"المستبدة بأنوثتها" للتونسي بوفايد.. تجربة وجودية برؤية جمالية
"المستبدة بأنوثتها" للتونسي بوفايد.. تجربة وجودية برؤية جمالية"المستبدة بأنوثتها" للتونسي بوفايد.. تجربة وجودية برؤية جمالية

"المستبدة بأنوثتها" للتونسي بوفايد.. تجربة وجودية برؤية جمالية

أصدر الشاعر التونسي السيد بوفايد، ديوانه الشعري السادس "المستبدة بأنوثتها" الذي تضمن 27 قصيدا هي عصارة ما اختلج في نفسه ووجدانه، طغى عليها الجانب الذاتي، وجاءت في لغة شعرية مختصرة وجذابة.

هذه القصائد كتبها بوفايد، خلال فترة زمنية امتدت بين عامي 2018 و2021، وأخرجها مؤخرا في هذا الديوان.

ومثل العمل صدى لنفس الشاعر المتأرجحة بين الأمل والألم، بين الاطمئنان والاضطراب، بين السكينة والوجع.

هذا الوجع هو فقد أب غادر الدنيا بلا رجعة، وابن مهاجر لفته الغربة لسنوات على أمل عودة قريبة.

كما أنه وجع نفس أنهكتها السنوات التي تتتالى حتى أدركت محطتها الرابعة والخمسين.

وبدا الشاعر في كل ذلك وكأنه ينقل تجربة وجودية خالصة لا يغيب فيها الجانب الذاتي ولا يخفى فيه ألم الكتابة عن الذات والجمال والحب.

واستلهم بوفايد، عناصر من الطبيعة تتخذ في كل مرة دورا لها، بين التعاطف مع الشاعر في محنته وبين الإيحاء والدفع نحو الإلهام والإبداع.

وتتكرر في معظم القصائد عبارات من معجم الطبيعة، كالريح، والمطر، والرذاذ، والبرق، والأحجار، والتراب والماء.

يقول الدكتور توفيق بن عامر، في تقديم هذا الديوان إن "الخصيصة الإبداعية الرئيسة وذات الحضور الكثيف في هذا الديوان تتمثل في تواتر الصور الفنية المستوحاة من الطبيعة بشتى مظاهرها الحية والجامدة من حيوان وشجر وحجر وريح ومطر وعشب وماء وجبال وأودية وغيرها مما لا تكاد تخلو منه قصيدة من هذه المجموعة الشعرية".

وأضاف بن عامر: "الملاحظ أن هذه الظواهر لا ترد في متون القصائد اتفاقا بل إن الشاعر ليخضعها إلى ضربين من التوظيف خدمة للمعاني التي يعبر عنها وللأوضاع التي يعانيها".

وتابع: "جعل السيد بوفايد، من ديوانه الجديد ترجمانا لتجارب شخصية وتبيانا لما حل بنفسيته من وساوس حينا وطمأنينة ورضا حينا آخر".

"فهو يعيش تجربة تقوم بالأساس على إحساس حاد بالاغتراب في خضم الواقع الذي يعيشه كما يتجلى ذلك سواء في إنكاره لعلاقته باسمه أو مرارة فقدانه لوالده أو ما تركه ابنه المهاجر في حياته من فراغ"، وفق ما جاء في تقديم الديوان.

وتتواتر صورة "الفراشات" ويتكرر لفظ "البهجة" في غير موضع من قصائد هذا الديوان، الذي بدا فيه السيد بوفايد "مستبدا بكلماته" منتقيا إياها على نحو كبير من الدقة وبكثير من الحرص على أن يكون كل لفظ معبرا عن الرسالة التي يريد إيصالها إلى المتلقي بكامل معانيها.

ولا تخلو لغة هذا الديوان من إشارات إلى تفاصيل دقيقة في حياة الشاعر، لعل أبرزها محطة فارقة في حياته، وهي وفاة والده.

وأعادت هذه المحطة الكاتب سنوات طويلة إلى الوراء مستحضرا شيئا من طفولته، من ضعفه وحاجته إلى قدوة تنير دربه وحضن منه يستلهم سكينة روحه.

وبالمثل يبدو الشاعر ممزقا بالمشاعر ذاتها وهو يستحضر غربة ابنه بكلمات مفعمة بالشوق والصدق والبراءة، حتى لكأنه يرنو إلى أن يصنع من شوقه طائرة ورقية تأخذه إلى حيث يقيم ابنه.

ويذكر أن السيد بوفايد، هو شاعر تونسي وعضو اتحاد الكتاب التونسيين وعضو منظمة شعراء العالم.

وسبق أن أصدر خمس مجموعات شعرية وهي "ثمة شيء غامض" (2005) و"احتشاد الأسئلة" (2007) و"رياح الشتات" (2009) و"يهطل على ظفائرها البهاء" (2015) و "كما الذئب في الخمسين" (2017).

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com