من حفل القحوم في دار الأوبرا المصرية
من حفل القحوم في دار الأوبرا المصرية(إرم نيوز)

الموسيقار اليمني القحوم: نسعى للملمة شتات موسيقانا وتقديمها للعالم

من وسط ركام الحرب والظروف القاسية التي يشهدها اليمن، لمع نجم الموسيقار محمد القحوم، خلال السنوات الأخيرة.

ويحمل القحوم على عاتقه مهمة تقديم الموسيقى اليمنية الزاخرة بتراثها الأصيل والمتنوع، إلى العالم، عبر مشروعه الفني الفريد "السيمفونيات التراثية" الذي يدمج من خلاله الموسيقى الشعبية المحلية بالموسيقى العالمية الأوركسترالية.

وولد القحوم قبل 32 عاما، بمدينة تريم التاريخية وسط محافظة حضرموت.

ويستعد الشاب برفقة فريق "السيمفونيات التراثية" وعدد من الفنانين اليمنيين، لإحياء الموسم الثالث عبر حفل "نغم يمني في باريس"، المزمع إقامته في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر المقبل، على مسرح "موغادور" العالمي بالعاصمة الفرنسية.

واحدة من حفلات القحوم
واحدة من حفلات القحوممتداولة

ويشارك في الحفل 70 عازفا من جنسيات مختلفة، لتقديم 10 مقطوعات موسيقية سيمفونية مستوحاة من التراث اليمني، وأخرى تمزج بين موسيقى البلدين الكلاسيكية.

"صور جميلة"

يقول الموسيقار محمد القحوم في حوار خاص مع "إرم نيوز"، إنه يأمل أن يقدم مشروعه المنطلق فعليًا في نيسان/أبريل من العام 2019، بحفل أقيم في العاصمة الماليزية كوالالمبور، "صورة جميلة" عن بلده وثقافته وفنّه الزاخر.

ولا يرى أن في ذلك بالنسبة إلى شاب في مقتبل عمره، عبئًا وحملًا ثقيلًا "بقدر ما هو واجب على أي شخص لديه القدرة والفرصة لتقديم شيء لبلده".

ومنذ صغره، تفرّد محمد القحوم وكسر نمط عائلته التي تنشط أعمالها في العقارات والتجارة، وبدأ يجد نفسه منجذبًا إلى الموسيقى والفن الحضرمي الذي تشّرب منه طوال سنوات طفولته، التي مضى معظمها وهو يعبث بجهاز مسجل "الكاسيت"، إلى حين حصوله على أول جهاز كمبيوتر خاص به، ليخطو به نحو مستهل مشواره الاحترافي.

ولاحقا أسس شركة "صدى الإبداع" للإنتاج الموسيقي في اليمن في 2006، ثم افتتح لها مكتبًا رئيسًا في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال إن دور الفن والفنان خلال الحروب، يجب أن يكون "إيجابيًا، ينشر الإيجابية، وينقل صورة جميلة عن بلده، وأن يحاول جاهدًا إظهار الجوانب المشرقة والمشرّفة عنها، بدلًا عن الأخبار السلبية المتداولة عنها بشكل يومي".

ولا يفضّل الموسيقار الشاب الحاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة حضرموت، الحديث كثيرًا عن التحديات والصعوبات المتعددة، التي اعترضت حلمه وكادت أن توقف مشروعه الطموح، مكتفيًا بالقول إن "الصعوبات لا تنتهي".

من حفلات القحوم
من حفلات القحوممتداولة

إجماع فريد

في العاشر من آذار/مارس من العام الماضي، قدم القحوم وفريقه ضمن مشروع "السيمفونيات التراثية"، حفلًا في دار الأوبرا المصرية بعنوان "نغم يمني على ضفاف النيل"، نجح في الحصول على الإعجاب بإجماع يمني نادر.

ولفت الأنظار العربية إلى أسلوبه المبتكر في تقديم الألوان الموسيقية التراثية اليمنية في قوالب عالمية أوركسترالية، وهو ما يراه "شيئًا جديدًا، وموسيقى مختلفة، ونقطة إضافية لبحر الموسيقى العالمية".

ويقول القحوم، إن "السيمفونيات التراثية مشروع يدمج بين الموسيقى الشعبية والموسيقى العالمية الأوركسترالية، لخلق مزيج نحافظ فيه على هوية النغمة التراثية التي تميّزت بها مناطق كثيرة في هذا الوطن، وتسمعها بصحبة آلات موسيقية معروفة، هذا المزيج العجيب هو إشراك النغمة التي تندثر مع مرور الزمن، إلى إرث مسموع ومألوف عند أي شخص ربما يريد الاستماع إلى موسيقى مشبعة، تحمل هوية البلد وتراثه".

ويشير إلى أن المشروع بالنسبة لهم كفريق، "كبير جدًا، ونطمح أن نصل به ونوسعه ليشمل كثيرا من الألوان العربية، لنصنع هذا المزيج، ونستكمل ما تبقى من ألوان بلادنا المختلفة المتناثرة بين الجبال والهضاب والصحاري والساحل".

من حفلات القحوم
من حفلات القحوممتداولة

رسالة سلام

وعن طموحه يقول القحوم: "أتمنى أن نكون على قدر المسؤولية وأن نقدم مشروع السيمفونيات التراثية بشكل يليق بهذا الوطن وأن يوصل رسالتنا للعالم بأننا أهل سلام وأهل فن وثقافة وأصالة".

وحول قيادته لعشرات العازفين العرب والأجانب، يؤكد الموسيقار اليمني، أن "الموسيقى لغة واحدة بعكس اللغات التي نتحدث بها، لذلك فقط تحتاج إلى أن تترجم النغمة الشعبية إلى حروف موسيقية، وهنا تستطيع أن تقود أي موسيقي من أي جنسية، وهذا ما يجعلنا نعكف على ترجمة الحس السمعي إلى واقع مكتوب تستطيع أن تقود به أي موسيقي من أي منطقة في العالم".

وعلى نحو انسيابي ومتجانس، مزج الموسيقار القحوم، خلال مقطوعاته المقدمة في العروض الماضية، بين الأدوات الموسيقية العالمية وعدة آلات موسيقية شعبية يمنية، مثل آلتي المرواس والهاير، وهي آلات إيقاعية مصنوعة من الخشب والجلد، وآلات أخرى وترية مثل السمسمية والقنبوس.

والأخيرة آلة قديمة جدًا وجدت في كثير من المنحوتات، وهي ذات أصالة يمنية عميقة في التاريخ، إلى جانب آلات أخرى قد تكون لها قصص رُبطت بعدها بثقافة البلد الموسيقية، مثل الصحن الذي اشتهرت به صنعاء.

ويرى القحوم، أن الفن اليمني "بشكل عام وبتنوعه الكبير، يحتاج إلى التفاتة قوية تعيد مجده، ليصبح فخرًا وإرثًا يبقى لنا ويميزنا عن باقي الشعوب، وهذا الأمر مسؤولية الجميع".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com