"قصص النواخذة" توثق حياة البحارة في الخليج ما قبل النفط
"قصص النواخذة" توثق حياة البحارة في الخليج ما قبل النفط"قصص النواخذة" توثق حياة البحارة في الخليج ما قبل النفط

"قصص النواخذة" توثق حياة البحارة في الخليج ما قبل النفط

يروي الكاتب والقاص الكويتي هيثم بودي في مجموعته القصصية "قصص النواخذة.. قباطنة الخليج العربي"، حكايا ومغامرات رجال البحر، الذين ركبوا الأمواج وغاصوا في الأعماق بحثاً عن لقمة العيش، متحدين مخاطر البحر.

وتضم المجموعة 6 روايات قصيرة صادرة في 150 صفحة، عن دار السندباد للنشر والتوزيع، يروي فيها من تاريخ بلاده، ويستهدف بها الجيل الجديد، الذي لم يعاصر حياة البحارة والنواخذة. والأخير هو مصطلح خليجي قديم يُطلق على صاحب سفينة الصيد والتجارة وقبطانها.

وأطل خلالها الكاتب على حياة أجداده، حيث كان شكل البحر مصدر رزق رئيسيا لأهل الكويت قبل ظهور النفط، وكانوا يطوفون بسفنهم الشراعية من سواحل الخليج العربي إلى الهند وشرق أفريقيا مرورا بالمحيط الهندي وبحر العرب.

ويقول الكاتب إن "هذه الأوطان الطيبة لم تنشأ بالصدفة أو بالبترول، بل كافحت لتعيش وقاومت لتبقى رغم الفقر والجوع والأوبئة والحروب".

الطريق إلى "مومباسا"

وحرص الكاتب في قصته الأولى، وهي الأكبر وتحمل عنوان "الطريق إلى مومباسا"، على سرد حوادث مليئة بالمغامرة والتشويق، مر فيها البحارة في رحلة عام 1937، أثناء توجه سفينة لنوخذة يدعى "أبو سيلمان" من ميناء "مومباي" في الهند إلى ميناء "مومباسا" في كينيا لشحن أطنان من جوز الهند، التي اعترض البحارة عليها "لقلة أرباحها".

وتواجه تلك السفينة مخاطر وتتحول تلك الشحنة لطوق نجاة للموجودين جميعاً ومصدر غذائهم، عقب أن توقفت سفينتهم في بحر العرب لقرابة شهر ونصف ونفدت كمية الماء والطعام، التي كانت بحوزتهم، وكادوا يهلكون قبل أن تهطل الأمطار وتُرفع الأشرعة وتواصل السفينة رحلتها.



النوخذة المفقود

ولم يغب عنصر المغامرة عن هذه القصة، التي أشار فيها المؤلف إلى الترابط وتعاضد البحارة والنوخذة في مواجهة الأزمات، حيث دارت أحداثها أثناء توجه رحلة من ميناء "مومباي" إلى ميناء "لامو" الأفريقي، قبل أن تهب عاصفة قوية وتتسبب بفقدان النوخذة، الذي سقط في البحر أثناء محاولته والبحارة رفع الأشرعة، ليبقى يصارع الأمواج حتى عثر عليه البحارة وأنقذوه في اليوم التالي.

النوخذة والباخرة الإنجليزية

وتتحدث هذه القصة عن فضل "نوخذة" عربي في إنقاذ باخرة إنجليزية كانت متجهة إلى أوروبا عام 1931، وكان النوخذة ومساعده على متنها، حيث تمكن بمهارته وخبرته رغم غطرسة القبطان الإنجليزي من إنقاذ الباخرة من حادثة اصطدام وانقلاب كادت تتسبب بكارثة.

"بركان"

وتكشف هذه القصة جانباً آخر من الصعوبات التي واجهها البحارة، وهم "القراصنة" الذين كانوا يتربصون للسفن التجارية للاستيلاء على حمولتها عن طريق حيل مختلفة. و"بركان" هو أحد زعماء هؤلاء القراصنة الذين حاولوا مهاجمة سفينة لنوخذة عربي مكنته مهارته من النجاة من الخطر.

النوخذة والذيبة

وتروي هذه القصة حكايا الغواصين الذين كانوا يغوصون في الأعماق بحثاً عن اللؤلؤ، ومواجهة مباشرة بين "نوخذة" سفينة الغوص وسمكة "الذيبة" الشرسة، التي تنام في السواحل الطينية، حيث نشبت أنيابها في ساقه أثناء محاولته سحب السفينة إلى اليابسة.



الحوت

وهي القصة التي ختم بها الكاتب مجموعته، وضمنها مواقف للبحار الجديد "فرحان"، الذي اتسمت شخصيته بالمرح والفكاهة وأحلام بزيارة الهند التي تحققت مصادفة عقب انضمامه إلى طاقم النوخذة الشهير "بودعيج"، لتشهد تلك الرحلة موقفاً عصيباً إثر اصطدام السفينة بأنثى حوت كادت تحطمها، قبل أن يتدخل "فرحان" ويتمكن من إنقاذ السفينة ويتحول إلى بطل بنظر البحارة.

وارتبط الكويتيون الذين تطل بلادهم على الخليج العربي ارتباطاً وثيقاً بالبحر والملاحة البحرية، حيث كانت بيئة العمل الأبرز لهم والتي فقد فيها كثيرون حياتهم أثناء سفرهم الذي كان يمتد لأشهر بعيداً عن عوائلهم بحثاً عن الرزق.

وكانت سفن البحارة والنواخذة تجوب البحار والمحيطات لنقل البضائع، ولممارسة مهنة الغوص للبحث عن اللؤلؤ، التي تعد من أخطر وأشق المهن التي مارسوها بغية استخراج اللؤلؤ من سواحل الخليج لبيعه والمتاجرة به.

وتتوزع المهام على ظهر السفينة بين عدة أشخاص، وأبرزهم "النوخذة"، وهو صاحب سفينة الصيد والتجارة وقبطانها، وهو صاحب أكبر نسبة من المحصول.

كما برز مصطلح "جعدي" وهو نائب النوخذة، و"المجدمي" وهو رئيس البحارة والمسؤول عن العمل، و"النهام" وهو الذي ينشد أهازيج وأغاني للبحارة للتخفيف من مشقة السفر، والطباخ، وآخرون من صغار السن يقومون بأعمال خفيفة، أما "الطواش" فهو التاجر الذي يجوب البحر بسفينته يشتري اللؤلؤ من الغواصين وقد يبيعهم مؤنا مثل الأرز والسكر والشاي والتمر.

وانتهى عهد "النواخذة" مطلع خمسينيات القرن الماضي إذ توجه الكويتيون إلى الوظائف الإدارية عقب اكتشاف النفط.



الكاتب في سطور

يُذكر أن الروائي هيثم بودي من مواليد 1965، بدأ الكتابة منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتخصص باستيحاء قصصه ورواياته من ماضي وتراث بلاده.

وله العديد من الإصدارات الأدبية منها "الطريق إلى كراتشي" و"الفنار"، فضلاً عن روايات تحولت إلى أعمال تلفزيونية مثل رواية (الدروازة) و(الإعصار) التي تحولت إلى مسلسل (الهدامة) الملحمي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com