الشاعر العراقي جليل خزعل: الأدب وسيلة ناجعة لإنقاذ الأطفال من التطرف
الشاعر العراقي جليل خزعل: الأدب وسيلة ناجعة لإنقاذ الأطفال من التطرفالشاعر العراقي جليل خزعل: الأدب وسيلة ناجعة لإنقاذ الأطفال من التطرف

الشاعر العراقي جليل خزعل: الأدب وسيلة ناجعة لإنقاذ الأطفال من التطرف

قيم الشاعر والكاتب العراقي جليل خزعل، في حواره مع "إرم نيوز"، واقع أدب الطفل اليوم، حيث أشار إلى انشغال الأطفال بوسائط ثقافية جديدة بفضل التكنولوجيا وهيمنة ثقافة الصورة.

وحسب تقديره لم يعد الأدب والكلمة المكتوبة تشد هذه الفئة العمرية، الأمر الذي يستوجب إعادة إنتاج أدب حقيقي والبحث عن طرائق ووسائل مختلفة لمخاطبتهم، وفيما يلي نص الحوار:

-اشتهرت في العالم العربي بإنتاجك للأطفال، حيث أصدرت أكثر من 80 كتابًا لهذه الفئة العمرية، لماذا اخترت هذا المجال؟

بصراحة لم أكن أخطط لأكون كاتباً للأطفال، على الرغم من ولعي بمطالعة مجلات الأطفال في طفولتي. فالمصادفة وحدها قادتني إلى هذا الميدان، ففي منتصف السبعينيات من القرن الماضي، بدأت خطواتي الأولى في النشر، فكنت أكتب الخاطرة والقصيدة والقصة القصيرة للكبار، ونشرت في أغلب الصحف والمجلات المحلية وقتها.

وكانت الصحف اليومية العراقية في سبعينيات القرن الماضي، تخصص صفحات للأطفال فيها زاوية لقصيدة الأطفال، وكانت فرصة النشر فيها صعبة جداً، كونها كانت مقتصرة على الأسماء المعروفة آنذاك، وقد جرّبت أن أرسل إحدى القصائد، فكانت دهشتي كبيرة عندما نشرت سريعاً، وكان التلفزيون يخصص برنامجاً لقراءة الصحف اليومية، وقد تمت قراءة قصيدتي ضمن البرنامج، وسمعها كثيرون، ونالت استحسانهم.

وهذا الأمر الذي شجعني على تكرار المحاولة مع قصيدة أخرى، نشرت أيضاً في وقت قياسي، وهكذا أصبحت من الكتاب الدائمين في تلك الصفحات، ومن حسن حظي أن الملحّن الكبير حسين قدروي، المتخصص بتلحين أغاني الأطفال، أعجب بإحدى قصائدي ولحّنها للتلفزيون فكانت بدايتي مع أغاني الأطفال.

وتم اختيار قصيدتين من قصائدي للأطفال، لتكونا ضمن المناهج المدرسية للمرحلة الابتدائية مما شجعني أكثر، وجعلني أواصل الكتابة، وأتخصص شيئاً فشيئاً في الكتابة للأطفال، رغم أنني لم أنقطع عن الكتابة للكبار، فكنت أكتب الشعر والقصة والمتابعات الثقافية. وأشارك في أغلب الفعاليات والنشاطات الثقافية.

2022-09-WhatsApp-Image-2022-09-27-at-6.28.06-PM
2022-09-WhatsApp-Image-2022-09-27-at-6.28.06-PM

-ما خصوصية الكتابة للطفل؟ وهل هي مختلفة اليوم عما كانت عنه في السابق؟

مقومات الكتابة الأدبية سواء كانت للكبار أو الأطفال تكاد تكون واحدة، لكن اختيار الموضوعات ورسم الشخصيات، وخلق الأجواء وأسلوب التناول يختلف بعض الشيء، كونها تخضع لضوابط خاصة، تراعى فيها حاجات الطفل وقدراته ومستوى نموه.

وأدب الأطفال يمتاز بالبساطة والسهولة، وهو أدب خيالي يعتمد على الخيال الذي يعد سلاحا لكاتب الأطفال الناجح، كما يمتاز بالطرافة والمرح والفكاهة المحببة.

كما أن الكاتب للأطفال يجب أن يعرف خصائص الطفولة، وأن يكون موهوباً في هذا الميدان، له القدرة على مخاطبة الفئة العمرية التي ينوي الكتابة لها، ويعرف جيدا القاموس اللغوي للطفل في كل مرحلة عمرية، ويحترم ذكاء الطفل وخياله الواسع، لكي يكون نصه مقنعاً للطفل، وبخلاف ذلك عليه أن يبحث عن وظيفة أخرى.

وأطفال اليوم مختلفون عن أطفال الأمس، وهذا يحتم أن يكون الخطاب الموجه لهم مختلفا عن خطاب أطفال الأمس على الرغم من احتفاظ الطفولة بسماتها العامة المشتركة.

-قلت إن أدب الأطفال انتزع شرعيته واستقلاله متأخرًا، ماذا تعني بهذا التصريح؟

قلت ذلك بعد أن عانينا من الاعتراف بنا ككتاب أو أدباء كثيراً، لدرجة أن بعضهم كان يصرح لا يوجد أدب أطفال، وإنما يوجد أطفال أدب.

لقد تجاوز أدب الأطفال في العراق وفي بلدان عربية كثيرة مرحلة البدايات والتأسيس، وحصل على شهادة الاعتراف به بامتياز من قبل المتابعين، وقدم أسماء لامعة لفتت الانتباه إليها بقوة.

وأصبح الدارسون يتناولون هذا النمط من الأدب بالبحث والدراسة، وخصصت له مناهج ومفردات في الجامعات والمعاهد. وحصل العشرات من الطلاب على شهادات الماجستير والدكتوراه فيه سنوياً. كما خصصت له جوائز مرموقة في أكثر من بلد عربي.

-هل برأيك ما زال أدب الطفل يعاني من التهميش رغم توفر وتنوع وسائل الإنتاج؟

ازداد الاهتمام بأدب الأطفال مؤخراً، ولكن المفارقة أننا لم نعد نقرأ أدبا حقيقيا، وصرنا نقرأ كلاماً سطحياً ونصوصاً مقتبسة من هنا وهناك، وصار الهم التجاري هو السائد، وليس الأدب الحقيقي.

لذلك لم نعد نقرأ أعمالاً متميزة إلا فيما ندر وسط هذا الركام من المطبوعات الصادرة في البلدان العربية، والتي لم تعد تخضع لرقابة وتدقيق جادين كما كان الوضع قبل عهدين أو أكثر، فصار أطفالنا يتلقون سيلاً من الإصدارات التي تتسم بالضعف أحياناً وبالركاكة وبالأخطاء الفادحة تربوياً وفنياً.

كما أن النشر الإلكتروني وكثرة دور النشر الخاصة، وازدياد أعداد الكتب والجوائز الخاصة بكتب الأطفال، جميعها عوامل شجعت كثيراً من الطارئين على دخول الميدان بدون مؤهلات حقيقية، وأسهمت في تراجع مستوى أدب الطفل عربياً.

-الرسوم المتحركة اليوم مختلفة عما كانت تقدم في السابق، هل يستوجب اختلاف الأجيال بالضرورة تغيير الإنتاج ومواكبة العصر؟

إن إنتاج الرسوم المتحركة صار أسهل كثيراً اليوم بفضل التقنيات والبرامج الحديثة، التي اختصرت الزمن، وقللت كلف إنتاج هذه الأفلام التي كانت من أصعب الفنون قبل سنوات.

واهتمامات الأطفال ونمط معيشتهم يحتم علينا أن نبحث عن طرائق ووسائل مختلفة لمخاطبتهم، مثلما علينا أن نبحث عن موضوعات وشخصيات تناسب عصرهم، وتشدهم إليها. لكن هذا لا يعني الاستغناء عن الأعمال الرائدة التي سجلت تميزها ونجاحها، فهي تبقى مرجعاً لا غنى عنه للمتابع وصانع المحتوى في الوقت نفسه.

-هل يستطيع الشعر والأدب أن يحظيا باهتمام الأطفال اليوم وسط هيمنة التكنولوجيا والألعاب الرقمية؟

حظي أطفال اليوم بفرص لم تكن موجودة بالنسبة للأجيال التي سبقتهم، بفضل ثورة الاتصالات الجارفة التي عمت العالم، وأصبح العالم مقهى كونية صغيرة يرتادها الكبار والصغار بدون ضوابط أو موانع.

ولم يعد الأدب أو الكلمة المكتوبة هي التي تشدهم، وإنما ثقافة الصورة هي السائدة اليوم، فأطفال اليوم منشغلون بوسائط ثقافية جديدة لم تتوافر للأجيال السابقة، لكن من حيث الخيال فخيال الأطفال واحد في كل الأزمنة، وهو سلاحهم الأهم لاكتشاف العالم وإعادة تشكيله.

-كيف تقيم اليوم أدب الطفل في العالم العربي، وكيف بوسع الإبداع أن يحميهم من فخ الاستقطاب نحو العنف والتطرف وغيرها من الجرائم؟

الأدب والفن والرياضة من أنجح الوسائل التي تسهم في إنقاذ الأطفال من خطر التطرف والانحراف، وسموم المخدرات والجريمة التي تعاني منها بلدان كثيرة، بشرط أن نحسن اختيار النماذج المتقدمة والمناسبة من النصوص الأدبية، وتقديمها في المناهج الدراسية أو وسائط ثقافة الطفل من صحف ومجلات وبرامج تلفزيونية، وعروض مسرحية وسينمائية، ومهرجانات فنية للموسيقى والإنشاد ومعارض الرسم، وغيرها من الفعاليات الثقافية التي تتداخل فيها الفنون الإبداعية.

وكان لي شرف تقديم أعمال كثيرة في هذا الخصوص منها، كتابي الشعري (أنا وأنت) الذي نافس على جائزة الشيخ زايد للكتاب، وكتابي القصصي المصور (الأصدقاء الحقيقيون)، وكتابي (الفريق المثالي)، و(أشبال المدينة)، ومسرحيتي الشعرية (كرخ ورصافة)، وكتابي (كلمات نحبها) الذي طبع أكثر من مرة وغيرها من الأعمال.

وأنا اليوم عضو لجنة "تنمية التفكير المناهض للعنف لدى الأطفال" التابعة إلى إحدى تشكيلات اللجنة الوطنية لمكافحة التطرف العنيف في بلدي العراق.

-ما إصداراتك الأخيرة، وكيف تستوحي قصصك وحكاياتك للأطفال؟

آخر ما صدر لي 3 كتب شعرية تعليمية للأطفال عن دار "تربويون" في الرياض، تتناول لأول مرة مفهوم الزمن للأطفال بطريقة سهلة وممتعة، وهي "تحية من الشمس"، وتتناول موضوع الأشهر الشمسية، وعلاقتها بتغيير المواسم والزراعة ومواعيد الدراسة والعطلة الربيعية والصيفية. ويستطيع الطفل من خلالها معرفة أسماء الأشهر الشمسية بطريقة سهلة.

وكتاب "قال القمر"، ويتناول الأشهر القمرية، وعلاقتها بالمواقيت الشرعية والأعياد والمناسبات الدينية.

وكتاب "دقات الساعة" الذي يوضح حقائق عن الزمن وعدد ساعات اليوم ومفاهيم الأسبوع والشهر والسنة والعلاقة بينهم.

كما كتبت مؤخراً مجموعة من البرامج والنصوص الغنائية لفضائية "شهاب"، وهي أول فضائية عراقية مخصصة للأطفال. كما أواصل كتابة النصوص الغنائية لبرنامج "أهلا سمسم" الذي يعرض على الفضائيات العربية هذه الأيام.

ولا مصدر محدد لدي أستوحي منه أفكاري القصصية والشعرية بصورة دائمة وثابتة، لكنني كثيراً ما أدون ملاحظات عابرة ثم أعود إليها وقت الكتابة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com