كيف غيرت أدوات التكنولوجيا مسار الفن؟‎
كيف غيرت أدوات التكنولوجيا مسار الفن؟‎كيف غيرت أدوات التكنولوجيا مسار الفن؟‎

كيف غيرت أدوات التكنولوجيا مسار الفن؟‎

تقدم كافة أشكال الفنون للإنسانية حياة افتراضية موازية للواقع، بهدف التجريب، ونقد الواقع، أو السخرية منه، وكذلك الوصول بالعقل البشري لمكان أبعد، وهو ما يصنع التطور في مسيرة الإنسان.

علم الفن

ويتضح أثر الفنون على المرء عبر التجارب والسنين، وذلك ما أعطى للفن في وعي الإنسان قيمة لا يمكن تجاهلها، ولطالما بحث المرء عن طريقة لفهم ذاته، واكتشاف أسرار الحياة، فكان الفن من أهم تلك الأدوات لبناء وعي الإنسان. يقول ألبير كامو: "طريق الحياة وعر و شاق، دون ملامسة الإنسان للفن".

وفي الماضي لم يكن الفن آخذا هذا القدر من الاهتمام، وكان الهم الأكبر للحضارات هو الاستفادة من العلوم، دون اعتبار الفن ضمنها، لكن منذ اعتبار الفن أحد العلوم، جعلت هذه الفكرة للفن مكانة أكثر جدية، وساعدت في تطوير الفن، وتقديمه بشكل أكثر احترافية للمتابع.

 رسومات على الحائط

مع ظهور الثورة الرقمية التكنولوجية، صار الكمبيوتر يلعب دورا رهيبا في الحياة، وأدى دخول التكنولوجيا لعالم الفن، إلى القفز به إلى أماكن غير متوقعة. فبعد أن كان الفن مقتصرا على رسومات ترسم على الحائط واللوحات في القديم، وأغنيات شعبية يتم ملء فراغ الإنسان من خلالها، أصبح الفن بفعل تطوير أدواته الأكثر ملامسة للإنسان في يومه، وأكثر ما يطمح المرء للخوض في نقاشه، يعود لأنواع الفن المختلفة، حسب مساحة ظهورها في حياته.

لقد أصبحت الأدوات الرقمية تستخدم على خشبة المسرح، وفي شاشات العرض، ولوحات الفنان التشكيلي، وتنسيق الكتب الأدبية، وقراءة الكتب، وعرض الفيديوهات للمغنيين والشعراء، حتى نتفلكس صارت بمثابة سينما داخل المنزل.

أوجه أخرى للفن

لقد مكنت التكنولوجيا الشاعر من الظهور على شاشات عرض أمام جمهوره في بلد آخر، كما ساعد الجهاز اللوحي الرقمي الفنان التشكيلي من رسم لوحة رقمية دون احتياج القماش والألوان، واستطاع المشاهير من الممثلين السينمائيين، الوصول لأكبر قدر ممكن من الجمهور، من خلال منصات التواصل الاجتماعي، وإعلانات الأفلام.

الإفلات من الرقابة

لكن هذا التطور الغريب، وهذا التسارع في نقل الفن لأبعد مكان، يجعلنا نبحث عن لحظة توقف مع نظرية الكم والكيف. فحتى لو كل مايتم تقديمه فنيا هو عمل احترافي، فإنه من المستحيل أن يستطيع أي شخص احتمال كم الإنتاج الذي يتدفق من المبدعين على مستوى العالم، فعملية التصفية صارت واجبة وأساسية، حسب الاهتمام والميول والنظرة الشخصية.

ومن جانب مقابل أثارت أدوات التكنولوجيا الطاقة لدى الكثير من غير المؤهلين فنيا، فانطلقوا لعرض أعمالهم مستخدمين الأدوات التكنولوجية في تحسين جودة المنتج، مثل مؤثرات الصوت في الغناء، حتى صار بإمكان المؤدي للغناء عمل أغنية وإنتاجها خلال ساعات.

والأغرب، أن هذا العمل ينتشر بين الناس بكل سلاسة، والأكثر من ذلك أن ما يتم تقديمه لا يلقى رقابة من المنظمات أو الدول، إلا بعد نشره، وحصوله على مشاهدات عالية، كما حدث مؤخرا في أزمة المهرجانات الغنائية الشعبية في مصر ونقابة الموسيقيين المصرية، حول بعض الكلمات الخادشة للحياء التي تضمنتها أغنية شعبية، وهو ما أثار جدلا حول الرقابة على الفن، على منصات التواصل الاجتماعي، بين المؤيد والمعارض.

مبدع المستقبل

البعض لا يلتفت إلى أن مبدعي اليوم، سيكونون مثار اهتمام الأحفاد في المستقبل، فمن فناني وأدباء اليوم من سيكون للأجيال القادمة بمكانة نيتشه، وصمويل بيكيت، ومحمود درويش ومايكل جاكسون، وعباس العقاد ومحمود درويش وأنسي الحاج، بالنسبة لنا، لكن هذه المرة بطريقة غير مماثلة، بما فعلته التكنولوجيا من ثورة فنية رهيبة، قائمة على كافة أشكال التواصل، والتسارع في تناقل المعلومات، وهذا يحتم على كافة الفنانين والأدباء، حتى القدماء الأحياء منهم، الخضوع للتعامل مع أدوات التكنولوجيا.

خريطة الفن

في عصرنا هذا من الصعب أن تسمع بلوحة مثل الموناليزا، أو لوحة تباع بملايين الدولارات، لكن من الممكن أن تسمع أن فيديو على يوتيوب، حقق مليارات المشاهدات، وحصد مبالغ غير متوقعة. فتحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات تسويقية، ناشرة للفنان ولمنتجه، ما يعني تغيرا كاملا لخريطة أدوات الفن مع الإنسان.

إن الفن لا يقاس بكمه ولا بكيفية صناعته، لكن بأثره على الإنسان، وعملية تتبع هذا الأثر تأخذ وقتا طويلا، هذا ما يؤدي إلى صعوبة تقييم أثر الثورة الرقمية على ثقافة الفرد والمجتمع، كقياس للتحول، ويفتح باب الجدل أمام قدرة الإنسان، والفنان أيضا، على الاستفادة القصوى من التكنولوحيا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com