فيلم "ذنب لا يغتفر".. سيناريو مكرر وأداء عبقري للمخضرمة ساندرا بولوك
فيلم "ذنب لا يغتفر".. سيناريو مكرر وأداء عبقري للمخضرمة ساندرا بولوكفيلم "ذنب لا يغتفر".. سيناريو مكرر وأداء عبقري للمخضرمة ساندرا بولوك

فيلم "ذنب لا يغتفر".. سيناريو مكرر وأداء عبقري للمخضرمة ساندرا بولوك

يتطرق الفيلم الأمريكي "ذنب لا يغتفر/The Unforgivable"، الصادر مطلع ديسمبر/كانون الأول 2021، لقضايا المحكومين السابقين، وصعوبات اندماجهم في مجتمعاتهم في قالب درامي نفسي لا يخلو من التكرار.

والفيلم، الذي برعت المخضرمة ساندرا بولوك في أداء دور بطولته، مقتبس عن مسلسل بريطاني يحمل العنوان ذاته، صدر عام 2009.

وتروي أحداث العمل سيرة حياة روث المحكومة بالسجن المؤبد إثر جريمة سابقة ارتكبتها بسبب طلب إخلاء منزلها من قِبل مأمور الشرطة، ما دفعها إلى قتله متشبثة بالبقاء.

ويحاول الفيلم إيجاد مبررات للجريمة من خلال التعاطف مع البطلة، وظروفها القاهرة بعد أن رحل والداها وتركاها وحيدة مع شقيقتها الصغيرة.

إفراج مشروط

ولاستثناءات رحيمة تقرر المحكمة إطلاق سراح "روث"، في إفراج مشروط بعد مرور 20 عاما على سجنها، إلا أن المجتمع يرفض التسامح مع ماضيها.

ويتولى الشرطي كروس مهمة مراقبة تحركاتها، بعد تعيينه كمسؤول عن متابعتها في فترة الإفراج المشروط، فيطلعها على الشروط الواجب الالتزام بها لتبقى حرة خارج السجن.

وتتضمن شروط الإفراج المشروط تجنب حمل الأسلحة النارية، أو التعامل مع أصحاب السوابق الإجرامية، مع ضرورة الابتعاد عن عائلة الضحية وعن المخدرات والكحول والنوادي الليلية، والتزامها بالعودة إلى منزلها قبل منتصف الليل.

وتنتقل روث إلى السكن في غرفة صغيرة مع 3 سيدات، تظهرهن الكاميرا بمظهر الشريرات، وتلتزم في العودة باكرا إلى المنزل، لتتجنب ملاحظات الشرطي وغضبه؛ لأنه يواظب بشكل منتظم على زيارتها يوميا في ساعة محددة.

ويصدق إحساس روث تجاه زميلاتها في السكن مع تعرض إحداهن لها، وإقدامها على محاولة سرقتها ليلا.

اغتراب

تعاني روث من اغتراب ذاتي واجتماعي في مجتمعها، لتصطدم بنظرات إدانة وإيماءات متعالية عندما يتنكر لها الجميع، في مجتمع ضاغط لا يرحم ولا يكف عن توجيه أصابع الاتهام دائما.

فالظروف المعيشية المتردية، وانعدام المساواة في مجتمعها، يدفعانها إلى الانكفاء على نفسها وتنامي شعورها بالاغتراب، فتنعزل بعد أن تخفق في تحقيق الانسجام والتماهي مع أعراف المجتمع وقوانينه، وتلجأ إلى الانسحاب.

انتقام

وفي هذه الأثناء يظهر على الساحة الابن الأكبر للمأمور المتوفى منذ عشرات الأعوام، ونشهد التلاعب بالحديث ومحاولة التأثير على عقل الابن الأكبر من خلال صديقه الذي يصطاد بالمياه العكرة.

ونلاحظ المرجعية الخارجية للابن دون أن يقاوم التحريض، مع قابليته لتضخيم بذرة الانتقام داخله، فضلا عن التحريض المتكرر من صديقه لأخذ ثأر طفولته المأساوية، ووالدته المريضة التي أضحت مدمنة للكحول بعد فقدان زوجها.

حبكة درامية

وفي قالب درامي تدخل شقيقة روث الصغيرة على الأحداث، بعد أن افترقت عنها عندما كانت بسن الخامسة؛ بسبب دخولها السجن.

وعلى الرغم من مواظبة روث في كتابة رسائل بريدية لشقيقتها لعشرات الأعوام، إلا أنها لم تلقَ جوابا واحد يمنحها الأمل أو حتى الشعور بالاطمئنان.

ونستشف من خلال الأحداث أن شقيقتها تعيش برعاية أسرة ثرية، منحتها قدرا عاليا من الحب والرعاية، إلا أنهم يخفون رسائل روث عنها؛ حفاظا على عدم تشتتها وضياعها بوجود شقيقة مُدانة.

تواصل مستمر

وعلى الرغم من الطفولة المنسية وأشباه الذكريات إلا أن التواصل الروحي بين الشقيقتين ظل مستمرا عشرات الأعوام، من خلال رؤى متواصلة لذكريات الطفولة عبر أحلام اليقظة، ما دفع الشقيقة الصغرى إلى استغراب ملامح وجه السيدة التي تراها دائما في أحلامها والبحث وراء حدسها.

وفي محاولة لتتبع أثر الماضي، تتجه روث إلى منزلهما القديم الذي ارتُكِبت فيه الجريمة، لتتعرف على العائلة الجديدة بحجة ما، وتدخل إلى المنزل وتستعيد الذكريات وتطرح أسئلة غير مباشرة، لتستشف من خلال ساكني المنزل ماذا حل بأصحابه السابقين.

إيقاع متسلسل

ونلاحظ الإيقاع البطيء منذ المشاهد الأولى للعمل، مع تركيز المخرج على زرع تساؤلات عدة في ذهن المُشاهد، ضمن أجواء غامضة وأحداث غير مفهومة.

وتتلاشى غيمة الغموض تدريجيا، وتتسارع الأحداث في القسم الأخير، ليكون بمثابة أجوبة متسلسلة وتفسيرات منطقية لجميع الأسئلة طيلة الفيلم.

خطة

وسرعان ما يكتشف الضابط كروس خطة روث العثور على شقيقتها، إلا أنه يقف في وجهها معترضا على محاولاتها، وأنها ستكون سببا في تدمير حياة شقيقتها.

فالاحتمالات الأسوأ في هذه القضية واردة أكثر من الاحتمالات الجيدة؛ لأن الشقيقة الصغرى لن تكون سعيدة بعد كل هذه الأعوام بوجود روث المتبقية من عائلتها الحقيقية، مع سجل إجرامي جعلها منبوذة من المجتمع، ومرفوضة بسبب وصمة العار الملصقة على اسمها أينما ذهبت.

أداء عبقري

تظهر روث بأداء عبقري وكأنها مخضرمة تماما في إتقان لغة الجسد وضبط ملامح الوجه، لتبدو هشة، صامتة، فاقدة للثقة بمن حولها.

وتنجح روث من خلال صمتها المتقن في تجسيد تخبطاتها النفسية، وإيصال مشاعر الخوف واليأس والتردد والصراعات، دون أن تنطق بحرف واحد.

وامتازت شخصية روث المثقلة بتجارب مريرة في السجن، بالهدوء والصمت والانضباط، لتظهر كاتمة لغيظها في معظم المَشاهد، إلا أننا نلحظ فوضى عارمة من العواطف الكامنة وراء ملامحها المجهدة من محاولة إيصال صورة معاكسة لحقيقتها.

وفي الوقت ذاته نبصر الوجه الآخر لروث، في إصرار قوي وإرادة صلبة لاستكمال مسيرة البحث عن شقيقتها، وتتبع أي أثر من الماضي.

آراء ونقاد

وقال الناقد تيمور أليف إن "العمل يطرح موضوعا مهما يعالج فكرة تكيف السجناء السابقين مع الحياة الطبيعية، ومآسي رفض المجتمع لهم، ومن جهة أخرى نلاحظ تسخير مهنة النجارة التي أتقنتها روث أثناء فترة السجن في مساعدة المجتمع وبنائه بشكل أفضل، لتكون مواطنة صالحة وتقدم شيئا فعالا"، وفقا لموقع كينواشوفا الروسي.

وقال الناقد نيت أدامز إن "المسلسل البريطاني كان يفتقر لكثير من المحاور ونقاط القوة، وتوجد فيه ثغرات عدة، لكن في فيلمنا اليوم يلعب دور البطولة أكبر نجوم هوليوود، وبالأخص ساندرا بولوك الحاصلة على جائزة الأوسكار"، وفقا لموقع ذا أونلي كريتيك.

ولعل أداء ساندرا بولوك المتقن كان أحد أبرز نقاط قوة العمل، مستفيدة من تاريخها الطويل في أداء الأدوار المركبة.

العمل من إخراج نورا فاينشدت، وسيناريو سالي وينرايت، وكورتيناي مايلز، وبيتر كريج، وهيلاري سيتز. وشارك في بطولته فينسنت دونوفريو، وجون بيرنثال، وريتشارد توماس، وليندا إموند، وآيسلينج فرانسيوسي، وروب مورغان، وفيولا ديفيس.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com