"هارب من / إلى الدولة الإسلامية".. "مونودراما" تونسية حول صناعة التطرف بعد ثورة 2011
"هارب من / إلى الدولة الإسلامية".. "مونودراما" تونسية حول صناعة التطرف بعد ثورة 2011"هارب من / إلى الدولة الإسلامية".. "مونودراما" تونسية حول صناعة التطرف بعد ثورة 2011

"هارب من / إلى الدولة الإسلامية".. "مونودراما" تونسية حول صناعة التطرف بعد ثورة 2011

لم تمنع الإجراءات المشددة للحد من فيروس "كورونا" في تونس، من إقدام المسرحيين التونسيين على كتابة نصوص تطرح موضوع صناعة التطرف، التي راجت في السنوات الأولى بعد ثورة يناير 2011.

"هارب من / إلى الدولة الإسلامية"، هو أحدث الأعمال المسرحية للمخرج وليد الدغسني، الذي اتخذ من كتاب "كنت في الرقّة: هارب من الدولة الإسلامية" للإعلامي هادي يحمد، نصّا متينا لإعادة طرح الموضوع وفق مقاربة مسرحية أبدع في أدائها الممثل منير العماري.

وخلال العرض الأول للمسرحية، وظّف منير العماري كل ما يمكن أن يوظفه العمل المسرحي للتعبير عن هذا التغير الذي أصاب عددا كبيرا من الشباب التونسي في فترة انفلت فيها الوضع وطغى فيها الخطاب التكفيري، حيث وظّف العماري حركاته ونظراته وإيماءاته وأنفاسه وخطواته ليحاكي مراحل "صناعة العقل المتوحّش"، كما سماها الكاتب هادي يحمد، من خلال قصة الإرهابي الهارب من تنظيم داعش محمد الفاهم.

وتطرح المسرحية تساؤلات عن تحول لم يعهده التونسيون من قبل، وكيف تحول شاب عاشق للموسيقى والشعر والأدب مقبل على الحياة، إلى إرهابي ينتشي بالأشلاء والدماء؟ وما الذي يدفع طبيبا حديث التخرج من الجامعة إلى السفر إلى أرض تحصد فيها آلة الموت أرواحا بالمئات، حين اشتدت رحى الاقتتال في سوريا؟ أسئلة تبدو في ظاهرها مبهمة لا يوجد لها تفسير منطقي، لكنها تحتمل إجابات كثيرة تحدث عنها مختصون في علم الاجتماع ومفكرون وشرّحها كتاب وفنانون، كل على طريقته.

والمسرحية الممتدة على 50 دقيقة، تسافر بمتابعيها من بلد إلى آخر ومن زاوية إلى أخرى، وتُقحمهم في أجواء القصف والقتل، يرويها منير العماري بطريقة تقرب من الخيال لكنّها أقرب إلى الحقيقة، لا سيما أنّ النصّ المسرحي أساسه شهادة حية من شاب تونسي كان هناك في الرقّة، معقل تنظيم داعش منذ نشأته.

ويبدو هذا العرض المسرحي الذي يُصنّف ضمن "المونودراما" في جوهره تراجيديا، لكن الممثل الذي يبدو متمكّنا من تفاصيل النصّ ومفاصله يفتح من حين إلى آخر فسحات من الكوميديا أداء وكلمات ودفع الحاضرين إلى الضحك رغم المرارة التي لا تخفى عن تفاصيل العرض.

ومن مشهد إلى آخر، يحاول منير العماري ملامسة الأسباب النفسية والاجتماعية التي تخلق شابّا متطرفا، في ديكور بسيط لا يزيد عن كرسي واحد منتصب على خشبة المسرح، وحركات يأتيها الممثل من حين إلى آخر بصحبة "عرائس متحركة" أضفت على العرض حيوية، وألقت بمعاني متعددة مع كل ظهور ومع كل ضوء في خفوته أو سطوعه.

ويتنقل منير العماري من وضعية نفسية إلى أخرى، ومن حالة ذهنية إلى أخرى، فترتسم لوحات ذات معانٍ، فالرجل يجيد التحرك على الركح، ويجيد شد الأنظار إليه، وهو الذي تمكن من خيوط الركح وبرع في تحريكها، ويبدو متشبعا بالنص متقمصا للأدوار التي أداها ببراعة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com