"هنا كالمنفى" للتونسي محمد صفر.. رحلة بحث عن الذات بين "وجع" الغربة والوطن
"هنا كالمنفى" للتونسي محمد صفر.. رحلة بحث عن الذات بين "وجع" الغربة والوطن"هنا كالمنفى" للتونسي محمد صفر.. رحلة بحث عن الذات بين "وجع" الغربة والوطن

"هنا كالمنفى" للتونسي محمد صفر.. رحلة بحث عن الذات بين "وجع" الغربة والوطن

"هنا كالمنفى" هي أولى الروايات التي يصدرها الكاتب التونسي محمد صفر، ويروي فيها رحلة البحث عن الذات بين "وجع" الغربة والوطن، في تبادل للأدوار والأماكن التي تختلف دلالاتها حسب الوضعية النفسية للراوي.

والرواية الصادرة مؤخرا عن دار "عليسة" للنشر في تونس، تقع في 118 صفحة من الحجم الصغير.

ويحمل العمل بين طياته كثيرا من الحكايات والمراوحة بين الواقع والخيال، وبين الذاتي والموضوعي.

تتداخل الأحداث والأماكن في الرواية انطلاقا، من مدينة المهدية الساحلية، مسقط رأس الكاتب، وعندها تنتهي نهاية مفتوحة على كل التأويلات.

والرواية توصيف أدبي لما يواجهه كثير من الشبان التونسيين المغتربين في وطنهم، الذين تعرضوا للجحود أو التنكر لكفاءتهم وقدرتهم على العطاء، فقرروا الفرار إلى حيث يمكن أن يجدوا صدى لإنجازاتهم وتقديرا لما يقدمونه.

وهي في ذلك تنفتح على طرح اجتماعي اقتصادي وسياسي لمعضلة التوظيف والبطالة وهجرة الكفاءات.

يقول الكاتب على لسان الراوي ـ البطل: "تساوى في نظري الهنا والمنفى"، فيستدعي بذلك القارئ إلى مساءلة هذا الواقع الذي يعيشه، وهذا الوطن الذي يأويه، "هل يحقق له ذاته وطموحاته؟ أم أنه سيجد نفسه مضطرا للبحث عن مكامن الأمان في الغربة، على مرارتها؟".

وفي هذه الرواية يستحضر محمد صفر، كثيرا من الأماكن بدءا من الحي الذي يقطنه بمدينة المهدية، ومقهى بطحاء القاهرة وبرج الرأس الشهير المطل على البحر، وصولا إلى إسبانيا التي يقول إنه يعشق مدنها ويعرف كثيرا من التفاصيل عن خباياها.

يسافر صفر، بالقارئ من مالقا إلى برشلونة وصولا إلى مدريد مارا بكل التفاصيل الصغيرة في كل مدينة يعبرها.

وتحكي الرواية قصة "مهندس إعلامي" تسقط حياته في الرتابة والنمطية فيقرر الطلاق من زوجته، ويتفق الطرفان على أن يبقيا صديقين، لا سيما أن لديهما ولدا وبنتا.

بعدها يقرر الرجل الهجرة إلى بلد يحسب أنه يقدر كفاءته وقادر على كسر الجمود ونفض الغبار عن حياة في "مدينته النائمة ككتاب تاريخ في رف متروك".

يرحل الرجل إلى إسبانيا، وهناك يتعرف على "أدريانا"، وهي شابة تنتمي إلى "عائلة أرستقراطية باذخة الثراء"، كانت "أول حضن تلقفه حين كان يغرق في يم الغربة"، حسب ما جاء في الرواية.

وبعيدا عن قصة الحب التي تنشأ عن هجرته إلى إسبانيا، وعن قصة الوفاء بين الطليقين اللذين حافظا على علاقة صداقة متينة، يأخذ محمد صفر، قراءه عبر ثنائية الزمان والمكان، من تونس إلى إسبانيا، ومن فترة الثمانينيات والتسعينيات التي عاش فيها طفولته إلى سنوات ما بعد "ثورة 2011"، معرجا على قضايا الدين والسياسة والتطرف والثقافة والاقتصاد والهوية.

ينتقد الكاتب بين السطور أولئك الذين قادوا البلاد بعد الثورة بعد أن أمضوا سنوات بعيدا عن الوطن، حتى حسب الشعب أنهم "حملوا للثورة حلولا في حقائب السفر".

والرواية ليست قصة حب تسير بشكل خطي واضح، بل هي مزيج من الحديث عن الحب والسياسة والمجتمع، برؤية أرادها محمد صفر، أن تكون مختلفة عن كل الذي طرح من قبل في وسائل الإعلام، أو في أعمال إبداعية تناولت قضايا "مجتمع ما بعد الثورة".

كانت التجربة الذاتية فيها حاضرة بقوة في اختيار الأماكن، واستنطاق الشخصيات، وفي قراءته لبعض الأحداث العرضية التي كانت لها وظيفتها في النسق السردي للرواية.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com