فيلم "الأم والآندرويد".. كيف يبدو المصير البشري مع الروبوت؟
فيلم "الأم والآندرويد".. كيف يبدو المصير البشري مع الروبوت؟فيلم "الأم والآندرويد".. كيف يبدو المصير البشري مع الروبوت؟

فيلم "الأم والآندرويد".. كيف يبدو المصير البشري مع الروبوت؟

يقدم المخرج الروماني ماتسون توملين مجموعة من الأحاسيس المؤثرة التي تجسد طبيعة علاقة الانسان بالروبوت الآلي، وتنقل مساحات متعمقة في علاقة الآباء بالأبناء، خلال صراع إنساني آلي على حافة الموت.

وهذا كله ضمن أحداث فيلم الحركة والخيال العلمي "الأم والآندرويد" Mother/Android، الصادر أواخر عام 2021، ويتم عرضه على نتفلكس حاليا.

ويعتبر الفيلم مزيجا من سيناريوهات الخيال المبني على أدوات العلم والميلودراما.

وإضافة إلى المشاهد الكاشفة لحال الإنسان مع الإنسان الآلي "الروبوت"، يعمد توملين الكاتب أيضًا، إلى بناء نوع من العاطفة والجذب حول الحالة التي تمر بها الشخصيات خلال مسار الأحداث، وفق كرونولوجي زمني لا يخلو من المتعة على مدار 111 دقيقة.

جذب وتشويق

مفتاح الفيلم الأساسي من أجل إحداث الجذب والتشويق، هو الغموض الملاصق للأحداث والشخصيات.

ويراقب المخرج بعناية ردة الفعل الإنسانية في مضمار الذكاء الاصطناعي، وما يرافقه من صراع مع الإنسان..

من الذي يتفوق، هل الإنسان الذي صنع الآلة، أم الآلة التي بالفعل صارت في أصغر أحجامها؟

إلا أنها تستمر في تقديم المدهش والمذهل للعقل البشري، حيث تسهم الآلة الذكية اليوم في صناعة حياة الإنسان بشكل أكثر سهولة ومتعة، وتجعل من الأشياء المرهقة في التفكير، مهمة اعتيادية يقوم بها طفل في سنوات عمره الأولى.

ضجيج

بداية الصراع في الفيلم تكون بحدوث خلل غامض في نظام آندرويد في الهواتف المحمولة من قبل مجموعة أصدقاء، منهم جورجيا الحامل وتجسدها "كلوي غريس موريتز"، وتكون غير متأكدة من رغبتها في الإنجاب..

وبالفعل يبدأ آندرويد بإصدار ضجيج مرتفع، مرهق لآذان الحضور، ومن ثم يبدأ بقتل جميع أصدقاء جورجيا.

تهرب السيدة مع أب الجنين سام ويجسده "ألجي سميث" خارج المنزل، ليجدا المدينة غارقة في الضجيج والفوضى والصخب، ويبقى الأمر معلقا طوال مشهد درامي مؤثر، يمتلئ بالأصوات العالية دون معرفة السبب.

ومن ثم يقوم المخرج بنقل الأحداث زمنيا، عبر فجوة تمتد للمستقبل لمدة تسعة أشهر، وهي حمل الجنين في باطن جورجيا، فانتفاخ بطن الأم كان دلالة ذكية على مرور الوقت والأحداث..

لكن في هذه المرحلة كان السرد يتحدث عن صراع نهاية العالم، بفعل الخلل في نظام آندرويد، لكن يتجاهل السيناريو التطور اللازم للشخصيات ومساحة نضوج السيناريو اللازمة.

ويحاول كل من جورجيا وسام الهرب من الروبوت القاتل، من خلال ركوب دراجة نارية إلى كوريا لولادة الطفل، ومن ثم يفترقان..

هذا المشهد يحمل رمزية صراع الإنسان مع الآلة، بحيث تنكسر العاطفة الاجتماعية لدى الجميع، حيث يتم عبر الإطار السينمائي الصغير تقديم الآندرويد على أنه وحش يهاجم عاطفة الإنسان والروابط الاجتماعية البشرية، فخوف الأبوين على الجنين وعلى علاقتهما، وسط ملاحقة الروبوت، يمثل إنذارا للبشرية حول المستقبل.

ويضطر الأبوان أخيرا لأخذ قرار التخلي عن الجنين؛ لأن الروبوت صار أكثر تهديدا لحياتهم، وحين تواجد حل الهرب إلى كوريا كان عليهما التخلص من الجنين بتعليمات المنقذين، فهل سيحدث هذا فعلًا؟

ثورة

إن الكارثة التي تحل بالعائلات في الحروب والهجمات الطبيعية هي مفترق طرق للكثير من القرارات في الحياة، وما يعبر عنه المخرج حسب تصريحاته للإعلام الروماني بأن الفيلم جسد قصته الواقعية مع أبويه البيولوجيين اللذين تخليا عنه خلال الثورة الرومانية عام 1989، فكان الآندرويد هو مجسد للثورة وجورجيا وسام، هما الأب والأم، وقد قاما بتجسيد دور أبويه البيولوجيين.

لذا وبعد فهم هذا السيناريو الحقيقي من حياة المخرج، تصبح الأحداث أكثر تماسكا، وتمضي ضمن رؤية نابعة من فقد عاطفي منذ الطفولة، تم تحويله لوحش مجرم ضمن إطار فني.

لكن يعاب على المخرج إبداء هذه التوضيحات؛ لأنها حجمت الأحداث في سياق تحليلي واحد، ينافي رؤية السينما.

تسلسل لائق

يحمل الفيلم العديد من الجوانب الفنية اللافتة، حيث اتسم في الكثير من الوقت بمشاهد الحركة المدهشة، وبدت التنقلات بين المشاهد وفق تسلسل منطقي، يعلو من خلالها معدل الجذب والتشويق، وحتى فترة ثلث الفيلم كانت الأحداث معلقة حول دائرة غموض ذكية صنعها المخرج، وهو ما يجعل المشاهد محتفظا بأسئلة كبرى حول مصير السيناريو والأحداث.

كما أن طريقة التصوير المتخذة، صممت لتزيد غموض الأحداث، من خلال التقريب "الزووم" على الأشياء، وبدء الابتعاد عنها تدريجيا مع موسيقى مقلقة تجعل من حرارة المشهد أكثر ارتفاعا.

تقليص

ومن الملفت في تصوير الأحداث، تواجد ثلاثة ممثلين في كل مشهد على الأكثر، وهو لربما من الطباع والقيود الجديدة التي ورثها كوفيد 19 في مؤسسة السينما العالمية.

ويتم العمل وفق رؤية إخراجية ليس داخل أحداث الفيلم وإنما في كواليس التصوير، بتواجد أقل عدد ممكن من الكوادر.

تفكك العلاقة

وفي جانب الشخصيات، غلّب المخرج الجانب العاطفي لجورجيا بالرغم من أن بداية الفيلم كانت تبشر بشخصية معقدة، برغبتها في الإجهاض، لكن الأحداث شدتها فيما بعد لتكون امرأة أحادية البعد، تفكر في عاطفتها تجاه ابنها لا أكثر.

أما سام، فبدا شخصا غير معروف للمشاهدين حتى النهاية، ولم تركز الأحداث على بنيته الداخلية، أو حواره المونولوجي الذاتي حول العالم.

وبشكل عام، لم تشهد شخصيتا الأم والأب في الفيلم تطورات خلال الأحداث، ولم تنشأ بينهما روابط، لتمكن المخرج من تحقيق هدفه الميلودرامي بشكل أوسع.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com