العراقية فوز حمزة تنشر "مذكرات امرأة في سلة المهملات"
العراقية فوز حمزة تنشر "مذكرات امرأة في سلة المهملات"العراقية فوز حمزة تنشر "مذكرات امرأة في سلة المهملات"

العراقية فوز حمزة تنشر "مذكرات امرأة في سلة المهملات"

تصدمنا النهايات غير المتوقعة كما يدهشنا العنوان المثير للجدل للمجموعة القصصية "مذكرات امرأة في سلة المهملات" الصادرة حديثا للكاتبة العراقية فوز حمزة.

وتدخل الكاتبة في مجموعتها التي تضم 52 قصة قصيرة، إلى ثنايا النفس البشرية لتصبح لسان حال أسرارها ومشاعرها، في بناء درامي محكم، لا يغفل الشكل ومتانة السبك.

واتسمت قصص المجموعة بجرأة الطرح والتطرق لمشاعر مسكوت عنها في المجتمعات العربية المحافظة.

تقول الكاتبة في قصة تحمل عنوان المجموعة ذاته: "سأظل طيلة المذكرات دون اسم، ليس خوفا، إنما لعدم شعوري بالحاجة إليه، كوني بعيدة عن كل ما يمت بصلة إلى عالمي الحقيقي. أظنني الآن بدأت أكذب. ذاع صيتي في عالم الرجال المتشابهين، بأنني أنثى تستحق ما يغدقوني بها من أموال وهدايا، ففي المقابل أمنحهم متعا جنسية يفتقدونها".

وتضيف: "عندما فكرت أن أدخل عالم الكتابة، لم أواجه صعوبة في ذلك، فأحد أشباهي وكان كاتبا، منحني أسرار هذا العالم، علمني كيف أختار العنوان الذي يثير فضول القارئ، وأن أسبق الأحداث وأفترض الحلول لها، وهذا سر تفوق الكاتب في مجتمعه وأيضا سر غربته".

وتميل قصص المجموعة إلى بساطة الطرح وملامسة الواقع اليومي للمواطن العربي، لجذب انتباه القارئ وإثارة فضوله، وصولا إلى ما هو أعمق، لتصل الرسالة المرمزة بأبسط الأدوات الفنية الإبداعية؛ كما نلحظ في قصة "يوميات سائق كيا".

تقول الكاتبة بلسان بطل قصتها: "لم أتمالك نفسي حين وجهت لسائق آخر ضربة على وجهه، تسببت في إحداث نزيف له، فالكلمات البذيئة التي قالها بحق أمي أفقدتني صوابي".

ولم تغفل الكاتبة بث وجهة نظرها في قضايا إنسانية وروحانية عدة؛ على غرار ما كتبته في قصة "واحة للنسيان"؛ تقول: "لكن سطوة أحلامنا كثيرا ما تجبرنا على أن ندير ظهورنا للواقع حتى وإن كان جميلا".

وأطَّرَت الكاتبة معظم قصصها بوصف المشاهد الطبيعية ونقل قسمات المكان، كمدخل لتورط القارئ في الأحداث؛ تقول في قصة "الهروب": "أحاط المكان نور لم يألفه من قبل واكتسى كل شيء فيه بلون جديد، همسٌ أسكت العصافير وأثار دهشة الطيور، نقلته لهم نسائم أول ربيع أرضي يمر عليها".

وعن سر العنوان المثير للجدل، قالت حمزة، في حديث خاص لـ"إرم نيوز"؛ إن "العنوان بمثابة سيقان القصة وعليها أن تكون قوية لتستطيع حمل القصة والمضي بها لمبتغاها، وأيضا المدخل والنافذة في نفس الوقت التي تغريك للدخول والقراءة. وعنوان كتابي هو لإحدى قصص المجموعة، اخترت لها أسلوبا رمزيا لأعبر عما يحدث في واقعنا العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص".

وأضافت أن "تأليفي للمجموعة أخذ مني ثلاثة أعوام ما بين كتابة ومراجعة وتنقيح، وأكيد خلال هذا الوقت الطويل لم يكن مصدر القصص متشابها ولا منبعها واحدا، لكن أستطيع القول إن تنقلي في بلدان عدة كان الملهم الأول لي، من خلال رصدي لكل ما هو غريب وإمكانية تحويله لمادة قصصية".

وتابعت أن "اختلاف الثقافات وتعدد التجارب وما يصادفك خلال ذلك هو النهر الذي يمدك بكل ما هو مختلف ومتفرد، والأهم من ذلك امتلاكك للعين التي تبصر كل ما يصلح أن يكون مادة قصصية متميزة".

ويبرز في قصص المجموعة تجنب الكاتبة لاستخدام الأسماء فالبطل فيها مطلق والمكان غير مؤُطَّر، ما منح القصص بعدا أكبر، وأعطى مساحة لخيال القارئ ليصبح شريكا في إعادة الخلق الإبداعي.

وعلى الرغم من اتباع الكاتبة للمنهج الواقعي في معظم قصصها، نلمح شذرات خيالية ونهايات غير متوقعة، فضلا عن اللجوء أحيانا للمنهج النفسي لتحليل تاريخ الشخصية وخفاياها، كل ذلك دون أن تغيب الرمزية.



معوقات الوصول إلى العالمية

وعن واقع القصة القصيرة في الأدب العربي المعاصر، ترى الكاتبة أن "قراء القصة القصيرة هم من تهمهم معرفة تفاصيل الحياة الصغيرة، لكن بطريقة مختزلة ومكثفة، وهنا تكمن المفارقة".

وأوضحت حمزة، في حديثها لـ"إرم نيوز"، إن "معوقات وصول القصة القصيرة العربية إلى العالمية، تعود لأسباب كثيرة؛ أولها الوقوع في وهم كبير؛ مفاده أن القصة القصيرة جنس أدبي سهل، ولا يتطلب من الكاتب إظهار إمكانياته الأدبية والسردية، فيتولى اهتمامه إلى كتابة الرواية ظنا منه إنها الطريق المختصر للشهرة".

وأضافت: "بعض الكتاب أيضا يجهلون تقنيات القصة القصيرة التي تتطلب الإحاطة بشروط كتابتها، فيقعون فريسة لإشكالية عدم التمييز بينها وبين الأجناس الأدبية الأخرى، فضلا عن غفلتهم عن أهمية القصة القصيرة، كونها -من وجهة نظري- عين العصر الثاقبة التي ترصد وتدون كل شيء، لكنها عين تبصر بحدة وأيضا بسرعة خاطفة".

آراء النقاد

وعن المجموعة؛ قال الناقد علي سلطان، إن "الأحداث تمر كما ليس بالمتوقع، فهناك ثمة مباغتات تفاجئنا بها الكاتبة بمقدرة عالية، ولعل أهم ما يمكن أن يصادفنا في هذه المجموعة التي وجدت فيها مراعاة الكلمة أقرب إليها من الحدث، ذلك التنوع المدهش في الخليط والجمع بمدارس عدة".

وأضاف: "من يقرأ يشعر وكأنه يجلس إلى مائدة من أصناف ملونة مختلفة طُبِخت ووُضِعت واصطفت بعناية أرستقراطية وشعبية".

المجموعة القصصية "مذكرات امرأة في سلة المهملات" من إصدارات دار النخبة للنشر، القاهرة، 2020، وتقع في 169 صفحة من القطع المتوسط.

عن الكاتبة

فوز حمزة الكلابي، روائية وشاعرة عراقية تقيم في بلغاريا، حاصلة على إجازة جامعية في الإخراج المسرحي. عضو في اتحاد أدباء وكتاب العراق، وحازت على الجائزة الأولى في مهرجان همسة الدولي في القاهرة للقصة القصيرة عام 2018.

صدر للكاتبة المجموعة القصصية "الوشاح الأحمر" عام 2015، والمجموعة القصصية "مذكرات زوجة ميتة" عام 2017.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com