"أبيض غامق".. عبير السيد ترسم حواء بتكوينات بصرية وسرد شاعري

تجربة فنية ثرية خاضتها الفنانة التشكيلية المصرية عبير السيد في معرضها الحالي المقام بجاليري "النيل" في حي الزمالك، تحت عنوان" أبيض غامق".

يضم المعرض لوحات متنوعة الأحجام والتكوينات البصرية لنساء بلا ملامح، للتعبير عن أفكار وحالات الوحدة والغربة والقهر والحب والحرمان والفقد والتطهر والانتصار والأمل واليأس.

ويستمر المعرض حتى الرابع من شهر أكتوبر/تشرين الثاني، مجسدا حوارية فنية ما بين الكلمة واللون.

وتسرد الفنانة بلغة شاعرية ساحرة تجارب حسية تحمل مشاعر الأنثى في الفرح والحزن بإيقاع بصري لافت ويشخص القضايا النسوية ببراعة.

وقالت الفنانة في سردها المصاحب للمعرض: "أحب كل الأشياء غير المكتملة، أحب اللوحة غير مكتملة، أحب كل مراحل ما قبل اكتمال القمر، أحب الخريف بما يحمل ويتخلى فيبدو الكادر غير كامل ورغم ذلك أعشق النهايات التي أصنعها بيدي".

وعبر 48 لوحة، ترسم عبير السيد بفرشاتها خطوطًا واضحة كخطوط درامية تروي قصص نساء حائرات، ملخصة الفكرة الرئيسية للمعرض: "قيل لي إن الفتيات حين يقعن في الحب يرين كل شيء باللون الأبيض (نور)، هكذا يتعرفن على مشاعرهن يتلمسن الطريق حالمات بيد هادئة مغمضات العين عن الواقع بدرجات ألوانه الصادمة.. قالت كنت أمشي في طريقي حتى وجدت نفسي أقف على مربع أبيض وآخر أسود بقدم واحدة فخلعت حذاءها وجلست".

وتابعت: "سقط شالها على الأرض، انتشلته بعد أن اكتشفت أن كل ما يسقط على الأرض يتغير لونه فلفته على رأسها وجلست في سكون، تفرد جسدها تارة وتروي قصتها تارة حتى أنبتت رأسها حكاياتها من بؤرة الألم، استطاعت أن تعبر حافية القدم، سقطت أوراقها واحدة تلو الأخرى إلا واحدة ظلت مزهرة حتى النهاية".

وأوضحت السيدة، لـ"إرم نيوز"، أن "الخط هو البطل الرئيسي في سرد الحكاية، هو خط لا ينتهي إلا بانتهاء القصة، بدأت الفكرة من تجربة شخصية مررت بها، وخلال رحلة التعافي منها تشكلت الفكرة التي يمثلها التناغم ما بين اللونين الأبيض والأسود، وهو ما حقق لي الحالة التي كنت أصبو إليها، فجاءت أشكال المربعات الأبيض والأسود لتكون على تماس تام بالحالة النفسية".

وأردفت أن "الحالة التي أوحت لي باسم المعرض أبيض غامق الأقمشة البيضاء حينما تقع على الأرض تتعكر وتتسخ، وقمت باستخدام المربعات الصغيرة باعتبارها تمثل حالة استشفاء، فهي تعبر عن ازدحام الأفكار وبداية الشعور بالدوار، ثم مرحلة الصمت والهدوء الشديد والتي تشبه حالة من الصوفية".

وفي كل لوحة قصة ترويها عبير السيد بفرشاتها وتلفت أن بقع الذهب باللوحات توحي بشعاع النور وبارقة الأمل بعد مرحلة التيه والتشتت لتظهر في اللوحات الأخرى ألوان مختلفة مثل اللون البرتقالي، إشارة إلى شروق الشمس وتباعا لون البحر والسماء، معلنةً الخروج إلى عالم جديد بروح جديدة.

وتجد الفنانة في بعض اللوحات ميثولوجيا يونانية وإيحاءات فلسفية من بينها "لوحة السر" التي تستوقف الزوار في صدر المعرض.

ونوهت الفنانة: "هي حالة مقدسة تشبه حالة الاعتراف في الكنيسة، حالة من التطهر والبوح استوحيتها من صديقي الذي يمثل كاتم الأسرار".

وبعض اللوحات متأثرة بالميثولوجيا الفرعونية، حيث طوعت رمزية الحيوانات مثل القطط والتماسيح والطيور لتسرد قصصها.

وهنا أشارت السيدة إلى أن "الكائنات هي رفيقة الرحلة للأنثى ولي شخصيا إنها تساعدنا في المرور بشكل آمن من مراحل صعبة نمر بها، فالتمساح رمز مهم في أكثر من لوحة ملتف حول رأس الأنثى وهذا كناية عن الأفكار والطرح كونه حيوانًا خبيثًا كناية عن شخص يحاول تغيير الأفكار والقيم ويتلاعب بها ثم يبدأ الغدر".