"السلطة الرابعة".. مونودراما تونسية تروي صراع صحافي مع السلطة و"المال"
"السلطة الرابعة".. مونودراما تونسية تروي صراع صحافي مع السلطة و"المال""السلطة الرابعة".. مونودراما تونسية تروي صراع صحافي مع السلطة و"المال"

"السلطة الرابعة".. مونودراما تونسية تروي صراع صحافي مع السلطة و"المال"

تطرح مسرحية "السلطة الرابعة" للمخرج عبد القادر بن سعيد رؤية فنية لمسيرة شخصية خاضت تجربة الصحافة لتنتهي بالخيبة والإحباط.

وشهدت قاعة الفن الرابع بالعاصمة تونس العرض الأول للمسرحية التي كتبها الصحافي ناجي الزعيري وهي من صنف "المونودراما" التي جسّدها بمهارة الفنان خالد هويسة على خشبة المسرح.

وكما يوحي بذلك عنوان المسرحية، تنقل "السلطة الرابعة" الجمهور إلى عالم الصحافة المطبوعة الخاص للغاية، من خلال رحلة الشخصية المركزية علي الشامخ، الصحافي الذي امتدت مسيرته على مدى عقدين من الزمن (1990-2010)، بين أحلام العظمة والشهرة وخيبة الأمل والانحلال.

وتروي المسرحية مسار رحلة "فارس القلم" الذي حلم منذ أن كان على مقاعد الجامعة، بأن يصبح صحفيًا بارزًا معترفًا به ومؤثرًا.



وكما يشير إلى ذلك اسمه "علي الشامخ" فإنّ هذه الشخصية متكبرة وفخورة ومتغطرسة، وقد كان الرجل شغوفًا بالشعر وكلاسيكيات الأدب العربي، مشبعًا بالمبادئ والقيم، يخطو خطواته الأولى في المهنة، وهو مصمم على أن يؤدي رسالة الصحافة النبيلة قدر استطاعته.

وكانت عقيدته في المهنة الجودة والحقيقة والصرامة والنزاهة واحترام الأخلاق والقراء،لكن سرعان ما يواجه البطل الواقع القاسي.

وقصة المسرحية مبنية على نمط "الاسترجاع" (الفلاش باك)، وهي عملية مستعارة من السينما، وعلي الشامخ اليوم هو رجل عجوز مكسور ووحيد وغاضب، أشعث اللحية وأبيض الشعر مغطى برداء عتيق، يعود بالزمن ويصرخ بغضبه ويروي رحلته، بين الحنين والندم، يروي أحلامه وآماله وخطواته الأولى في المهنة الصحفية، حيث بداية خيبات الأمل والأوهام والقيود وضغط القوى السياسية والاقتصادية، هؤلاء الخصوم الذين يعرقلون عمل الصحفيين.

وفي المسرحية إبراز لمعاناة الصحفي الذي يواجه ضغوطًا من السلطة ومن رئيسه في العمل ومن الرقابة وانتهاك النظام والأخلاقيات الصحفية، ليبقى التساؤل مطروحًا هل سيقاوم أم أنه سيستسلم لإغراء المال؟.

ومن خلال أحداث المسرحية تبين أن علي الشامخ شخصية مناقضة للبطل الذي بدأ في أول مسيرته، حيث يدوس على كل مبادئه وعقائده ويدير ظهره لأخلاقيات المهنة لإقامة روابط خطيرة مع السلطة السياسية وعالم الأعمال، والأسوأ من ذلك، يردد جملته التي تكشف عن حقيقته: "أنا مجرد صاعقة في آليات النظام".

ومع ثورة يناير/كانون الثاني 2011 في تونس كان الشامخ مستعدًا للقيام بكل الخطوات التي تثبت انتهازيته، سيقلب سترته وينجح سريعًا في ارتداء أكبر عدد من السترات وربطات العنق، من جميع الألوان والأشكال، بسهولة تبعث على القلق حيث بدا من الواضح أنه لم يتعلم الدرس.

ولا تخلو المسرحية من جوانب من السيرة الذاتية لكاتبها ناجي الزعيري الذي يعمل الآن كاتب عمود في الإذاعة والتلفزيون، وعمل قبل الثورة في الصحافة المكتوبة، وهو يعرف شيئًا عنها، وقد بدا النص مكتوبًا بشكل جماعي مع المخرج والممثل بأسلوب وصفي وسردي إلى حد ما، يتمحور حول الشخصية المركزية من خلال طرح عدة أسئلة حول استقلالية الصحفي والرقابة وحرية التعبير واعتماد وسائل الإعلام على السلطة السياسية ورأس المال.

وعلى الرغم من الجوهر المأساوي لبعض المواقف فإنّ المسرحية لا تخلو من الفكاهة والمواقف التي يمكن تصنيفها ضمن "الكوميديا السوداء" مثل توقيع الصحفي الذي يختفي خلال مرحلة الطباعة وتداخل الوظائف والأدوار بين الصحفيين ورسامي "الكاريكاتور" والممثلين والمحامين وغيرهم من الدخلاء على المهنة الصحفية، وهي من الموضوعات التي أثيرت بشدة في تونس خلال السنوات التي تلت ثورة 2011.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com