أفلام الخيال العلمي العربية.. أسباب المنع والقبول
أفلام الخيال العلمي العربية.. أسباب المنع والقبولأفلام الخيال العلمي العربية.. أسباب المنع والقبول

أفلام الخيال العلمي العربية.. أسباب المنع والقبول

تبقى السينما العربية تراوح في محيط الواقع العربي ومشاكله الاجتماعية، ويتم تنميط الموضوعات بشكلها التراجيدي أو الكوميدي، فلا وجود لاختراق فني نحو الخيال العلمي إلا على استحياء، والذي سبقنا العالم إليه بخطوات كبيرة.

ومنذ بداية القرن العشرين انطلقت أفلام الخيال العلمي محققة نقلة نوعية في مجال السينما، وبقيت المحاولات العربية في هذا الإطار مكبلة بالظروف الاجتماعية والفكرية للوطن العربي.

ولربما أسهمت التقاليد الاجتماعية في منع الاختراقات الفكرية نحو التحرر من قبل المبدعين، وجعلتها دوما مهددة بالرفض، وهو ما ألجم الفكر العربي الفني طويلا.

كما أن سيطرة الأيديولوجيا الدينية على المنتج العربي، وخضوع الأفلام والروايات للرقابة، حجَّمت من تطبيق الأفكار الخارجة عن النمط، ومن أبرز الأفلام العربية التي خاضت في هذا الإطار:

فيلم عيون ساحرة

وهو فيلم الخيال العلمي المصري الأول، عرض عام 1934 للمخرج أحمد جلال، وبرغم بساطة فكرته، إلا أنه بمعايير الماضي، كان يمثل نقلة نوعية في طريقة كتابة سيناريو الأفلام العربية.

وسبب الفيلم إشكالية للعمل الرقابي وقتها، لكون فكرته مستحدثة الطرح، بمناقشته فكرة الموت والروح، إذ تحاول البطلة استعادة حبيبها الميت بالسحر.

كما أثار الفيلم اعتراض شيخ الأزهر وقتذاك محمد الأحمدي الظواهري، بحجة التعدي على الفكر الديني السائد، إذ استخدم الفيلم فكرة التنويم المغناطيسي، والتجريب مع عالم الأرواح، وكانت آنذاك فكرة جدلية، قدمتها الفنانة والكاتبة آسيا داغر، وأثار الجدل باعتباره شطحا فكريا شاذا عن الفكر العربي الإسلامي.

وتدخل رئيس الوزراء المصري عبد الفتاح باشا يحيى، وأمر بعرض الفيلم، بعد اقناعه من القائمين عليه بكون الفيلم مجرد حلم، وحقق مبيعات كبيرة.

وهناك من اعتبر الفيلم بأنه خيال، ولكن ليس علميا لعدم اقتران الفكرة بالتطور العلمي المنادي نحو المستقبل.

وهذا التقييد الذي أحاط بالفيلم، ألقى بظلاله على المخرجين والمبدعين من بعدها، بمحاولاتهم الدائمة لاحتواء النظرة الاجتماعية والدينية المسيطرة، بتقديم الفكرة ضمن حلم ما، أو إطار كوميدي يجعل الفكرة ممررة للمجتمع، لتفادي الخسارة المالية للإنتاج.

فيلم رحلة إلى القمر

وهو فيلم خيال علمي كوميدي مصري للمخرج والكاتب حمادة عبد الوهاب، عرض  عام 1959، وقام ببطولته الفنان إسماعيل ياسين، والفنان رشدي أباظة.

وتمثلت فكرته بمحاولة رجلان الانطلاق نحو القمر، وبعد إطلاق الصاروخ الفضائى، يلتقيان برجل عجوز وابنته، وتنشأ قصة غرام بين أحدهما وابنة الرجل العجوز، ويخططان للعودة لكوكب الأرض، من خلال الرجل الآلي.

ويعد أول فيم عربي يناقش فكرة الفضاء والذهاب للقمر وإطلاق الصورايخ الفصائية، ولم يلق الفيلم الرواج المواكب ربما لندرة الفكرة وقتذاك، ولربما اعتبار الكوميديا جانبا طاغيا على طبيعته، أثر في اهتمام المشاهدين به، نظرا لتكرار الأفكار الكوميدية، وربما لأنه تم إنجاز الفيلم في وقت قصير، وبأدوات إخراجية بسيطة، بعد إعلان إطلاق أول مركبة فضائية للقمر حينذاك، فلم يكن بالمستوى الإخراجي المطلوب.

فيلم هاء 3

هو فيلم خيال علمي مصري عرض عام 1961، يطرح فكرة استعادة الشباب بعد الهرم، فمن خلال عقار طبي يسترجع العم عباس شبابه وهو في عمر الثمانين، ليبدأ رحلته مع مغامرات الحب من جديد، ويرتبط بزوجة ابنه، وبعد أن يرتكب الأخطاء الفادحة في شبابه الجديد، يقرر العودة لشيخوخته.

ويقوم ببطولة الفيلم الفنان رشدي أباظة، وقدمت الفكرة في قالب كوميدي، من أجل ترويجه بشكل أكبر، بالرغم من عمق الفكرة.

فيلم آدم والنساء

وهو أول فيلم خيال علمي مصري يتحدث عن نهاية العالم، وفكرته مقتبسة من رواية الكاتب الأمريكي بات فرانك، وكتب السيناريو والحوار ناصر حسين، فيما قام بإخراجه السيد بدير، إذ يتم فقدان أسلحة نووية، تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب بشكل غير مسبوق، وحين تنفجر الصواريخ تؤدي لإصابة جميع رجال الكوكب بالعقم، إلا آدم بطل الفيلم، ويجسد شخصيته الفنان يوسف، فكان داخل المنجم في عمله، وبقي محتفظا بخصوبته، فتتصارع دول العالم عليه للفوز به، كونه المخصب الوحيد في الكوكب.

لكن الفيلم ركز على الجانب الاجتماعي أكثر بغيرة الزوجة التي جسدتها الفنانة نبيلة عبيد، وكأن في السيناريو عدم استدراك لأهمية فكرة الرجل الأوحد المخصِّب، وتضخيم فكرة نهاية العالم، وما يترتب عليها من وساوس وأفكار، فلو كان التركيز أكثر على الفكرة التي أرادها الكاتب بات فرانك، لحقق الفيلم نقلة نوعية في السينما العربية، إذ لا تزال فكرة نهاية العالم موجودة بقوة في السينما الغربية، ويتم تطويرها وتحويرها من أجل إنتاج المزيد من الأفكار حولها.

فيلم مملكة الحب

تم إنتاجه عام 1973، ويعد من الأفلام الرومانسية، لكنه اشتمل على فكرة خيالية علمية، إذ يحاول علماء من القرن العشرين، العودة لقارة أطلانطس بعد اقتراب فنائها، لإنقاذ الملكة هناك، وكانت عشيقة أحد العلماء الأرضيين.

فالمخرج روميو لحود أضاف على الفيلم جرأة جنسية، من خلال مشاهد مطولة للعشيقين، وهذا ما جعل المَشاهد تطغى على الفكرة المذهلة للفيلم.

وقام ببطولة الفيلم الفنان حسين فهمي، والفنانة ناهد يسري، والفنان عادل أدهم. وقد تم تصنيفه على أنه للكبار فقط في تاريخ السينما المصرية، لذا باتت مشاهدته محظورة للأطفال، رغم أهمية الطرح العلمي خلاله، بإمكانية تنقل الإنسان بين القارات.

وظهرت أفلام خيال علمي حديثة مثل فيلم "سمير وشهير وبهير" تناقش فكرة الانتقال عبر الزمن، لكن دون وجوه فنية لامعة حينذاك.

وقدم الفنان أحمد حلمي فانتازيا علمية في فيلم ألف مبروك، باستيقاظه ودخوله في حلقة مفرغة من الزمن مع الأحداث، وجسد من خلالها أسطورة سيزيف المؤلمة، لكن الفيلم اعتبِر من أقل أفلام أحمد حلمي رواجا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com