عبدالله الشرهان: جائزة الشارقة للطفل منحتني الثقة والقوة.. ونسعى لمحتوى متعدد الأبعاد

عبدالله الشرهان: جائزة الشارقة للطفل منحتني الثقة والقوة.. ونسعى لمحتوى متعدد الأبعاد

تمكن الكاتب الإماراتي عبدالله الشرهان من اقتناص جائزة مهرجان الشارقة القرائي للطفل، لأفضل "كتاب للطفل باللغة العربية" للأعمار من 4-12 عامًا، عن كتابه "حكاية من لونين"، الصادرة من "دار أجيال" للنشر.

وأسهم الكاتب الإماراتي بتطوير أدب الطفل من خلال شركته "أجيال" التي أسسها، كأولى شركات تطوير محتوى الأطفال، إضافة إلى اهتمامه بمجال رسوم الكرتون والقصص المصورة.

مؤخرًا، فزت بجائزة الشارقة للطفل، فماذا مثلت لك؟

جائزة الشارقة للطفل كانت بمثابة تأكيد على القيمة والأهمية الحقيقية للعمل الذي نقوم به في "أجيال للنشر"، كما أنها مثلت لي شخصيًا تقديرًا كبيرًا للجهود التي بذلتها في مجال الكتابة للأطفال، كانت لحظة فخر حقيقية بالنسبة لي ولكل الفريق.

إلى جانب الاعتراف، كانت الجائزة أيضًا دافعًا قويًا للتطور والتحسن المستمر، أعطتنا الطاقة والثقة للمضي قدمًا في مهمتنا وأعطتنا القوة للتحدي في ظل التحديات.

أخيرًا، وليس آخرًا، كانت جائزة الشارقة للطفل تذكيرًا بأن العمل الذي نقوم به هو مهم وقيم، أن الكتب التي ننتجها ليست مجرد قصص تروى للتسلية، ولكنها أدوات تعليمية قوية قادرة على تشكيل مستقبل الأطفال وتعزيز التفكير النقدي والإبداع في أذهانهم.

لذا، أود أن أعبر عن امتناني العميق لجائزة الشارقة للطفل، ليس فقط للجائزة التي فزنا بها، ولكن أيضًا للدور الحيوي الذي تلعبه في تشجيع ودعم الأدب للأطفال في المنطقة العربية.

بالرغم من تنوّع إنجازاتك، لكنك اعتنيت خاصة بثقافة الأطفال، فما السبب؟

الاهتمام بثقافة الأطفال وتعزيز معرفتهم ليس بالأمر السهل، لكنه يجلب معه فرحة كبيرة وإشباعًا للروح. منذ بداياتي، امتزج حبي للفن مع شغفي بالحاسوب، وأصبحت مفتونًا بكيفية رسم الشخصيات الكرتونية بالحبر والتلوين والتظليل بالخلايا، وكيف يمكن تجسيد الرسوم المتحركة بطريقة نظيفة وجذابة.

بدأت الرسم لنفسي، معتمدًا على اهتماماتي وما يشدّ من هم في مثل سني، خاصة القصص المصورة (الكوميكس). لكنني سرعان ما اكتشفت أن هناك فجوة كبيرة في هذا النوع من الفن، وأن الجمهور متعطش له. أدركت أنني أملك موهبة يحتاجها الأطفال في المنطقة، وهذا ألقى على عاتقي مسؤولية أكبر.

وبالرغم من النجاح الذي حققته رسوماتي، وتحويل أحدها (حمدون) إلى سلسلة رسوم متحركة كاملة، لاحظت أن تكلفة الكرتون عالية ويواجه صعوبة في الاستمرارية في ظل تقلبات السوق. لذلك، بدأت أتجه نحو عالم الكتب، وخاصة بعد انضمامي لورشة عمل حول كتب الأطفال أقامها المجلس الإماراتي لكتب اليافعين في العام 2012.

أعجبت كثيرًا بتلك الورشة، وأعطتني الدافع لأبدأ رحلتي في مجال الكتب، وهي رحلة استمرت لأكثر من 10 سنوات حتى الآن. الكتب، بالنسبة لي، هي وسيلة مثالية لتوصيل القيم والمعرفة للأطفال بطريقة مشوقة وجذابة.

نظرًا للتحديات الكبيرة التي واجهتها في ضمان استدامة إنتاج الرسوم المتحركة، أدركت أن الكتب تعتبر بديلًا مثاليًا يمكن من خلالها التواصل مع الأطفال وتشجيعهم على القراءة وتقديم محتوى تعليمي وترفيهي عالي الجودة. وبفضل الزيارات التي قمت بها لمعارض كتب الأطفال العالمية، أصبح لدي فهم أعمق لهذا المجال وأدركت الفرص الكبيرة التي يقدمها.

متى برز اهتمامك بالكتابة للطفل؟ ومن أبرز الداعمين لك؟

برز اهتمامي بالكتابة للطفل في وقت مبكر من حياتي منذ نعومة أظفاري، وأتذكر كيف كنت أجلس لساعات، متأملًا في كتب الصور، ممتلئًا بالدهشة من التفاصيل والألوان والشخصيات، وكنت أكتب من باب التسلية، إذ لطالما انتهى وقت فراغي بالكثير من الرسومات والقصص والسيناريوهات الخيالية التي كنت ابتكرها.

وتلقيت الدعم من عائلتي، التي شجعتني على استكشاف خيالي وإبداعي، وكانوا دائمًا موجودين لمشاهدة القصص التي كتبتها ورسمتها، كما أسهموا في تطوير مهاراتي في الكتابة والرسم وتعزيز ثقتي بنفسي.

وإضافة للعائلة، تلقيت الدعم من المعلمين في المدرسة، والأصدقاء الذين كانوا دائمًا مستعدين لقراءة ما أكتب وتقديم النصائح والتشجيع.

وفي السنوات الأخيرة، حضرت العديد من ورش العمل والدورات التدريبية، وكانت لدي الفرصة للتعرف على مجموعة متنوعة من الكتاب والرسامين والناشرين. كما حصلت على الدعم الكبير من "أجيال للنشر"، التي ساعدتني على تحقيق حلمي في نشر كتابي الأول للأطفال.

وبمرور الوقت أدركت الأهمية البالغة للكتابة للأطفال وأن لدي مهمة كبيرة في تقديم محتوى يعزز من ثقافتهم ويطور من قدراتهم الفكرية والإبداعية، وذلك لأنّ في الأطفال الفرصة الكبيرة لبناء جيل قادر على التعبير عن نفسه وتحقيق النجاح في حياته، فالكتابة للأطفال ليست فقط من أجل تقديم قصص مسلية، بل هي لبناء أساس قوي لمستقبلهم.

باختصار، يمكنني القول إن ما يدفعني هو الشغف بالكتابة، الحب للأطفال، والرغبة في تقديم محتوى يحترم ذكاءهم ويشجعهم على التعلم والاستكشاف. أعتقد أن الأطفال هم الجيل القادم من القادة، والمبدعين، والمبتكرين، وأنه من مسؤوليتنا جميعًا توفير الأدوات التي يحتاجونها لتحقيق أحلامهم.

برأيك ما هي أهم الشروط أو السمات التي يجب أن تتوفر للكتابة للأطفال؟

الكتابة للطفل فن معقد وجميل في الوقت نفسه، وهي تحتاج إلى القدرة على فهم عالم الأطفال والتواصل معهم بلغة يمكنهم فهمها والاستمتاع بها، وهذه العملية تتضمن عدة مكونات أساسية.

أولاً، لابد للكاتب من التواصل بلغة الأطفال وهذا يتضمن استخدام لغة بسيطة ومباشرة تناسب مستوى فهم الفئة العمرية المستهدفة. وكذلك هناك حاجة لتبسيط المفاهيم الصعبة بطريقة تجذب انتباه الأطفال وتحفز فضولهم.

ثانيًا، من المهم جدًا أن يعامل الكاتب الأطفال كأفراد يُحترمون، فهم ليسوا أقل ذكاء أو وعيًا من البالغين، حيث يجب على الكاتب التعامل معهم كأفراد لديهم آراء ومشاعر خاصة بهم، وهذا يعني التعامل مع موضوعات تهمهم وتقدير قدراتهم العقلية والعاطفية.

ثالثًا، الكاتب يحتاج إلى القدرة على التفكير بطرق مبتكرة وخارج الإطار التقليدي، وتقديم محتوى يحفز خيال الطفل ويشجعه على التفكير والاستكشاف، فالأطفال يحبون الأفكار الجديدة والمغامرات المثيرة.

رابعًا، الإبداع والخيال لهما دور مهم في الكتابة للطفل، فهو يحب القصص التي تأخذه إلى عوالم جديدة ومثيرة، لذا يجب استثمار الإبداع والخيال لإيجاد قصص تبقى في ذاكرة الأطفال وتترك عليهم أثرًا إيجابيًا.

خامسًا، احترام الثقافات والقيم المختلفة مهم جدا في الكتابة للأطفال، لذا على الكاتب الحرص على احترام هذا التنوع في كتاباته، وهذا يشمل تقديم شخصيات من خلفيات مختلفة ومراعاة القيم والثقافات المختلفة في القصص التي يكتبها.

وأخيرًا، لابد للكاتب أن يجد التوازن الصحيح بين التعليم والترفيه. القصص للأطفال يجب أن تكون ممتعة ومسلية، ولكن في الوقت نفسه يجب أن تحتوي على عناصر تعليمية. فالكاتب الجيد هو الذي يستطيع الجمع بين هذين العنصرين بطريقة تجعل الأطفال يتطلعون إلى التعلم أكثر.

هل لديكم مشاريع معينة لتنمية الحس الثقافي للأطفال؟ خاصة مع التقنيات الحديثة التي تجتاح عالمهم؟

أعتقد أن الكتب تلعب دورًا حيويًا في تقديم فترة استراحة مهمة للأطفال من التكنولوجيا المستمرة. في ظل الانغماس العميق في الشاشات والتقنيات الرقمية، فإن الكتب تقدم فرصة للأطفال للتوقف لحظة لتجربة القراءة الهادئة والإبداع الخيالي الذي تتيحه القصص المكتوبة.

حاليًا، نحن نركز على تطوير مجموعة متنوعة من الكتب التي تستهدف فئات مختلفة، بما في ذلك التعليم المبكر، الكتب الفكاهية، الأساطير والحكايات الشعبية، القصص الملهمة، وكتب الأنشطة والحِرف والألعاب، بالإضافة إلى الكوميكس والقصص المصورة. هذه الكتب تم تصميمها لتعزيز القراءة والتعلم بطرق مبتكرة ومشوقة.

أما من حيث المشاريع المستقبلية، فإننا نعمل على تطوير سلسلة من الكتب التي تركز على بناء القدرات الثقافية للأطفال، منها ما يركز على قضايا العالم الحقيقي مثل التعايش والتعاون والتفرد وتقبل الذات ومواجهة المخاوف. الهدف هو تقديم محتوى متعدد الأبعاد يتيح للأطفال فهم العالم من حولهم بشكل أعمق وأكثر تعقيدًا، ولكن بطريقة مشوقة وممتعة.

ومع ذلك، نحن نستثمر أيضًا في التقنيات الحديثة - لكن بطريقة تعزز بدلًا من أن تعوض عن القراءة التقليدية. بشكل عام، أعتقد أن التحدي الرئيس الذي نواجهه هو كيفية استخدام التقنية لتعزيز الحب الطبيعي للأطفال للقراءة والتعلم، بدلًا من أن تصبح بديلًا لها. هذا هو التوازن الذي نسعى لتحقيقه في مشاريعنا القادمة.

كأب لأربعة أطفال، كيف ساهمت في بناء شخصيتهم ثقافيًّا؟ وهل يلهمك أطفالك بأفكار تثري بها قصصك؟

بصفتي أبًا لأربعة أطفال، لقد كان لي الشرف الكبير أن أشاهد تطورهم ونموهم منذ اليوم الأول. تربية الأطفال هي تجربة فريدة من نوعها، ومليئة بالتحديات والمكافآت في كل خطوة، ولكن بمرور الوقت، توصلت إلى الاعتراف بأن أكبر هدية يمكن أن تقدمها لأطفالك هي الثقافة والمعرفة.

في الواقع، أنا أحاول جاهدًا أن أبني شخصيات أطفالي ثقافيًّا عن طريق تعريفهم بمجموعة واسعة من الموضوعات والثقافات والأفكار من الكتب إلى السفر إلى الفن والسينما والمتاحف والعلوم، أحرص على تعريفهم بالعالم الأوسع من حولهم.

بالنسبة للأفكار التي أثري بها قصصي، فإن أطفالي هم بالفعل مصدر إلهامي الأول سواء من خلال أسئلتهم المستمرة، أو تصرفاتهم اليومية، أو حتى الطريقة التي يتعاملون بها مع العالم حولهم، هم من يمدني دائمًا بالأفكار والموضوعات الجديدة. أعتقد أن من أجمل الأشياء في كتابة القصص للأطفال هو أنك تعيش في عالمهم، تستكشف تفكيرهم، وتدرك مدى الإبداع والتخيل الذي يمتلكونه. لذا، نعم، أطفالي هم مصدر إلهامي الأول والأكبر، وليس فقط في الكتابة، بل في الحياة بشكل عام.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com