

وأعلن بنك السودان المركزي، أمس الأحد، عن رفع السعر الرسمي للدولار من 18 إلى 20 جنيهًا بعد احتساب "سعر تأشيري" متضمنًا حافزًا لجذب تحويلات المغتربين.

وبلغ عجز موازنة العام الجاري 28.4 مليار جنيه (4.11 مليار دولار)، ما تشكل نسبته 2.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

نقص في السلع

العاصمة السودانية الخرطوم عانت خلال الأسبوعين الماضيين من أزمة عدم توافر "الجازولين" في عدد كبير من محطات الوقود، واصطفاف المركبات أمام المحطات لساعات طويلة؛ ما أدى إلى حدوث أزمة في المواصلات العامة.

وسبق أزمة الجازولين، أزمة في توافر الخبز بعد إعلان الدولة رفع الدعم نهائيًا عن القمح، وزيادة أسعار الدقيق بنسبة تقدر بأكثر من 200 في المئة.

وارتفع سعر الشوال زنة 50 كغم من 165 جنيهًا إلى 500 جنيه، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الخبز للمستهلك النهائي.

وأرجعت وزارة النفط السودانية أسباب شح الجازولين إلى زيادة الاستهلاك اليومي من الجازولين، لأسباب غير معروفة؛ قبل أن تعلن الأسبوع الماضي عن زيادة التوزيع اليومي من الجازولين.

أسعار الصرف

على الجانب الآخر، تواصل هبوط قيمة الجنيه السوداني أمام سلة العملات الأجنبية بصورة مستمرة، بعد دخول الموازنة إلى حيز التطبيق.

وتشهد أسواق العملات الموازية (السوداء) ارتباكًا في تحديد أسعار الدولار خلال ساعات اليوم، بوجود أكثر من سعر للدولار.

وبلغ سعر البيع الدولار في تداولات اليوم الاثنين 33 جنيهًا في الأسواق الموازية، بينما يبلغ سعر الشراء 32.5 مقارنة بـ 28 جنيهًا قبل إجازة الموازنة.

لا استهلاك

من جانبه، حذر "بكري اليأس"، رئيس شعبة مستوردي الأدوات الصحية بالغرفة التجارية (أهلي)، من انهيار وشيك لقطاع الاستيراد في البلاد سيؤدي إلى ندرة في توفير السلع وارتفاع أسعارها.

وكشف "اليأس" عن انحسار كبير في حركة الاستيراد بالبلاد بعد إقرار الحكومة السودانية زيادة سعر الدولار الجمركي إلى 18 جنيهًا (قبل الإعلان عن رفع أمس الأحد إلى 20 جنيهًا) بنسبة ارتفاع 300 في المئة من سعره السابق (6.6 جنيه).

وقال: "هنالك توقف كامل في حركة البيع، تزامنًا مع الاضطرابات التي تشهدها أسعار الصرف بصورة يومية؛ ما يجعل من تحديد أسعار السلع مهمة شبه مستحيلة".

في المقابل، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء السوداني، مبارك الفاضل في تصريحات صحفية بالبرلمان السوداني الأسبوع الماضي، أن عدم استقرار سعر الصرف، هو مشكلة الاقتصاد السوداني الحقيقية.

نقص سيولة

وتوقع الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي السوداني، أبو القاسم إبرهيم، حدوث أزمات أخرى بجانب الأزمات الموجودة في الوقت الراهن، من بينها أزمة نقص سيولة لا تكفي للإيفاء بمتطلبات تسيير الدولة.

وأرجع إبراهيم أسباب أزمة نقص السيولة لوجود عزوف كامل عن تسديد الرسوم الجمركية والضرائبية، بعد الزيادة التي أقرتها موازنة العام الجاري.

وقال: "لن يكون ثمة نشاط اقتصادي حقيقي في المرحلة المقبلة، بسبب عزوف الدولة عن دعم القطاعات الإنتاجية، وتوقف تلك القطاعات عن دفع التزاماتها لصالح الدولة".

وأقرت موازنة العام الحالي، زيادة في أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي والتجاري، وقطاع الخدمات؛ ما ينذر بخروج عدد كبير من المصانع السودانية من دائرة الإنتاج.

ولفت إبراهيم إلى "حدوث تناقص في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى داخل البلاد، بسبب عدم وجود مؤشرات اقتصادية مستقرة، وفي مقدمتها أسعار الصرف والتضخم".

وأشار إلى "محدودية فرص التمويل الخارجي، في ظل بقاء اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، حاصرًا الفرص في دولتي تركيا وقطر".

ولا يزال اسم السودان مدرجًا في قائمة الدول الراعية للإرهاب، على الرغم من رفع العقوبات الاقتصادية عنه في أكتوبر، بعد فرضها في العام 1997 على خلفية دعاوى إيوائه للإرهاب.

أزمات جديدة

ويتفق أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم، محمد الجاك، على أن ظهور الأزمات سيستمر في المرحلة المقبلة، وذلك سيؤثر على متغيرات الاقتصاد الكلي، وفي مقدمتها "معدلات التضخم، وأسعار الصرف".

وأكد الجاك أن الإجراءات التي تضمنتها الموازنة الحالية، ستعمل على توسيع دائرة الفقر وزيادة نسبته وسط سكان السودان.

وأظهرت إحصائيات رسمية العام الماضي، تراجع نسبة الفقر في السودان إلى 36.1 في المئة مقارنة بآخر إحصائية بلغت حينها 46.5 في المئة، كانت أجرتها في 2009.

ولفت الجاك إلى وجود انكماش حاد في الاقتصاد السوداني؛ نتيجة لما تضمنته موازنة العام الجاري، سيؤدي كذلك إلى ارتفاع نسبة البطالة وسط الشباب السوداني.

وسجلت نسبة البطالة في البلاد 20.6 للعام 2016 مقارنة بـ 21.6 في 2015 وفقًا لإحصائيات رسمية.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com