"18 أكتوبر".. مسرحية تعيد قراءة الأحداث السياسية إبان ثورة تونس
"18 أكتوبر".. مسرحية تعيد قراءة الأحداث السياسية إبان ثورة تونس"18 أكتوبر".. مسرحية تعيد قراءة الأحداث السياسية إبان ثورة تونس

"18 أكتوبر".. مسرحية تعيد قراءة الأحداث السياسية إبان ثورة تونس

تعيد مسرحية 18 أكتوبر التي تُعرض في المسارح التونسية هذه الأيام قراءة الأحداث السياسية التي تلت ثورة يناير/كانون الثاني 2011 وتأثيراتها الاجتماعية، وتقدّم في قالب فنّي قراءة للعلاقة بين العائلات السياسية في تونس، منذ فترة ما قبل الثورة.

والمسرحية التي عُرضت في "مهرجان دوز العربي للفن الرابع" في الجنوب التونسي كتب نصها بوكثير دومة، وتولى إخراجها عبد الواحد مبروك، وهي من تمثيل محمد قعلول وعبد العزيز قزي وبلقيس الجوادي.

وتستلهم المسرحية من تجربة "18 أكتوبر" التي أطلقها عدد من النشطاء السياسيين المعارضين لنظام زين العابدين بن علي سنة 2005، وضمت شخصيات سياسية من اليمين ومن اليسار التقت على هدف واحد وهو التصدّي لما اعتبرته انتهاكات من نظام بن علي للحقوق المدنية والسياسية وضربا لخصومه ومعارضيه.

وفي المسرحية دعوة إلى إحياء تلك التجربة التي مثلت نموذجا للتعايش بين العائلات السياسية المتنافرة إيديولوجيا، والتي التقت حول موقف واحد ومبدأ واحد ورأت في الاتحاد قوة لمواجهة خصم مشترك، الأمر الذي لم يكن كذلك بعد زوال هذا الخصم، وإتاحة الوضع السياسي الجديد لما بعد يناير/كانون الثاني 2011 مجالات واسعة للعمل السياسي بكل حرية.

وعلى خشبة المسرح تتحرك ثلاثة أجساد تحت إضاءة خافتة وموسيقى هادئة بدأت بها المسرحية، ثلاث شخصيات صنعت حكاية هذه المسرحية وهي "عمار النفطي، المحامي اليساري الذي تم طرده من حزبه بسبب أفكاره الناقدة والمختلفة عن السائد داخل الحزب، وصديقه صديق الطفولة العروسي، الذي أصبح من مناصري "تطبيق الشريعة" وأبدى تطرفا في أفكاره اليمينية فطرد من حزبه، وحليمة وهي زوجة العروسي، التي قامت بدور الشخصية الرابطة بينهما والمقربة لما تباعد منهما.

والشخصيات الثلاث تقدم بشيء من السخرية ما يمكن اعتباره "التقارب الزائف" أو "التحالف المغشوش" بين قيادات تختلف مرجعيتها الفكرية والسياسية فتجد نفسها منذ اليوم الأول للقيام بـ"الثورة" في حالة صراع سرعان ما رتبت لإنهائه بتفاهمات تخدم مصلحتها، لكن الشعب يدفع ثمنها، وفي ذلك إشارات ضمنية إلى تحالف حركة "النهضة" الإسلامية بعد انتخابات 2011 مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (يساري) الذي يرأسه المنصف المرزوقي آنذاك ومع حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (اشتراكي) ويرأسه حينها مصطفى بن جعفر، وقد تم تقسيم السلطات والمناصب بين هذه الأحزاب.

وتكشف هذه المسرحية بلغة الجسد والنص المنطوق والموسيقى المرافقة حجم هذه الانتهازية التي طبعت أداء السياسيين التونسيين بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، والتقاءهم على مصلحة شخصية دون المصلحة العليا للبلاد، وفي كل ذلك لا يخلو النّص من إشارات نقدية لاذعة لمسار ما حصل ذات شتاء في مطلع سنة 2011.

ويعلّق أحد الممثلين بسخرية على تسمية "ثورة الياسمين" بقوله إنه "من الزيف تسميتها بهذا الاسم، لأن الثورة التي لا ينتصر فيها العامل والفلاح ليست ثورة بل "خديعة" وفق تعبيره.

ويفتح هذا الطرح الباب واسعا أمام مجادلة لا تكاد تنتهي بخصوص توصيف ما حصل من أحداث أواخر العام 2010 وبداية 2011 وما رافقها من إنهاء لفترة حكم بن علي وسط قراءات مختلفة لا تزال تجد صدى الاختلاف بشأنها إلى اليوم لتبلغ حد التنافر والتضارب.

أما شخصية المرأة في هذه المسرحية، والتي أدتها "حليمة" فكانت صورة مصغرة من تونس التي وجدت نفسها بعد 2011 أمام سياق سياسي واجتماعي جديد وأمام نمط مجتمعي أرادت الجهات السياسية المسيطرة على الحكم حينها، أو "جناحها المتطرف" غير المرئي في المشهد السياسي، فرضه على التونسيين.

وبدت حليمة في صورة المرأة المنقبة التي تدعو إلى تطبيق الشريعة رغم عدم اقتناعها بذلك، بدت امرأة بلا هوية، متردّدة مسكونة بالخوف والعُقد ممزقة بين الماضي والحاضر، وفي داخلها بركان من الغضب والثورة والتمرّد وحبّ الحياة... وهي مفارقة عكست بشكل درامي صورة الوطن الذي يتصارع عليه أبناؤه فخلّف صراعهم كثيرا من الجراح والكدمات التي تتطلب سنوات من العلاج.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com