"ماكينات الحرب" لبرهان اليحياوي.. سردية تونسية عن الثورة والتهميش
"ماكينات الحرب" لبرهان اليحياوي.. سردية تونسية عن الثورة والتهميش"ماكينات الحرب" لبرهان اليحياوي.. سردية تونسية عن الثورة والتهميش

"ماكينات الحرب" لبرهان اليحياوي.. سردية تونسية عن الثورة والتهميش

أصدر الصحفي والكاتب التونسي برهان اليحياوي، أول أعماله الروائية "ماكينات الحرب"، والتي تتخذ من محافظة القصرين (وسط غرب) مسرحا لها، حيث تضمنت حكايات عن الظروف التي أدت إلى الاحتجاجات الاجتماعيةـ وعن الوضع بعد الثورة، واستمرار التهميش والفقر وظلم الدولة، الأمر الذي أدّى إلى تغلغل "الإرهاب" في تلك المنطقة.

واختار اليحياوي أن يصدّر روايته بإهداء جاء فيه "إلى من يلاحق الرغيف، فلا يدخر شيئا إلى نهاية الشهر، ذلك الذي تمرّ أمامه أساسيات العيش والكتب والأمنيات بسرعة الصوت، فلا يقدر على كلفتها، إلى كل من لم يقدر على اقتناء هذا المخطوط، أنت كل الحكاية قبل هذا النص وبعده".

ولا تخلو رواية اليحياوي من بصمة الصحفي الذي يرى الأحداث بعين غير عين المواطن البسيط، ويعيش في اليوم الواحد أحداثا متعددة ومتسارعة تحمله بين الأمل والألم، وتجعله في حرب يومية لمتابعة الأخبار ونقلها ومحاولة نيل السبق، وفي الوقت ذاته، تجعل منه المواطن الذي يعيش جزءا من تلك الأحداث ويراها من حوله ويقرأ تداعياتها وأسبابها ونتائجها الممكنة.



وفي الرواية الصادرة عن دار "ورقة" للنشر والتوزيع، يحاول برهان اليحياوي بقلم الصحفي، أن ينقل ما عاشته محافظة القصرين، وهي مسقط رأسه، على امتداد السنوات الـ 11 الأخيرة، من صراعات يومية يخوضها أهلها من أجل الحياة وتوفير لقمة العيش، وينقل تلك المعارك من خلال شخصيات الرواية، حيث تخوض كل شخصية معركتها بطريقتها، من سائق سيارة الأجرة الذي تم ترحيله من ألمانيا بعد فشله في الاستقرار هناك، والزواج من مسنّة ألمانية تمهد له الحصول على التأشيرة والوثائق اللازمة للإقامة هناك، فيضطر إلى العودة إلى تونس ويواجه مصاعب الحياة وحيدا.. إلى ليلى، الشابة الثلاثينية التي تفشل في قصة حبّ، وفشلت بعدها في معركتها مع المجتمع الذي لا يرحم وبات يصفها بـ "الساقطة"، بعد أن نال منها خطيبها "كل ما اشتهاه" وهرب، وفق ما جاء في الرواية.

أما الشخصية الثالثة التي أخذت حيزا كبيرا في الرواية، فهي شخصية الشاب الذي تدفعه الحاجة إلى السرقة، لتوفير ما يلزم لعلاج أمه، ويصوّر اليحياوي من خلال قصة هذا الشاب كيف يتخيّل من أعياه الفقر أنّ السرقة أمر مباح ومتاح بل هو حق وجب استعادته من الأغنياء لتحقيق العدالة الاجتماعية، لكن الأحداث تتعقد حين يجد هذا اللص نفسه متورطا مع مجموعة متشددة شاركته سرقة أحد البنوك في منطقة قريبة من الجبل الذي يتحصن فيه المتشددون في محافظة القصرين الحدودية مع الجزائر.

وتُظهر قصة هذا الشاب وانزلاقه إلى هذا المنحى، ما اعتبره الكاتب جحودا من الدولة وظلما منها؛ لأنها لم توفّر لمواطنيها ما يغنيهم عن السرقة أو عن الاتجاه إلى التنظيمات المتشددة التي تجد في هذه المناطق الفقيرة والمحرومة والبعيدة عن الأنظار، حاضنة طبيعية لها توفر لها أرضية خصبة للنمو والانتشار.

وتنطلق الرواية في كل ذلك من القصرين وتنتهي فيها، وترسم من خلالها صورة مصغرة عن تونس التي عاشت سنوات من التحولات الاجتماعية والسياسية ،لم تحقق خلالها ما تم رفعه من شعارات تنادي بالعدالة الاجتماعية وتطالب بتوفير الشغل والكرامة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com