مسرحية "مرايا".. تجربة فريدة لسجناء تونسيين يسعون إلى تغيير النظرة النمطية تجاههم
مسرحية "مرايا".. تجربة فريدة لسجناء تونسيين يسعون إلى تغيير النظرة النمطية تجاههممسرحية "مرايا".. تجربة فريدة لسجناء تونسيين يسعون إلى تغيير النظرة النمطية تجاههم

مسرحية "مرايا".. تجربة فريدة لسجناء تونسيين يسعون إلى تغيير النظرة النمطية تجاههم

في تجربة فنية فريدة من نوعها، قدم عدد من السجناء التونسيين مسرحية لاقت صدى واسعا ضمن أيام قرطاج المسرحية، إذ سمح لهم بمغادرة السجن، ومن ثم العودة إليه بعد انتهاء العروض.

وأفادت تقارير محلية تونسية بأن "أغلال السجون لم تمنع عددا من الشباب التونسي من إنتاج مسرحية تم عرضها ضمن مهرجان "أيام قرطاج المسرحية"، وعكست قدرة هؤلاء الشباب على التعبير والتجديد، واحترام المقومات الفنية المطلوبة في العمل المسرحي.

ومسرحية"مرايا" هي ثمرة اجتماع عدد من سجناء السجن المدني في محافظة قبلي، جنوب غرب تونس، على حب المسرح والرغبة في تحويل الحلم إلى حقيقة عبر تجسيده على خشبة المسرح، فيما تابعها الجمهور بشغف، حسب التقارير.

وقد تم عرض هذا العمل، الذي تولى إخراجه جلال عبيد، بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون بالعاصمة تونس، غير بعيد عن المسرح البلدي وشارع الحبيب بورقيبة الذي يعيش هذه الأيام على إيقاع الفن الرابع.

والعمل هو محاولة من السجناء لتغيير نظرة المجتمع القاسية تجاه هذه الشريحة، والتي تشوه كل جميل، وفق قول مخرج المسرحية جلال عبيد.

وبدا "القبح المجتمعي"، إن جاز التعبير، حاضرا على خشبة المسرح من خلال الألوان التي طغى عليها الأسود والإضاءة الخافتة وانزواء الممثلين في ركن قصيّ، وكأن المجتمع يلفظهم دون أي فرصة للتسامح والتصالح.

وتحفل المسرحية بمشاهد تعبّر عن السجن وعذاباته لا من خلال الألوان فحسب، بل من خلال الأصوات التي تكاد تحاكي أزيز أبواب الزنازين التي ما يكاد السجناء يغادرونها حتى يجدوا أنفسهم في سجن أكبر، هو المجتمع الذي ينظر إليهم نظرة فوقية قاسية قد تدفعهم إلى نزعة الانتقام، وإلى المزيد من التطرف وارتكاب الأخطاء.

ويجسد هذا المعنى شاب أمضى سبع سنوات خلف قضبان السجن، وحين عانق الحريّة اصطدم بالسجن الأكبر الذي تمثّله العادات والتقاليد ونظرة الآخرين "الرافضة"، ويواجه تحديات كبيرة في البحث عن عمل، وفي التطلع إلى الزواج وبناء عائلة والاندماج في هذا المجتمع الذي بدا أشدّ وطأة من "السجن الأصغر"...

وتم اختزال هذا المجتمع القاسي في مقهى شعبي، ترتاده مختلف فئات المجتمع، ففيه المثقف وفيه العاطل والعامل، الكلّ يتبادل الأحاديث والحكايات ويحللون ويناقشون قضايا المجتمع والسياسة.

وفي هذا العمل المسرحي ينقد الممثلون الذين جمعتهم وحدة المكان وقسوة الظروف ظاهرة الأنانية والتسلّط، والمحسوبية ودورها في تغيير مسار حياة كثيرين، وينتقدون قبح هذا المجتمع في تعامله مع الآخر، حتى تنقلب الأدوار فيصبح السجين ضحية والضحية متهما، لأنه لم يضع في الاعتبار فرضية وقوعه يوما في الخطأ وتعرضه لعقوبة السجن، التي تهدد الجميع.

ويذهب نص المسرحية إلى القول إنّ "بابيْن في تونس لا يُغلقان أبدا: المقبرة والسجن"، وفي ذلك إشارة إلى أنّ الجميع معرّض للوقوع في المحظور والدفع به خلف القضبان، لكن الأقسى من ذلك أن يموت هذا السجين مرتين، مرة بسبب العذابات التي يواجهها داخل السجن، ومرة حين يموت كمدا جراء قسوة النظرات والصدّ الذي يجده كلما طرق بابا بحثا عن بداية حياة جديدة.

ويخلص العرض إلى القول إن المجتمع بذلك ينخرط في "صناعة الإجرام" مجدّدا، ويدفع الخاطئين إلى مزيد من الخطأ، وهذا ما يستوجب قراءة جديدة وتغييرا جذريا للعقلية وإعادة بناء للشخصية، يكون محورها الإنسان بكامل معانيه ومكوناته.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com