التشكيلية أسماء فيومي تطيّر الفراشات الملونة وتصنع أسرابًا من "ورق"

التشكيلية أسماء فيومي تطيّر الفراشات الملونة وتصنع أسرابًا من "ورق"

تضيف الفنانة السورية أسماء فيومي "1943"، في معرضها المقام حالياً في صالة تجليات بدمشق، احتمالات جديدة للخط واللون وتقدم محصلة لأعمال رسمتها على الورق منذ بداية السبعينيات حتى اليوم.

واختارت فيومي أن يحمل معرضها عنوان "ورق"، لأنها تغادر في هذه التجربة، أسلوب الجداريات المتوسطة والكبيرة للألوان الزيتية، باتجاه الرسم على الورق الذي يتطلب ولادة كاملة للوحة بلا مسوّدات أو تعديل.

وتنوّعَ سرب الأوراق الذي شكلته فيومي في المعرض، عبر رسائل بصرية تناولت الطفولة والمرأة والأسطورة وفق أسلوبيتها التعبيرية المعروفة.

وتقول فيومي لـ"إرم نيوز": "الورق أبقى على نبض علاقتي مع الفن منذ بداية تجربتي الفنية. فهو اختزال لليوميات والقراءات والمشاعر، ويتطلب جرأة وحسماً وعفوية في التنفيذ لأنه لا يحتمل التعديل".

وتُعتبر فيومي من الفنانات الملهمات للفن النسوي السوري منذ ستينيات القرن الماضي، حيث تتلمذت في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، على أيدي رواد مثل ناظم الجعفري وفاتح المدرس والفنان الإيطالي لاريجينا.

وتتميز أسماء، برسمها خارج الكلاسيكيات المعروفة، وانسياقها الدائم مع الفطرية في التلوين وعدم التكلف في التعبير، فهي تتلقف مشاهدات الحياة بذهنية الناضجين وتعبر بمخيلات الأطفال.

وتقول فيومي: "الرسم انفعال صادق لا يحتمل القيود أو التردد. إنه الابن المدلل، إذا تركته يتركك، كما يقول الفنان نصير شورى. ولا يمكن امتلاك موسيقا الألوان وانسجامها الهارموني، إذا فقد الفنان تلقائيته".

وخصّت فيومي، كل ورقة من هذا المعرض، بقصة تصدّرتها الطفولة والمرأة وحالات الحب والحرية وكسر القيود والتأمل. كما استلهمت قصصاً أسطورية ربطتها بقضايا العصر الحديث.

وتنوعت تقنيات فيومي بين الألوان المائية والأحبار المختلفة التي يتطلب اشتغالها على الورق مهارة عالية. ولأنها تفضل الانسجام مع الفكر والمشاعر، اختارت الأسلوب التعبيري في الرسم.

وتقول فيومي: "عملت في تصميم الديكور في التلفزيون في بداية تجربتي، وكنت أختزل يومياتي وأفكاري يومياً بالرسم على الورق. وقد نشأت علاقة خاصة بيني وبين الورق، ولهذا أحتفي به اليوم".

وتعتبر فيومي أن الفن اختزال للخبرات والقراءات الثقافية التي تشكل خزان الفنان الإبداعي. فالفنان يبدع بعد الامتلاء بانسيابية طبيعية تشبه النبع المتدفق بعد امتلائه بالماء .

رسمت فيومي في أوراق المعرض، الأطفال بفرحهم ودهشتهم ومراحلهم المبكرة، كما صورت المرأة بتوقها وقيودها وأمومتها. تقول أسماء: "الورق تسرّه أفكارك غير المحكية. وكل ما تتوق إليه من آمال، تنسكب دون تنميق أو إعادة".

واشتهرت أسماء، بأنها ترسم وهي مغمضة العينين. فهي لم تُغرق في الأكاديميات ولم تراعِ المساطر النقدية، بل رسمت دائماً مثل الأطفال الذين يحضرون كثيراً في أعمالها، ولهذا يمكن تسمية أسلوبها بالبسيط الصعب في وقت معاً.

وتكرس فيومي في معرض "ورق" حضور البورتريه المرسوم بشكل مختلف عن العادة. فالإنسان يحضر دائماً في اللوحة، لكنه يبدو متلاشياً مع اللون أو مدموجاً معه، مع الإبقاء على حواف شفافة للخطوط. فهي فنانة ترسم باللون فقط.

وتقول أسماء: "غالباً ما واكب لوحاتي، الحياة وما يحصل حولي من أحداث واحتجاجات، وغالباً ما رسمتُ هواجسي وعواطفي وروح الأشياء. رسمت دمشق والأطفال والأمهات بحالات السعادة وغمرة العواطف".

وتستلهم أسماء فيومي، من الأسطورة السورية ينابيع فنها، كأنها تعود إلى الجذور كي تضع حلولاً للحاضر والمستقبل.

وتوضح: "تزدحم لوحاتي بوجوه نساء وأطفال تربطهم علاقة حميمة مع البيئة، مستوحاة من الأساطير السورية القديمة التي تعتبر المرأة بمنزلة الأرض".

ويقول الناقد التشكيلي سعد القاسم لـ"إرم نيوز": "تعتبر فيومي من أهم الفنانين السوريين. وتتميز بأسلوبها في بناء اللوحة وضربات ريشتها القوية. ورغم نزوعها إلى التحرر، لم تنتقل إلى التجريد، بل ظلت صاحبة تجربة تعبيرية، يميزها الانسجام اللوني الجميل".

ويشكل معرض أسماء فيومي الجديد، فرصة لاكتشاف تجربة الرسم على الورق، التي تحتاج جرأة ومهارة عالية في التلوين، نظراً لغياب إمكانية التعديل في اللوحة. إنه الشغف والهاجس اللذان يتكفلان بإنجاز العمل. تقول فيومي: "أعشق الورق والأحبار المسالة.. الملونة.. كل هذا متعتي..".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com