"مرض الهوى".. حياة بدوية على خشبة المسرح التونسي
"مرض الهوى".. حياة بدوية على خشبة المسرح التونسي"مرض الهوى".. حياة بدوية على خشبة المسرح التونسي

"مرض الهوى".. حياة بدوية على خشبة المسرح التونسي

تطرح المسرحية الغنائية "مرض الهوى" قضايا اجتماعية تستمدّ قصتها من بيئة بدوية خالصة، أراد من خلالها مخرجها رضوان الهنودي إحياء تراث غنائي تونسي يكاد يندثر.

المسرحية عُرضت على خشبة مسرح مدينة باجة شمال غرب العاصمة تونس، في إطار المهرجان الصيفي الدولي الذي تعيش على وقعه المدينة، والمسرحية هي من إنتاج مركز الفنون الدرامية بالكاف (شمال غرب تونس) وتنبش في الموروث الغنائي لهذه الجهة، من خلال أغان نشأت على سماعها أجيال متعاقبة، وعبر نصوص مسرحية تسند تلك الموسيقى التي لولا مثل هذه المبادرات لشارفت على الاندثار.

وتدور أحداث المسرحية الغنائية "مرض الهوى" حول حاكم مستبد هام في حب فتاة من البدو الرحل، فقرر خطبتها، لكن أهلها يرفضون هذه المصاهرة، فيقررون الرحيل هربا من بطشه، غير أن الحاكم ظل يتتبع أثر حبيبته ويلحق بها رغم أخطار الرحلة، ويعيدها رفقة أفراد قبيلتها، بعد أن تخلى عن بطشه.

ومن خلال هذه القصة التي لا تخلو من جانب خيالي، تغنت المسرحية بقيم الحب والسلام، وصوّرت مظاهر الحياة البدوية وقساوتها في حلها وترحالها، وقدّمت جملة من الصور التي تبرز ثراء المخزون الثقافي في الحياة البدوية، حيث تقوم المرأة بعديد الوظائف الاجتماعية والاقتصادية كجلب الماء من العيون ورحي الحبوب وغزل الصوف ونسج الأغطية وغيرها من الأعمال.

وقد حملت الأغاني البدوية، التي ردّدها الممثلون الجمعي العماري ولبنى مقري ورحمة كافي وشيماء هنودي وصابر جبوري وحسام علوي وخميس بوغانمي وحمزة حجري، عديد المقاصد والمعاني، فهي انعكاس بدرجة أولى لقساوة حياة البدو في مواجهة تسلط الحاكم من ناحية، وهي من جهة أخرى تعبير عن معاناة المرأة في ظل صعوبة الأعمال التي تنجزها.

ورغم قساوة الظروف الحياتية لسكان البدو، فإن ذلك لم يمنعهم من التغني بالمرأة وبجمالها ومحاسنها، فهي أيضا رمز للحياة والعطاء اللامحدود، ووظّف المخرج رضوان الهنودي أغاني اشتهرت في منطقة الكاف، منها "وحش السرا" و"شبت الغزال" و"بنتي سهرانة" وعدة مواويل تروي ملاحم البدو في الجبال والصحارى، وبذلك تطرح هذه المسرحية الغنائية نفسها من الأعمال الفنية التي توثق لمخزون تراثي شفوي ثري ومتنوع تزخر به محافظة الكاف وتشترك فيه معها عديد المناطق الأخرى بشمال غرب تونس.

وفي هذا العمل أجاد المخرج تطويع التراث الغنائي الذي تشتهر به محافظة الكاف واتخذه مطية لنصّه المسرحي ومحرّكا للنسق الدرامي للمسرحية برمّتها فاجتمعت متعة الدراما ومتعة التراث الموسيقي "الكافي" الأصيل والثري، والذي يجد له صدى في مختلف المحافظات التونسية ويتم ترديده في حفلات الزواج ومختلف المناسبات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com