هل نجحت الدراما العربية في كسر نمطية الموسم الرمضاني عبر المنصات؟

هل نجحت الدراما العربية في كسر نمطية الموسم الرمضاني عبر المنصات؟

تُثار تساؤلات حول نجاح أو فشل الدراما العربية في كسر نمطية الموسم الرمضاني عبر المنصات الرقمية، حيث تتسابق شركات الإنتاج على عرض أعمالها على القنوات التلفزيونية، فيما تلاقي المسلسلات المعروضة مؤخرا على المنصات الرقمية رواجا لافتا ومتابعة عالية.

وحقق المسلسل السوري-اللبناني المشترك "ستيليتو" الذي يعرض حاليا على منصة " شاهد VIP وقناة " أم بي سي" نسب مشاهدة هامة، ونجحت قصته المأخوذة عن النسخة التركية "جرائم صغيرة" في جذب الجمهور خاصة أنه يعتمد على أسلوب الإثارة والتشويق.

وأعلنت مجموعة "إم بي سي"، مثلاً، عزمها تقديم أول نسخة عربية من المسلسل البريطاني الشهير "دكتور فوستر" (Doctor Foster)، الحائز على جائزة "بافتا"، للجمهور العربي في المنطقة.

ويلاحظ متابعون للمشهد الدرامي اهتماما متزايدا بتقديم نسخ عربية لأعمال عالمية ناجحة.

وبرأي هؤلاء، فإن المنصات العربية تعتمد اليوم على إستراتيجية جديدة تراهن فيها على نمط درامي مختلف يميل إلى إنتاج الأعمال القصيرة أو استنساخ الأعمال العالمية الشهيرة مجاراة لما يفضله المتلقي تحقيقا للأرباح بأقل كلفة إنتاجية.

ومن شأن هذه الإستراتيجية أن تزيح دائرة الاهتمام عن الموسم الرمضاني الذي يكون الهاجس فيه نسب المتابعة لأعمال درامية طويلة على حساب مضامين وجودة الأعمال، بينما تمنح المنصات اليوم الفرصة للكتاب والمخرجين للتجديد والإبداع عبر توسيع دائرة الإنتاج بأعمال بحلقات قصيرة.

وباتت المنصات الرقمية تحفز النجوم على اقتحامها، ونلاحظ تتالي الأعمال التي تعرض مؤخرا على منصة شاهد والتي تقدم في شكل حلقات قصيرة لا تتجاوز 15 حلقة.

ويجمع خبراء على أن المنصات الرقمية تعد ورقة ناجحة، حيث تمنح نسبة متابعة أعلى بتكلفة مالية أقل، برهانها على الأعمال الدرامية القصيرة والمستنسخة.

وتعليقا على ظاهرة رواج الأعمال الدرامية السورية خارج السباق الرمضاني عبر المنصات، قال الكاتب السوري إبراهيم الجبين لـ"إرم نيوز" إنه كان مشاهداً ومتابعاً بدقة لمسار تحوّل إنتاج الدراما العربية ومن بينها السورية إلى دراما موسمية، بعد أن تخلى المخرجون وكتاب السيناريو عن الحلقات الـ30 التي كانت تشتهر بها المسلسلات العربية.

وأضاف: "مع زيادة جودة الأعمال سواء على مستوى النصوص أو تقنيات التصوير والانتقال الذي قام به شيخ المخرجين السوريين هيثم حقي بكاميرا التلفزيون من الاستديو إلى خارجه، حيث المواقع الطبيعية، إضافة إلى اتساع دائرة المشاهدين والزيادة الهائلة في أعداد البيوت التي أصبحت تمتلك أجهزة تلفزيون، وبأسعار أرخص، بات الطلب على تقديم أعمال درامية أكثر في السوق".

وقال إنه "بعد أن كان التوزيع يدوياً عبر موزعين يحملون حقيبة وأشرطة فيديو، أتاح البث عبر الأقمار الصناعية والقنوات الفضائية إمكانيات جديدة لم تكن متوفرة من قبل".

ويتابع: "عند ذاك بات شهر رمضان موسم السباق السنوي بين المخرجين والقنوات، سواء كانت تلك القنوات ريعية أو غير ريعية، وسواء أسهمت تلك الأعمال الدرامية بجلب الإعلانات أم لم تفعل، لا سيما في ظل وجود منافسة قوية من الدراما التركية المدبلجة ذات عدد الحلقات الذي تجاوز أيام شهر رمضان".

واستدرك: "لكن مع بدء عصر السوق الرقمية وزيادة شهية الشركات على إنتاج أعمال بتكاليف أقل وأرباح أكثر، لم يعد شهر رمضان وحده كافياً، وكان الصديق الراحل حاتم علي أول من فكّر في الخروج عن دائرة الموسم الرمضاني، فبدأ بإنتاج أعمال عدد حلقاتها أكثر، كمسلسل (المنتقم) المكوّن من 200 حلقة.

ويضيف: "بعد تلك التجربة، اكتشف المنتجون إمكانية تقديم أعمال أقصر وبكلفة أقل ولكن أيضاً بنسبة ربح أعلى، فظهرت الأعمال القصيرة (7 - 15 حلقة) لعرضها على المنصات الخاصة، مثل ”شاهد“ و“نتفلكس“، وبمرور الوقت ستظهر آثار ما يعرف باسم ”الديجتال إيرا“ على الدراما العربية أكثر وأكثر، سواء لناحية المحتوى الذي لم يعد يقتصر على رسائل فكرية وإنما اجتماعية بحت تتضمن حزمة من الأفكار والأغراض المقدمة لمُشاهِد لم يعد هو مُشاهِد الدراما الرمضانية القديم نفسه".

وحسب وجهة نظره، فإن" التنافس من الآن سيكون على تقديم الجديد والقوي والجذاب في الأفكار وقوالب النصوص الدرامية وإيقاعها، وإقناعها للمشاهد الجديد المتطلب والذكي".

ويذهب متابعون إلى الاستنتاج بأن المنصات الرقمية أنقذت الدراما العربية من الرتابة والتكرار التي تقع فيها غالبية الأعمال الموسمية المهووسة بنسب المشاهدة، كما منحت الفرصة لجيل جديد لإبراز موهبتهم.

ورغم بعدها التجاري، يرى كثيرون أن مستقبل الدراما العربية سيكون على المنصات الرقمية وسط منافسة شديدة مع الدراما التركية أو غيرها، حيث بات المشاهد العربي أكثر انفتاحا على المحتوى العالمي مقارنة بالماضي ولم يعد المحتوى المحلي فقط الذي يغريه.

وتلفت حذامي خريف، كاتبة وصحفية تونسية في حديثها لـ"إرم نيوز"، أن" الدراما العربية نجحت في السنوات الأخيرة في كسر نمطية الموسم الرمضاني الذي احتجزت فيه لسنوات، وعادت لتسجل حضورا ومتابعة من خلال منصات البث التدفقي في موجة تذكر بالطفرة التي حدثت في تسعينات القرن الماضي مع دخول الإعلام العربي عالم البث الفضائي".

وخلصت إلى القول: "اليوم تساير الدراما العربية التطورات الحاصلة في مجال البث وفي سوق العرض والطلب، وأصبح هناك تنافس بين المنصات من أجل تقديم أعمال درامية جديدة تستلهم من الدراما التركية والأجنبية وبتقنيات متطورة تجعل المشاهد يقبل على متابعتها حتى خارج موسم الدراما المعتاد، وهو شهر رمضان".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com