فيلمه "بس يا بحر" نال احتفاء "استثنائيا".. من هو المخرج الكويتي الراحل خالد الصديق؟
فيلمه "بس يا بحر" نال احتفاء "استثنائيا".. من هو المخرج الكويتي الراحل خالد الصديق؟فيلمه "بس يا بحر" نال احتفاء "استثنائيا".. من هو المخرج الكويتي الراحل خالد الصديق؟

فيلمه "بس يا بحر" نال احتفاء "استثنائيا".. من هو المخرج الكويتي الراحل خالد الصديق؟

استطاع المخرج السينمائي الكويتي خالد الصديق، الذي رحل عن عالمنا، اليوم الخميس، أن يتربع على عرش صنَاع السينما في الكويت، ليصبح أحد أبرز المخرجين الكويتيين والعرب ورائد الحركة السينمائية الكويتية، التي شهدت نقطة تحوُل بارزة مطلع سبعينيات القرن الماضي، عقب إنجاز فيلمه الأشهر (بس يا بحر) الذي حصد جوائز عربية وعالمية.

وتعود علاقة المخرج الراحل بالعمل السينمائي إلى سنوات صباه، حيث استغل تواجده في الهند للدراسة بإحدى المدارس الأمريكية، لتنمية موهبته وصقلها من خلال زيارة دور السينما هناك لمشاهدة الأفلام وتعلم أمور فنية أخرى مرتبطة بالأعمال السينمائية، ليلتحق في تلك المرحلة بمعهد في الهند للتدريب على التصوير الفوتوغرافي والنواحي الفنية للفيلم السينمائي قبل عودته إلى الكويت.

ولم يقف رفض والده لدخوله المجال السينمائي عائقا أمام تحقيق حلمه، ليلتحق منتصف الستينيات بالعمل بتلفزيون الكويت الذي كان نقطة بداية له لصقل موهبته في مجال الإخراج السينمائي، كما سافر إلى أمريكا وإيطاليا وإنكلترا لتلقي تدريبات عملية في مجال السينما، وهو ما ساعده لتعزيز ثقافته السينمائية إثر احتكاكه بسينمائيين عالميين.



وبرز اسم الصديق في صفوف المبدعين الكويتيين، والذي يلقبه كثيرون بـ "عرَاب السينما الكويتية" التي كان لها وجود محدود ببعض الأفلام القصيرة التي كان أغلبها ذا طابع تسجيلي، في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.

إلا أنه ومنذ منتصف الستينيات عرفت السينما الكويتية انتشارا، وتصدَرت المحافل العربية والعالمية على يد الصديق الذي أخرج أفلاما وثائقية قصيرة، عقب إنشائه، بالتعاون مع رئيس قسم السينما في تلفزيون الكويت، قسما سينمائيا، قدَم خلاله ثمانية أفلام سينمائية ووثائقية قصيرة، ومنها فيلم "المطرود" و"الصقر".

وواصل الصديق إبداعاته في السينما بإنجاز فيلمه الأشهر (بس يا بحر) عام 1972 كأول فيلم روائي طويل أُنجز في الكويت، وتحدَث عن تاريخ وارتباط الكويتيين بالبحر، وشكَل الفيلم علامة فارقة في تاريخ السينما الكويتية والخليجية.

وامتاز فيلم (بس يا بحر) الذي أنتجه المخرج بنفسه بتصوير مشاهد الغوص من تحت الماء، وهذه كانت أول محاولة في السينما العربية والآسيوية للتصوير تحت الماء، كتجديد في السينما العربية وكسر القواعد التقليدية.

وتمكَن الصديق من خلال هذا الفيلم من منافسة كبار المخرجين العالميين، وحاز الفيلم على 9 جوائز عالمية، ورُشح لأفضل فيلم أجنبي في حفل توزيع جوائز الأوسكار الخامس والأربعين، وهو أول فيلم كويتي يترشح لهذه الجائزة المرموقة.

والفيلم من تأليف الكاتب الإماراتي عبدالرحمن الصالح الذي عاش سنوات طويلة في الكويت، ولعب بطولته سعد الفرج ومحمد المنصور وأمل باقر وحياة الفهد، وروى حياة الغواصين والكفاح الذي بذلوه ما قبل ظهور النفط، متطرقا إلى عادات وتقاليد المجتمع الكويتي، وقد تم إرفاقه بترجمة باللغة الإنجليزية والعربية الفصحى لإيصاله إلى العرب والعالم.



وكان هذا الفيلم بوابة لانتقال المخرج الصديق إلى أفلام روائية عربية، ليقدِم فيلمه الثاني (عرس الزين) وهو فيلم سوداني مقتبس من رواية الأديب السوداني الطيب صالح، وتم إنجازه عام 1977، بعد أن تولَى كتابة السيناريو والإخراج والإنتاج، وحصد ردود فعل إيجابية من نقاد ومتابعين، وشارك الفيلم في مهرجانات عالمية معروفة.

ولم يقتصر نشاطه على العالم العربي، وذلك عقب تلقيه عرضا إيطاليا لإنجاز فيلم "شاهين" في منتصف الثمانينيات عن قصة للأديب الإيطالي بوكاشيو، وهو فيلم روائي طويل مشترك مع إيطاليا والهند، شارك الصديق بكتابة السيناريو والإخراج له.

وشارك في هذا الفيلم الممثلة الهندية كيران جونيجان، والممثل الإيطالي كارلو كارتير، والفنان المصري مجدي وهبة، إلى جانب السعودي إبراهيم الحربي، وتم تصويره في الهند، إلا أنه تعرَض لمشاكل عديدة ولم يُعرض.

وكان لثقافته السينمائية العالية دور في اختيار أعماله، حيث ألَف عدة سيناريوهات لأفلام روائية طويلة باللغتين العربية والإنجليزية، ومن هذه الروايات (اغتصاب اللؤلؤ) التي تتحدث عن الغزو العراقي للكويت، وقام بكتابتها فترة الغزو، وكان من المقرر أن تنتج الفيلم شركة أمريكية، قبل أن تتراجع "لعدم دعم الحكومة الكويتية لها"، وفق ما ذكره الراحل بأحد اللقاءات السابقة.

ولم يُخف الراحل كتابته لبعض السيناريوهات تحت اسم مستعار وبيعها إلى متعهد أمريكي عقب الغزو العراقي للكويت وتحريرها، وهي الفترة التي قرر فيها إكمال دراسته للحصول على درجة الدكتوراة.

واختار الراحل سيناريو الفيلم العالمي "الطائرة الورقية بالخيط الفضي" الذي ألَفه بنفسه كرسالة قدمها إلى إدارة جامعة تشلسي في إنكلترا، حيث حصل من خلاله على درجة الماجستير، ثم قام بتحليل العمل كاملا، وأبعاده المختلفة ومحتوياته ومراحل إنتاجه كلها، واستغرق ذلك 3 سنوات، لينال الدكتوراة.

وكان من المقرر أن تتولى شركتان أمريكية ويابانية إنتاج هذا العمل، وهو يتحدث عن أطفال الشوارع، حيث انطلقت أعمال تصويره بالهند، قبل أن يحدث خلاف مع شركات الإنتاج بسبب محتوى العمل، ويستعيد السيناريو منهم.

وسبق أن أعلن الصديق رفضه فكرة مشاركة المخرجين العرب في المهرجانات السينمائية الدولية التي تضعهم في خانة فرعية وتحرمهم من منافسة الأفلام العالمية، معتبرا أن هذا لا يخدم السينمائيين العرب ويستدعي مقاطعة مثل هذه المهرجانات، مستندا بدوره ومنافسته قبل عقود لأفلام عالمية.

وتوفي الصديق عن عمر 76 عاما، تاركا خلفه إرثا كبيرا من الأعمال والروايات، ونعته شرائح مختلفة في المجتمع الكويتي، وقد ارتبط اسمه بفيلمه "بس يا بحر"، الذي يوصف من قبل نقاد السينما بالتحفة والأيقونة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com