هل عدم اليقين أساس حياتنا؟
هل عدم اليقين أساس حياتنا؟هل عدم اليقين أساس حياتنا؟

هل عدم اليقين أساس حياتنا؟

يقال إن الحياة تضم نوعين من الناس: الذين هم على يقين من كل شيء، والذين يشكّون في كل شيء.

ورغم أنه يُقال لنا دائمًا، وخاصة في مجال التنمية الشخصية، إنه يجب أن نثق بأنفسنا، إلا أنه يمكن رؤية الشك - عدم اليقين- أمرا عظيما.

هل الشك أكثر صحية؟

السؤال مطروح عندما نفرط في اليقين بأنفسنا ونبالغ في الثقة، حيث يمكننا بسهولة الوقوع في فخ المبالغة في التقدير، لكن يوجد أمران سيئان بما فيه الكفاية: امتلاك ثقة كبيرة جدًا، وعدم امتلاك الثقة الكافية.

إذًا، لا بد من إيجاد الموقف الوسط هنا، فهذا بالنسبة إلينا يعني قبل كل شيء أنه يجب علينا دائمًا الإيمان بأنفسنا وبأفعالنا.

ولكن، يجب ألا تنسى أن هناك معايير أخرى تلعب دورًا (أشخاص آخرون، مواقف، أحداث، إلخ)، ومن الضروري أن نمتلك في جعبتنا أكثر من سهم، فهناك العديد من الخيارات التي يجب اتباعها، وعلى وجه التحديد لأننا لا نعرف أبدًا.

ومن المهم بالطبع أن تثق بنفسك، وهذا هو العنصر الأول في أي نجاح، مهما كان: مهنيا وعلائقيا.. لكن يجب أيضًا أن نضع في اعتبارنا أننا لسنا، ولن نكون أبدًا، المعايير الوحيدة والفريدة في اللعبة.

وفيما يخص المواقف والأحداث والآخرين، خير لنا أن نضع في اعتبارنا أننا لا نعرف.. إننا نجهل ما الذي سيحدث وما يمكن أن يحدث، ردود أفعال الآخرين.. والأحداث المفاجئة (غير المتوقعة).. فيما يتعلق بكل هذا نحن في حالةٍ من عدم اليقين حتمًا.

وبالتالي نجد الوسيلة السعيدة التي نمتلكها: الثقة التي يجب أن نمتلكها ونضعها في أنفسنا، أما الشكوك التي نبثها فيجب أن تركز على العناصر الخارجة عنا.

مبدأ عدم اليقين عند العالم الفيزيائي هايزنبرغ

مبدأ عدم اليقين عند الفيزيائي الألماني الحائز على جائزة نوبل لعام 1932، ومكتشف أحد أهم مبادئ الفيزياء الحديثة "مبدأ عدم التأكد"، هو مبدأ علمي بحت، لكننا نعلم أن كل شيء مرتبط بعضه بالبعض الآخر؛ لذلك سنربط بعض المعايير في هذا المبدأ بالتنمية الشخصية.

هل العالم موجود عندما لا ننظر إليه؟

هنا نلاحظ، حسب دراسة نشرتها مجلة lesmotspositifs، مدى الأسئلة التي يوحي بها هذا المبدأ، فلنضع أنفسنا من وجهة نظر التنمية الشخصية..

لدينا أسئلة نطرحها على أنفسنا، حول كل حالة نعيشها، والتي تقع تمامًا في حالة عدم اليقين، سواء حول وضعيتنا نفسها، أو الآخرين والأحداث.

من المستحيل علينا التحكم في هذه المعطيات، على عكس الاستبطان الذي يمكن أن يجلب معطيات لاواعية نحو الوعي (التعالي)، وتحويل العناصر السلبية بداخلنا إلى عناصر إيجابية (التسامي)، فنحن هنا في شيء يفلت منا تمامًا.

ومن خلال الأخذ في الاعتبار حقيقة أنه من الممكن، بفضل العمل على الذات، وإدارتها حتى مستوى اللاوعي، أن ندير كمية كبيرة بما يكفي من العناصر التي تتيح لنا التأكد من أنفسنا.

لكن الثقة والطمأنينة لا يعنيان فقدان الوعي وغيابه، فغالبًا ما يكون هذا مرئيًا عند الأشخاص الذين يعانون من الحاجة المتزايدة للسيطرة: يريدون التحكم في كل شيء، كل ما يرتبط ويتعلق بعالمهم وحياتهم..

والنتيجة هي أن هؤلاء الأشخاص، في كثير من الأحيان، ليسوا في حالة جيدة، فهم يتعرضون باستمرار للتوتر، ويعيشون في قلق دائم أو شبه دائم.

هذا أمر طبيعي؛ لأنه من خلال تصرفاتهم هذه، يسعى هؤلاء الأشخاص إلى إدارة العناصر التي لا يمكن التحكم فيها بأي شكل من الأشكال..

قطعًا، أفكار وأفعال وانفعالات الآخرين ليست ملكًا لنا، فالأحداث تصل إلينا من دون أن نكون قادرين على فعل أي شيء حيالها.

إننا نعيش في عالم – بل حتى في كون - من عدم اليقين، وإذا كنا لا نعرف كيف نرخي لأنفسنا الحبل ونعيش في الوقت الحاضر عن طريق ترك الأشياء تأتي وتذهب، فسوف تلاحقنا سحابة من القلق، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل التطوير الشخصي يردد بلا انقطاع: اِرخِ لنفسك الحبل!

في هذا الواقع هناك أمران متعارضان: يمكننا أن ندرك ونعي تمامًا أننا لا نملك أي سيطرة على الإطلاق على أي شيء.

ويمكن أن نشعر بالقلق بشأن كل ما يُحتمَل أن يحدث، أو يمكن أن ندرك أننا نملك إدارة كاملة لأنفسنا وأفكارنا وأفعالنا وكلماتنا وانفعالاتنا، وأن ذلك كافٍ لأن نكون قادرين على التكيف مع المواقف المختلفة.

أخيرًا، عندما نعلم أننا ندرك أننا قادرون على التكيف مع الأشياء، حينئذ لم نعد نخاطر بالمخاوف؛ لأننا سنعرف دائمًا أنه مهما حدث سنكون قادرين على التفاعل بشكل إيجابي.

فالعالم كما قال داروين: "الأنواع التي تبقى على قيد الحياة ليست هي الأقوى ولا الأذكى، ولكنها تلك التي تتكيف بشكل أفضل مع التغيير".

والقدرة على التكيف هي الاستجابة المناسبة الوحيدة لعدم اليقين، والطريقة الوحيدة للتكيف مع الأشياء بشكل أفضل هي أن تمتلك الثقة بالنفس.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com