رواية "دعاء مثقوب بالذنب".. حين تتحول المفاهيم التجريدية إلى شخصيات واقعية
رواية "دعاء مثقوب بالذنب".. حين تتحول المفاهيم التجريدية إلى شخصيات واقعيةرواية "دعاء مثقوب بالذنب".. حين تتحول المفاهيم التجريدية إلى شخصيات واقعية

رواية "دعاء مثقوب بالذنب".. حين تتحول المفاهيم التجريدية إلى شخصيات واقعية

تمنح رواية "دعاء مثقوب بالذنب"، الصادرة حديثا، للكاتب العراقي عماد الرجبان، القارئ إحساسا بالغرائبية، في ضوء رمزيتها المفرطة، وتركيزها على تحول المفاهيم التجريدية إلى شخصيات واقعية، لتنقل أفكار الكاتب ورؤاه عن مختلف جوانب الحياة.

وتدور أحداث الرواية عن شخص فقد تواصله مع حواسه وصفاته وملكات خلقه، واغترب عنها لزمن طويل، ثم عاد إلى قريته مجهولا غريبا فيها، لا يعرفه سكانها ويستغربونه لدرجة الإنكار، فيصدم بمقدار التغيير والتشويه الذي حل بقريته، بعد سيطرة الغرباء عليها وإخضاعها وتشويهها.

وأمام الواقع الجديد، ينتفض بطل الرواية لاستعادتها وإنقاذ الأبرياء من التسلط والظلم، ويحتدم الصراع مع الشيخ كذب، والسخط المتطور، والكادحة الولود، والعبد الأكبر، ممسكا بيد الدليل "الطفل صدق" ليساعده في استعادة حقه المسلوب والتصدي للغرباء.

يقول الكاتب في روايته: "في الصباح قال الحكيم صدفة إنه جاء بعد منتصف الليل إلى الكهف ووجدني أتكلم خلال نومي وأهذي بحياتي السالفة، وأبوح بأسرار. قال إنه تأكد أنني نائم وخرج حتى لا يسمع ما ألقيه من جوفي من أمور تخصني".

ويضيف: "حين استيقظت شعرت أنني ككتلة من الفراغ، وأنني فقت كثيرا من الوزن، ليس من جسدي وإنما من نفسي، صرت خفيفا كأن لم يعلق شيء بنفسي طوال حياتي. أشعر بصحوة تكاد ترى باطن الحجر، وكأن نوم الليلة الماضية مسح الآثار داخلي، وأصبحت نفسي كأرض لم تطأها قدم من قبل".

وعمد الكاتب في روايته إلى اتباع أسلوب تفسير المفاهيم بمفاهيم أخرى، والظواهر الطبيعية بمثيلاتها، في سياق يمتزج فيه الخيال بالواقع والفنتازيا بالمنطق.



ويغلب على الرواية الطابع الفكري، إذ تتشكل رمزيتها بمحاور رئيسة لشخصيات خارجة من ماهية المفهوم لتمثل سلوكا اجتماعيا مستندا إلى ركيزتي الصدق والكذب وأبعادهما.

ويلف الغموض أحداث الرواية، داعما عنصر التشويق، لنشهد امتزاج غرابة أسماء أبطالها، وغرابة أشكالهم وأخلاقهم وتصرفاتهم.

وفي حديث مع "إرم نيوز"؛ قال الرجبان: "تتقاطع أدوار الشخصيات في صراع على تحقيق الذات، على حساب الآخر، ولو تطلب الأمر إلحاق الأذى والتشوه بالنفس، لتحقيق أهداف السيادة والتسلط، في رحلة يسعى الكل فيها إلى الوصول للكمال الظاهري، على حساب تشوه الجوهر".

وأضاف: "يتدرج السرد في الرواية متكئا على صدفة الاكتشاف وعفوية تقلب الأحداث، لأبطال يفقدون القدرة على أداء أدوارهم ومسؤولياتهم بسبب سطوة الغرباء وأدواتهم، في إشارة لفكرة الثورة على الذات بهدف استعادة قيمتها المصادرة والدفاع عن وجودها المشتت بالمصالح الضيقة".

وأوضح الكاتب أن "السرد يأتي في قوالب متجانسة عدة؛ يفضي بعضها إلى فك ألغاز بعضها الآخر، مثل كيان مستقل من رموز تفك بنهاية صادمة ومدهشة بتفسير رموزها لتتشكل الصورة النهائية للفكرة بوجه آخر ينتقل من المجاز إلى التجسد بواقع ملموس ومحسوس".

واختتم الكاتب حديثه قائلا: "تتحول المفاهيم إلى شخصيات لأداء القصة، ثم تعود إلى أصلها كمفاهيم معنوية مجازية، خرجت من خريطة الرمز إلى واقعية الوجود المرئي والحياة المنظورة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com